أكبر عملية احتيال في التاريخ.. خسائرها 50 مليار دولار

أثارت تساؤلات عما إذا كان مادوف نفذها لوحده

برنارد مادوف (أ.ب)
TT

على مدى عدة أعوام، كان المستثمرون والمنافسون ومأمورو الضرائب يتعجبون من قدرات برنارد مادوف السحرية، ولكن يوم أول من أمس الجمعة، وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة من إلقاء القبض على تلك الشخصية البارزة في وول ستريت، إثر اتهامات ذات صلة بما وصفته السلطات بأنه أكبر عملية احتيال مالي في التاريخ، بدأت أسئلة صعبة تطفو على السطح، حول ما إذا كان مادوف يعمل بمفرده، ولماذا لم يتم اكتشاف عملية الاحتيال في وقت مبكر. وفي الوقت الذي يقوم فيه المستثمرون، بدءا من «بام بيتش»، مرورا بنيويورك ووصولا إلى لندن، بحساب خسائرهم يوم الجمعة، التي وصفها مادوف نفسه بأنها عملية احتيال قيمتها 50 مليار دولار، سيطرت السلطات الفيدرالية على ما تبقى من شركته وبدأت تحقق في حساباتها. ولكن بعض المستثمرين يقولون إنهم شككوا قبل أعوام في البراعة الفائقة المفترضة التي تميزت بها استثمارات مادوف، مشيرين إلى عوائده الثابتة بصورة غيرة طبيعية واستراتيجية استثماراته غير الواضحة ومكتب المحاسبة المغمور الذي يراجع حساباته. وعلى الرغم من ذلك، ظلت شركات صناديق التحوط تروج لأموال مادوف أمام صناديق وأفراد آخرين. وأخيرا، أخذت بنوك، مثل الشركة اليابانية «نومورا»، تحث المستثمرين لصالح مادوف على المستوى العالمي. وبدت لجنة سوق المال والأوراق المالية، التي حققت مع مادوف عام 1992، ولكنها برأته من القيام بأي تصرف خاطئ، وكأنها فوجئت بتهم الاحتيال. وفي الوقت الحالي، يمكن القول بأن هناك عشرات الآلاف من المستثمرين يعانون من خسائر، تتراوح بين خسائر خطيرة ومدمرة. وقالت بعض العائلات يوم الجمعة، إنها تعتقد أنها خسرت كل مدخراتها. وقالت مؤسسة خيرية في ماساتشوسيتس، إنها خسرت بالأساس وقْفها بالكامل وسوف تضطر إلى الإغلاق. وحسبما أفادت شهادة أقسم عليها عملاء فيدراليون، فإن مادوف نفسه قال إن عملية الاحتيال بلغت في مجملها قرابة 50 مليار دولار، وهو الرقم الذي يجعل من أي عملية احتيال سابقة عملية بسيطة مهما بلغ حجمها. في البداية، بدا الرقم ضخما بصورة مستحيلة، ولكن مع صدور تقارير الخسائر يوم الجمعة، بدا رقم 50 مليار دولار مقبولا، حيث قالت شركة استشارية لأحد صناديق التحوط، «فاير فيلد غرين ويتش غروب» يوم الجمعة إن عملاءها كانوا يستثمرون 7.5 مليار دولار مع مادوف. ويعد انهيار شركة مادوف ضربة أخرى في عام يشهد خرابا بالنسبة لوول ستريت والمستثمرين. وعلى الرغم من أن شركة مادوف لم تكن صندوق تحوط، فإنه يحتمل أن يزيد مدى عملية الاحتيال من الضغط على صناديق التحوط، كي تقبل قدرا أكبرا من التنظيم والشفافية وتحمي مستثمريها. وفي يوم الخميس، قال مكتب التحقيقات الفيدرالي ولجنة سوق المال والأوراق المالية، إن شركة مادوف «برناند مادوف انفستمنت لتداول الأوراق المالية»، قامت بعملية احتيال ضخمة، تم خلالها الدفع للمستثمرين الأوائل من أموال جمعت من ضحايا لاحقين، حتى تعذر جمع أي مال آخر، وانهارت الخطة كاملة. والطبيعي، أن معظم عمليات الاحتيال الكبرى تنهار سريعا بصورة نسبية، ولكن هناك أدلة بسيطة على أن عملية مادوف قد تكون استمرت لمدة أعوام أو حتى عقود، حيث يقول أحد العملاء في بوسطن إنه حاول تحذير لجنة سوق المال والأوراق المالية من العملية في عام 1999، كما أن صحيفة «بارونز» الأسبوعية أثارت الشكوك حول عوائد مادوف واستراتيجيته في عام 2001، على الرغم من أنها لم تتهمه بالقيام بأي تصرف خاطئ. لم يكن مادوف يدير صندوق تحوط في الحقيقة، ولكنه كان يدير حسابات لصالح مستثمرين داخل شركته لتداول الأوراق المالية. والفارق مهم على صغره، فمحافظ صناديق التحوط تكون في بنوك وشركات سمسرة مثل «جي بي مورغان تشيز» و«غولدمان ساكس»، ويمكن لمراجعين من الخارج فحص هذه البنوك وشركات السمسرة للتأكد من أن الصناديق موجودة بالفعل.

* خدمة «نيويورك تايمز»