المؤسسات الإماراتية بدأت بتقليص ميزانية زيادة الرواتب أو تجميد التعيينات أو الاستغناء

مسح عالمي: الأزمة المالية تتسبب في تغيرات كبيرة في برامج الأجور

TT

ارتفع عدد المؤسسات التي تتوقع أن تكون نتائج أعمالها أسوأ بكثير من المستويات المستهدفة لعام 2008 إلى أكثر من الضعف منذ شهر مارس(آذار)، وذلك وفقا لآخر مسح عالمي للرواتب والتوظيف.

وعندما أُجريت دراسة مماثلة في مارس(آذار) 2008، لم يكن هناك سوى 12 في المائة من المؤسسات التي تتوقع أن تكون نتائج أعمالها أسوأ بكثير من المستويات المستهدفة، ولكن بعد ذلك بثمانية أشهر، قفز هذا الرقم إلى 31 في المائة. كما أن 62 في المائة من المؤسسات تشير إلى أن نتائج أعمالها تمضي في مسارها المخطط، ومن المتوقع أن تكون قريبة من المستويات المستهدفة لعام 2008. ومن بين 2589 مؤسسة موزعة على 6 قارات استجابت لهذا المسح، كانت أفريقيا والشرق الأوسط المنطقتين الأقل تأثرا بالانكماش في النشاط التجاري، حيث أفادت 9 في المائة فقط من الشركات الأفريقية عن تحقيق نتائج أعمال أقل كثيراً من المستهدف.

وأظهرت الدراسة التي أجرتها شركة الاستشارات الإدارية «هاي غروب» أن أداء المؤسسات في الشرق الأوسط كان جيداً، إذ لم تسجل سوى 12 في المائة من الشركات الشرق أوسطية عن تحقيق نتائج أعمال تقل كثيرا عن المستهدف، رغم أن الأخبار على مدى الشهرين الماضيين كانت تدل على أن آثار التباطؤ العالمي كافة بدأت تؤثر في أسواق المنطقة. وقد شهدت المنطقة بعضا من أعلى الزيادات في الرواتب الأساسية خلال العام الماضي وذلك بنسبة 15 في المائة، ولكن المؤسسات تقلص خططها لعام 2009، حيث سيتم تخفيض نسبة الزيادات المتوقعة من 12 في المائة إلى 8 في المائة في المتوسط، مع نسبة تصل إلى 10 في المائة لأصحاب الأداء المتميز. ووفقاً للدراسة، فمن المتوقع أن ينخفض هذا الرقم أكثر من ذلك، حيث أن هناك 48 في المائة من المؤسسات في الشرق الأوسط تفكر في إجراء تعديلات على الرواتب الأساسية. كما أن هناك نسبة كبيرة ـ تبلغ 35 في المائة من الشركات في المنطقة ـ أجرت تعديلات على العلاوات في 2008 نتيجة الاستشراف الاقتصادي المحاط بالشكوك، أيضاً هناك 35 في المائة من الشركات تتطلع إلى إجراء تعديلات في 2009. وقليل من هذه المؤسسات تستخدم الحوافز طويلة المدى في الشرق الأوسط، أما التغيرات في ممارساتها فترجع إلى العوامل التنظيمية الأخرى. وأشارت الدراسة إلى أن 32 في المائة فقط من المؤسسات تتوقع تجميد أو تخفيض مستويات العمالة لديها، وهي نسبة أقل من المتوسط العالمي البالغ 48 في المائة، ولكن المعلومات التي وردت أخيرا عن السوق تشير إلى أن عددا متزايدا من المؤسسات ستجمد مستويات العمالة بها أو تخفيضها، كما أن زهاء 23 في المائة تدرس إجراء ـ أو بدأت تجري فعلا ـ تغييرات في برنامجها الإداري الخاص بالأداء.

وقال بيتر كريستي، مدير استشارات المكافآت في هاي غروب الشرق الأوسط، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت المؤسسات في الإمارات تستجيب للظروف الاقتصادية العالمية المتفاقمة بتقليص ميزانياتها الخاصة بزيادة الرواتب للعام المقبل 2009، أو تجميد التعيينات أو حتى الاستغناء عن خدمات بعض العمالة الحالية. ورغم أن الإمارات لم تتأثر على نحو خطير مثل بعض الدول الغربية، فإن المؤسسات تواجه ضرورة تقليص التكاليف وتعديل نطاق عملياتها بما يتماشى مع انخفاض مستويات الطلب». وأضاف كريستي «إن المؤسسات الناجحة هي التي تتجنب القرارات المتهورة، وتنفذ عملية التخفيض بحرص، وتتمسك بأصحاب المواهب المتميزة، وتستخدم كافة سياسات المكافآت المتاحة تحت تصرفها. والأهم من ذلك كله، يجب على هذه المؤسسات أن تتواصل مع موظفيها بشكل واضح وصريح وعلى نحو متكرر».

