الأزمة المالية تنعش استخدام العلامات التجارية الخاصة بالسوبرماركت

طريقة تسويقية جديدة في ظروف الركود الاقتصادي

تمثل المنتجات التي تحمل العلامات التجارية للمحلات 40 في المائة من السلع المعروضة («نيويورك تايمز»)
TT

قضت لندا سيفرين، نائبة رئيس شركة «كروغر»، العامين الماضيين تبتكر منتجات جديدة تبيعها تحت العلامة التجارية لسلسلة المحلات التابعة للشركة، وقد كانت المنتجات التي ابتكرتها، مع أنها غير مرتفعة الأسعار مقارنة بالعلامات التجارية الوطنية، أغلى من المنتجات القديمة التي كانت تحمل أيضا العلامة التجارية لسلسلة المحلات. وكان من بين هذه الأشياء: بيتزا وكعك توضع عليه صور الأميرات. وما كان لسيفرين أن تجد وقتا أفضل من الوقت الحالي.

فمع تردي الاقتصاد داخل البلاد ودخوله إلى منعطف ركود كبير، نجد قطاع محلات البقالة من القطاعات القليلة التي ما زالت تعمل بصورة جيدة، ويرجع ذلك إلى أن الزبائن الذين يعانون من قلة السيولة أصبحوا يأكلون خارج المنازل بدرجة أقل، ويشترون من المحلات التجارية بكميات أكبر. وقد أصبحت المنتجات التي تحمل العلامة التجارية للمحلات، والتي كانت أرخص مقارنة بتلك التي تحمل العلامات التجارية الوطنية وأكثر ربحا للبقالين، في وضعية جيدة بصورة خاصة. وأخذت محلات البقالة، وفي مقدمتها السلاسل الكبرى مثل «ترادر جويز» و«كروغر» و«ويغمانز» و«سيف واي»، توسع في المنتجات التي تحمل علاماتها التجارية على حساب البيع غير المرخص بعلامة تجارية والسلع المقلدة. وفي الوقت الحالي، يقوم بائعو التجزئة بإضافة سلع تحمل علامة المحل التجارية مجانا، مثل المنتجات الحيوية، كما يقومون بإنتاج منتجات خاصة بها ليس الهدف منها منافسة منتج آخر. وعلى سبيل المثال، قام فريق تقوده سيفرين، نائبة رئيس «كروغر» للعلامات التجارية المشتركة، بإنتاج بيتزا يمكن إعدادها في الميكروويف خلال ثلاث دقائق، لتكون وجبة خفيفة للأطفال عندما يعودون من المدارس. وتقول سيفرين: «أعد هذه للأمهات، ويعد هذا (المنتج) مثالا جيدا، حيث أننا لم نسرق علامة تجارية وطنية، ولكننا فكرنا كيف يمكننا تقديم ما يبحث عنه عملاؤنا؟». وقد ارتفعت قيمة مبيعات منتجات المحلات ذات العلامات التجارية بنسبة 10 في المائة خلال الـ52 أسبوعا التي سبقت الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) مقارنة بنسبة 3 في المائة في أرباح المنتجات الشهيرة، حسب ما أفادت به شركة «نيلسن» لأبحاث السوق. وقد وجدت شركة «نيسلن» أنه في الوقت الحالي، تمثل المنتجات التي تحمل العلامات التجارية للمحلات قرابة 22 في المائة من المنتجات التي تباع في محلات البقالة، مقارنة بـ 20 في المائة قبل عام. وفي «كروغر»، نجد أن المنتجات التي تحمل علامتها التجارية تمثل 26 في المائة من مبيعات المحلات. وفي ظل المناخ الاقتصادي الحالي، توحي الأرقام بأن الكثير من المتسوقين يميلون إلى تجربة المنتجات الجديدة التي تحمل العلامات التجارية للمحلات، ويقول المتسوقون إنهم لا يستطيعون مقاومة الأسعار المنخفضة للمنتجات التي تحمل العلامات التجارية للمحلات، خاصة بالنسبة للسلع الأساسية مثل الحليب والسكر والجبن. ويقول كيم ديتلبرغر، الذي يبلغ من العمر49 عاما: «تعد تلك المنتجات أقل ثمنا، ولها نفس المذاق الجيد، وفي الوقت الحالي تكتسب هذه المنتجات أهمية أكبر في ظل تراجع الاقتصاد.» ويقول جين بنديكيت ستينكامب، أستاذ التسويق في جامعة شمال كارولينا، إن الفترات السابقة التي كانت تشهد ركودا اقتصاديا كانت تدفع الزبائن إلى شراء منتجات بديلة عن تلك التي تحمل العلامات الوطنية. ويضيف أنه في الوقت الحالي قد تستمر المكاسب لأن جودة المنتجات التي تحمل العلامات التجارية للمحلات قد تحسنت. ويقول ستينكامب، الذي شارك في تأليف كتاب عن استراتيجيات المنتجات التي تحمل علامات خاصة: «في بعض الأحيان، سيكون الأمر مخيب للآمال، ولكن في الأغلب ستكون النتائج أفضل من المتوقع».

