قادة «التعاون الخليجي» يتطلعون للوحدة النقدية وسط الأزمة المالية العالمية

خلال قمتهم السنوية المقررة يومي 29 و30 ديسمبر في مسقط

يعقد قادة مجلس التعاون الخليجي قمتهم وسط ازمة اقتصادية عالمية («الشرق الأوسط»)
TT

من المتوقع أن تهيمن على لقاء قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي الاسبوع المقبل الحاجة الملحة لاستعادة ثقة المستثمرين في ظل انخفاض حاد في أسعار النفط وأسواق الاسهم.

ومن المقرر أن يخرج قادة الدول مجلس التعاون الست من قمتهم السنوية يومي 29 و30 ديسمبر (كانون الاول) الحالي باتفاق على الوحدة النقدية واطار عمل لبنك مركزي خليجي في اطار سعيهم للوفاء بموعد نهائي في عام 2010.

وقد يتوصلوا كذلك الى اتفاق بشأن مقر البنك المركزي الاقليمي وهو ما يمثل عقبة سياسية خطيرة كانت قد عطلت مشروع الوحدة النقدية على مدى سنوات. لكن قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست الذين سيجتمعون في العاصمة العمانية مسقط يواجهون مخاوف أكثر الحاحا في ظل ظروف انهيار أسعار النفط وأزمة الائتمان التي عطلت مشروعات توسع مع تراجع بورصات الخليج بنحو 37 بالمئة هذا العام.

وبحسب تقرير لرويترز اعدته داليا مرزبان قال اقتصاديون انهم سيتطلعون لدلائل على أن دول مجلس التعاون الخليجي مستعدة للعمل معا بشكل أكثر وضوحا لمواجهة الازمة التي استجابت لها حتى الان أساسا عن طريق قرارات سياسية منفردة.

وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في بنك ساب وهو الوحدة السعودية لبنك اتش. اس.بي.سي في الرياض «ما يشغلهم في الوقت الراهن هو أثر الازمة على مجلس التعاون الخليجي. هذا في المقام الاول». وأضاف «الازمة علمتهم درسا مهما وهو أن عملات الاسواق الناشئة تضررت بشدة فأدركوا ان ربط عملاتهم بالدولار غير مفيد. ومن المنطقي أن تكون لهم عملة موحدة ومن الافضل التعاون في ذلك بدلا من الحلول المنفردة».

وتغيرت بدرجة كبيرة الخلفية التي يعقد عليها الاجتماع بالمقارنة باجتماع العام الماضي عندما كان ضعف الدولار وارتفاع معدلات التضخم يشكلان ضغوطا على الخليج للتخلي عن سياسة ربط العملات بالدولار الاميركي.

لكن الضغوط لاصلاح سياسات الصرف تراجعت تماما منذ ذلك الحين مع انتعاش الدولار وتحويل صناع القرار في الخليج لاهتمامهم من مكافحة التضخم الى مواجهة الازمة المالية العالمية التي وضعت نهاية لازدهار اقتصادي في الخليج دام ست سنوات. وسيشهد مجلس التعاون الخليجي الذي يضم السعودية والكويت والامارات وقطر والبحرين وعمان تراجعا سريعا في النمو الاقتصادي في العام المقبل.

وتتوقع السعودية بالفعل عجزا في الميزانية في عام 2009 وهو الاول الذي تشهده المملكة منذ عام 2002. وبدأ ازدهار أعمال البناء في دبي يتراجع مما أدى الى فقد العديد من الوظائف. ودفعت التوقعات السلبية أسواق الاسهم الخليجية للتراجع بشدة. وقال وزير الشؤون الاقتصادية العماني في تصريحات نشرت اليوم ان أسعار النفط انخفضت وأثر ذلك سيكون على جدول أعمال مناقشات القمة.

وقال بول جامبل مدير البحوث في شركة جدوى للاستثمار في الرياض «بالنسبة لهذه الاقتصاديات فان تعزيز الثقة أمر مهم... الاسواق لا تعكس أن هذه المنطقة في وضع يؤهلها لتحمل التباطؤ الاقتصادي وهذا هو التحدي الرئيس الذي يواجهه القادة».

ويقول الاقتصاديون انه أيا كانت القرارات التي سيتخذونها في الاجتماعات المغلقة في مسقط فان بيانهم الختامي من المستبعد أن يوضح بدقة كيف سيعالجون الازمة.

والمتوقع ان يركز قادة الخليج على كيف سيمضون قدما في الوحدة النقدية متغلبين على صعوبات تنفيذ الوحدة الجمركية ومناقشة وضع محادثات التجارة الحرة ودراسة جدوى مشروع اقليمي للسكك الحديدية بتكلفة 14 مليار دولار.

وفي الاسبوع الماضي قال الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية ان الوحدة النقدية سترى النور في القمة. وأضاف هذا الاسبوع أن الخليج في طريقه لاطلاق المجلس النقدي الذي سيكون نواة للبنك المركزي الاقليمي في عام 2009.

وكان الافتقار للارادة السياسية قد أخرج مشروع الوحدة النقدية الذي طرح في 2001 عن مساره فأعلنت عمان في عام 2006 انها لن تنضم للمشروع قبل شهور من خروج الكويت عن الصف وتخليها عن سياسة ربط عملتها بالدولار في مايو (أيار) عام 2007.

وقال فابيو سكاسيافيلاني الاقتصادي في مركز دبي المالي العالمي موضحا اراءه الشخصية وليس اراء حكومة دبي التي يعمل لديها «مجلس التعاون الخليجي يحتاج لتحديد اطار عمل مؤسسي للبنك المركزي الخليجي». وأضاف «ومن المهم تحديد سلطات وضع السياسات والمجلس النقدي والعملية الانتقالية حتى الوصول الى بنك مركزي بكامل سلطاته.» وأوصى مركز دبي المالي العالمي في سبتمبر (أيلول) بأن يؤسس المجلس بعد شهر من تصديق جميع دول الخليج العربية على الاتفاق وسيكلف بحلول عام 2010 بتحديد سعر تحويل كل عملة وطنية.

وقال سفاكياناكيس «مازلت أعتقد أنه اذا تعاونت السعودية والامارات سيمكنهما تحقيق الوحدة النقدية ليس في عام 2010 ولكن ربما في 2012 أو 2013». وأضاف «مقر البنك المركزي هو المسألة ذات الطابع السياسي الأكبر على طاولة المفاوضات بشأن العملة الموحدة. وعندما تحل القضايا السياسية ستحل القضايا».

من جهة أخرى ذكرت صحف امس أن اتحاد غرف التجارة لدول مجلس التعاون الخليجي حث زعماء الدول على بحث تداعيات الازمة المالية العالمية على المنطقة ووضع خطة لحفز النمو الاقتصادي بمشاركة القطاع الخاص.