وأردف قائلاً «تظهر الأرقام أن المنطقة ليست بمعزل عن آثار التباطؤ العالمي، ولكن الأثر المباشر اقتصر على القطاعين العقاري والمصرفي، ومعظم دول الشرق الأوسط تواصل تنبوءها بتحقيق نمو في إجمالي الناتج المحلي لعام 2009، وإن كان بمعدل أبطأ من عام 2008». واشار الى انه «من المتوقع تؤثر قطاعات أخرى من الاقتصاد خلال العام المقبل مع احتمال أن تكون القطاعات التي تعتمد على الإنفاق الاستهلاكي الاختياري ـ ولاسيما من الخارج ـ هي الأكثر تأثرا. ومع اعتماد المنطقة اعتمادا كبيرا على قطاع النفط والغاز، فإن الكثير سوف يعتمد على المسار المستقبلي لسعر النفط. فلو ارتد السعر ـ كما هو متوقع ـ نوعا ما، فسوف تكون هناك أموال كافية في خزانات الدول لاجتياز أسوأ آثار الانكماش في النشاط التجاري».

ومن جهته قال نيكولاس بولتر، المدير العالمي لتطوير العملاء وخدمات المكافآت في هاي غروب «رغم أن جميع المناطق والدول والصناعات لم تتأثر على حد سواء، فإن كثيرا من المؤسسات تشعر على الأقل ببعض آثار الانكماش في النشاط التجاري. وفي ظل الشكوك المحيطة بالاستشراف الاقتصادي العالمي، فإن المؤسسات تتوخى الحذر من زيادة التكلفة الثابتة للرواتب الأساسية، وكثير منها يفضل جانب الحذر بتأجيل أو تخفيض الزيادات في الرواتب أو تجميد الرواتب، كما أنها تستعرض برامجها الخاصة بالمكافآت من أجل التركيز على استبقاء أصحاب الأداء المتميز».

تجدر الإشارة إلى أن قطاع التجزئة يعد من القطاعات الأكثر تضرراً، حيث تتوقع نسبة 63 في المائة من مؤسسات التجزئة التي استجابت للمسح تحقيق نتائج أعمال سيئة نتيجة انخفاض الإنفاق الاستهلاكي وضيق السوق الائتمانية. أما الصناعات الأخرى، مثل النفط والغاز، فقد تمكنت من احتمال هذا الانخفاض الحاد بنجاح أكبر، حيث ان 19 في المائة من شركات النفط والغاز التي استجابت للمسح تتوقع تحقيق نتائج أعمال أفضل من المستويات المتوقعة. وخلصت الدراسة إلى نتائج عديدة أهمها:

* تجميد وتخفيض مستويات العمالة حول العالم: حوالي نصف المؤسسات (48 في المائة) عالمياً تقوم بتخفيض أو تجميد مستويات العمالة لديها، وذلك بعد أن كانت هذه النسبة تبلغ 20 في المائة في الدراسة التي أجريت في شهر مارس(آذار). أما بالنسبة إلى المؤسسات التي تخطط للاستغناء عن بعض عمالتها، فتبلغ تخفيضات العمالة على المستوى المتوسط حوالي 7.5 في المائة، وهناك نسبة تبلغ 3 في المائة فقط من المؤسسات عالميا تخطط لزيادة مستويات العمالة.

* تقليص الزيادات في الرواتب الأساسية: واحدة من أكبر المجالات التي شهدت تخفيضات هي زيادات الرواتب الأساسية، حيث أن 65 في المائة من الشركات التي استجابت للمسح تجري تعديلات أو تفكر في إجراء تعديلات على ميزانياتها الخاصة بالزيادات في الرواتب الأساسية المقررة من قبل لعام 2009. ومن بين هذه المؤسسات، هناك 58 في المائة بدأت تخفض ميزانياتها، و24 في المائة بدأت تجمد أو تفكر في تجميد رواتب جميع الموظفين.

* برامج شؤون الموظفين التي تصطدم بعقبة التقليص: بدأت 16 في المائة من المؤسسات التي استجابت للمسح في تخفيض برامج التدريب والتطوير أو إلغائها. كما أن الشركات بدأت أيضا تخفض أجور ساعات العمل الإضافية (11 في المائة) واستخدام العمال المتعاقدين (17 في المائة)، ولكن معظمها تحتفظ ببرامج المزايا بدون مساس نسبياً عند هذه المرحلة، بما في ذلك برامج التأمين الصحي والتقاعد.

* العاملون يشعرون بالقلق حيال الأمان الوظيفي كأشد ما يكون: أفادت الشركات المستجيبة للمسح بأن أشد ما يقلق العاملين لديها هو الأمان الوظيفي والخوف من الاستغناء عن خدماتهم والمخاوف الخاصة بالراتب (بما يعني تخفيض المزايا أو تجميد الراتب)، وتكلفة المعيشة والتضخم، وانخفاض العوائد واستبقاء العاملين، وعدم دفع العلاوات.

* أشد ما يقلق الشركات هو أصحاب المواهب المتميزة: تماشيا مع النتائج التي توصلت إليها الدراسة التي أجريت في شهر مارس(آذار)، جاء على رأس مخاوف المؤسسات استبقاء خيرة أصحاب المواهب والمهارات المهمة والاحتفاظ برواتب تنافسية والقدرة على دفعها، والاحتفاظ بالتزام العاملين وشعورهم بالحافز، والتنمية المهنية والفرصة التدريبية، واستقطاب أصحاب المواهب الرفيعة والمهارات المهمة.