وبالإضافة إلى الاقتصاد الضعيف، يعكس نمو المنتجات التي تحمل العلامات التجارية للمحلات تحول مهم في توازن القوى بين مصنعي الأغذية المعبأة وبائعي التجزئة، ففي الوقت الذي تنمو فيه سلاسل البقالة بصورة أكبر، نجدها قادرة على ملء أرففها بمنتجاتها الخاصة، الأمر الذين يدر أرباحا أكثر ويحوز على ثقة العملاء بدرجة أكبر، وكل هذا على حساب العلامات التجارية الكبرى. ويقول أليكس ميلر، رئيس «دايمون ورلد وايد»، سمسار السلع التي تحمل علامات المحلات التجارية: «لم تعد العلامات التجارية تسيطر بنفس الدرجة، فقد أصبح بائع التجزئة المتحكم في ما يحدث داخل محلاته».

وقد كانت الزيادة في مبيعات السلع التي تحمل العلامات التجارية للمحلات بمثابة هدية لبعض المصنعين، فبعض هذه المنتجات تقوم على إعدادها شركات أغذية كبرى مثل «كون أجرا فوودز» و«سارا لي»، ومع ذلك، تصنع الكثير من المنتجات شركات لا يسمع عنها إلا القليل من العملاء مثل «رالكورب هولدنغز» (الحبوب والكعك والبسكويت) و«جونا فوودز» (الزبادي وعصير الفواكه) و«تري هاوس فوودز» (الحساء ومرق السلطة والصلصة). ويقول سام ريد، رئيس «تري هاوس فوودز»: «من يكسب في محلات التجزئة هي المحلات التي لا تريد أن تكون مجرد مخازن للعلامات التجارية الوطنية والتي تقوم ببناء علامتها الخاصة بها». ويضيف ريد أنه بدأ العمل في «تري هاوس» خلال عام 2005 لأن «العلامات الخاصة كانت تنمو بصورة مطردة بمعدل أسرع، مقارنة بالأغذية التي تحمل علامات تجارية، وكان ذلك يحدث في الكثير من الأصناف».

وبالطبع، تشكك شركات الأغذية الكبرى في أن المنتجات التي تحمل العلامات التجارية الخاصة بالمحلات في نفس درجة جودة منتجاتها، ويقولون إن المنتجات التي تحمل علامات تجارية كبرى يكون لها مذاق وجودة أفضل يبرر أسعارها. ويقول مايكل ميتشل، وهو متحدث باسم «كرافت فودز»: «نحن ملتزمون بتقديم منتجات لها مذاق رائع لعملائنا وهي تمثل قيمة جيدة أمام أي منافس آخر».

ويقول آخرون إن مصنعي المنتجات التي تحمل علامات المحلات التجارية للمحلات ليسوا قادرين على محاكاة بعض السلع المشهورة في الولايات المتحدة، مثل «تشريوس» و«بودويسر» و«براوني»، وتبيع محلات البقالة منتجات تبدو مثل تلك الخاصة بـ«تشريوس» أو مثل «هاينز كاتشب»، ولكن بالنسبة للكثيرين فإن هذه السلع المقلدة لا يكون لها نفس المذاق.

ويقول شارون فري، وهو متسوق في «كروغر» يبلغ من العمر 42 عاما كان يجرب آيس كريم كروغر للمرة الأولى: «يعتمد الأمر بصورة كبيرة على نوعية المنتج، فلا مشكلة إن كانت السلع هي البيض. وسوف أشتري هاينز، حيث أفضل هاينز كاتشب». وقد تطورت المنتجات التي تحمل العلامات التجارية للمحلات على مدى الأعوام، بدء من السلع المصنوعة في المنازل مثل الكروت الذي كان يبيعه مؤسسة «كروغر» بارني كروغر، إلى السلع المقلدة التي كانت تباع في السبعينات من القرن الماضي. وفي الثمانينات، استعار داف نيكول، وهو مسؤول تنفيذي كندي في محل بقالة، من محل بقالة بريطاني فكرة تقديم منتجات تحمل علامة المحل التجارية مجانا، مثل الكعك المحلى بالشوكولاته، وكان نيكول، الذي كان يعمل مسؤولا تنفيذيا في سلسلة لوبلوس، يبيع كعك محلاة تحت شعار «اختيار الرئيس»، وخلال عامين كانت هذا المنتج ـ الكعك ـ هو الأكثر مبيعا في كندا. وفي الولايات المتحدة، يعتنق عدد متزايد من بقالة التجزئة فلسفة نيكول، ومعهم شركة «كروغر». وقد قامت سلسلة محلات «كروغر» التي تتخذ من مدينة سينسيناتي مقرا لها والتي تعد ثاني أكبر سلسلة بقالة في الولايات المتحدة بعد «وول مارت»، بتوظيف سيفرين قبل عامين لتوسيع المنتجات التي تحمل علامة «كروغر» التجارية، والتي تتضمن صفا متوسطا يتنافس مع العلامات التجارية الوطنية وصنف مجاني. وتقول سيفرين، وهي خبيرة في العلامات الغذائية الكبرى، إن نموذجها لا يوجد له منافسين في الولايات المتحدة، ولكنه يتنافس مع محلات البقالة في كندا وأوربا، حيث تمثل المنتجات التي تحمل العلامات التجارية للمحلات 40 في المائة من السلع المباعة. وتضيف إن تركيزها كان على تطوير المنتجات لتقدم شيئا أكثر من مجرد السعر المنخفض، مثل محتويات مجانية أو طريقة تعبئة مبتكرة. وخلال جولة في محل بمدينة لفلاند بولاية أوهايو، أشارت سيفرين إلى سلع معبأة تحمل العلامة التجارية للسلسلة لخضروات جاهزة كي تعد سريعا باستخدام المايكروويف ومصابيح فلوريسنت مدمجة صديقة للبيئة وطعام للكلاب معد باستخدام محتويات طبيعية. وتقول سيفرين إنها تشعر بالفخر لمنتج عبارة عن زجاجة 12 بوصة تحتوي على صابون يد له رائحة مثل زهر الكرز وجوز الهند، وكان شعار «كروغر» يظهر بالكاد على الصابون. وتوضح قائلة إن المتسوق النمطي يبحث عن صابونة «تبدو جيدة وتكون رائحتها زكية»، ولكنه لا يريد شعار كبير لـ«كروغر» باديا أمامه. وقد كانت صابونة «كروغر» أرخص مقارنة بصابونة «سوفت سوب»، وهي علامة وطنية مشهورة. وفي الوقت الذي تقوم فيه سلسلة «كروغر» بإنتاج منتجات أغلى، فهي تحرص على وجود منتجات معينة قد تكون غير جميلة المظهر على أرففها، لأن الكثير من المتسوقين يفضلونها لسبب واحد وهو أنها رخيصة، ومن أكثر المنتجات مبيعا في «كروغر» أربع لفات من ورق التوليت يبلغ سعرها 77 سنتا. وتقول سيفرين: «في الواقع، لا يمكن مقاومة هذا السعر».

* خدمة «نيويورك تايمز»