وزير السياحة المغربي يعلن خطة استباقية لمواجهة آثار الأزمة العالمية

رفض سياسة تكسير الأسعار رغم احتدام المنافسة

محمد بوسعيد وزير السياحة المغربي خلال المؤتمر الصحافي («الشرق الاوسط»)
TT

أعلن وزير السياحة المغربي محمد بوسعيد، أول من أمس في الدار البيضاء، عن خطة استباقية جديدة لمواجهة الآثار المرتقبة للأزمة العالمية على أداء القطاع السياحي المغربي. وأفاد بوسعيد أن الخطة قد تم إعدادها في إطار عمل مشترك ساهم فيه كل المعنيين والمتدخلين في القطاع السياحي بالمغرب من العمومي والخاص. وأشار إلى أن الخطة الجديدة تهدف إلى صيانة مكتسبات المغرب والدفاع عن حصصه في السوق السياحية العالمية عبر تكييف خططه الترويجية مع التوجهات الجديدة للأسواق.

وقال بوسعيد «حتى الآن، يمكنني أن أؤكد أن القطاع السياحي المغربي بصحة جيدة، فقد حققنا نتائج رائعة في السنوات الأخيرة، وسنحقق نتيجة إيجابية أيضا هذه السنة إذ نتوقع أن ننهي سنة 2008 بنحو 7.9 مليون سائح بارتفاع 7 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، وذلك في الوقت الذي تتوقع فيه المنظمة العالمية للسياحة، أن لا يتعدى معدل نمو الرواج السياحي العالمي 2 في المائة خلال سنة 2008».

وأضاف بوسعيد، أن القطاع السياحي المغربي سيحافظ كذلك خلال سنة 2008 على موقعه كأهم مورد للعملة الصعبة بالنسبة للمغرب، رغم توقع ركود المداخيل السياحية خلال السنة الحالية، والتي يرتقب أن تعرف تراجعا طفيفا بنسبة 1 في المائة مقارنة مع السنة الماضية.

وأوضح بوسعيد أن الظرفية العالمية ستكون صعبة جدا خلال السنة المقبلة إذ تتوقع منظمة السياحة العالمية ركود الطلب السياحي. وقال «من مسؤوليتنا أن نكون حذرين وأن نتتبع إشارات السوق ونتكيف معها للمحافظة على حصصنا والدفاع عن مكتسباتنا».

وتتمحور الخطة الجديدة حول تسريع الحملات الترويجية التي يقوم بها المغرب عبر العالم وتكييفها مع توجهات السياح في ظرفية الأزمة.

وأوضح بوسعيد أن الخطط الترويجية ستركز على الأسواق السياحية التقليدية في الاتحاد الأوروبي، والتي يوجد فيها نحو 46 في المائة من الطلب العالمي، بالإضافة إلى الأسواق الجديدة في آسيا والشرق الأوسط، والتي لم تتأثر بالأزمة. وأشار إلى أن الحملات الترويجية لن تقتصر على المدن الكبرى فحسب وإنما ستتعداها إلى مدن الضواحي والمدن الصغرى. وستعطى أهمية كبيرة لوسائط الاتصال الجديدة، خاصة الانترنت. كما تولي الحملات الترويجية الجديدة للمغرب الأولوية لمواقع وشركات الحجز في آخر لحظة، مسايرة للتوجهات الجديدة للسياح، والتي تفضل أسفارا قريبة وقصيرة المدة.

وأشار بوسعيد إلى أن رواج السياحة المنظمة عبر شركات السياحة والسفر باتجاه المغرب، قد عرف تراجعا بنسبة 10 في المائة خلال العام الحالي، وذلك بسبب تغير نمط السفر وتفضيل السياح الأوروبيين للسفر الفردي الذي يتم ترتيبه بشكل ذاتي عبر الانترنيت على نمط السفر الجماعي الذي يتم ترتيبه من طرف الشركات المتخصصة. وقال إن ترتيب هذا النمط من السفر يعتمد على العروض المتوفرة على شبكة االانترنت، لذلك تولي الخطط الترويجية الجديدة للمغرب أهمية خاصة للمواقع التي يعتمد عليها في ترتيب مثل هذه الأسفار.

وأوضح بوسعيد أن المغرب بخلاف البلدان المنافسة يرفض مواجهة الأزمة عبر كسر الاسعار. وقال «لا نريد أن نكرس عن المغرب صورة بلد السياحة الرخيصة، نريد أن نحافظ على موقعنا كبلد للسياحة الراقية رغم الأزمة واحتداد المنافسة حول الأسعار». وتتجه الخطة الاستباقية في هذا المجال نحو طرح بدائل عن تخفيض الأسعار، من قبيل الاحتفاظ بنفس السعر بالنسبة للمنتجات المعروضة مع إعطاء هدايا ترويجية للزبائن الذين يشترون هذه المنتجات، من قبيل ليالي فندقية إضافية أو وجبات مجانية أو رحلات استكشافية، وغيرها من الخدمات التي يمكن أن تجعل المنتج أكثر جاذبية وتنافسية. ويقول بوسعيد «على الفاعلين السياحيين أن يكونوا أكثر ابتكارا في هذا المجال».

وأضاف بوسعيد أن الحكومة قررت زيادة الموازنة المخصصة للترويج السياحي في سنة 2009 بنسبة 10 في المائة، ورفعها إلى 550 مليون درهم (62.5 مليون دولار) لمواكبة المصاريف الإضافية للخطة الاستباقية. وأشار إلى أن القطاع الخاص عبر الفدرالية الوطنية للسياحة، تعهد بأن يساهم بمبلغ مماثل للزيادة التي قررتها الحكومة من أجل دعم الخطة الاستباقية.

وأعلن بوسعيد عن تشكيل لجنة مركزية لمتابعة تنفيذ الخطة الاستباقية، والتي تضم ممثلي الحكومة والقطاع الخاص، والتي ستقوم بزيارات لمختلف مناطق المغرب، قصد بحث سبل تطبيق الخطة في كل منطقة وتكييفها مع الخصوصيات الجهوية، وضمان تعبئة وانخراط كل الفاعلين في القطاع السياحي لتحقيق أهداف الخطة.

وأكد بوسعيد أن التوجهات العامة للمغرب في مجال السياحة وأهدافه البعيدة لم تتغير بسبب الأزمة. وقال «مازلنا متمسكين بأهداف رؤية 2010 الاستراتيجية، ومازلنا نعتبر القطاع السياحي قطاعا استراتيجيا باعتباره بوابة أساسية في مجال جلب الإستثمار وتوفير مناصب الشغل. مشيرا إلى أن كل المشاريع التي أطلقت في إطار رؤية 2010، والتي تهدف إلى الرفع من القدرة الاستيعابية للقطاع السياحي المغربي وتنويعه مازالت قائمة، ولم يتم التراجع عن أي مشروع».

وأضاف بوسعيد أن المغرب يترقب خلال السنة المقبلة انطلاق محطتين سياحيتين جديدتين ضمن المخطط الأزرق، وهما محطة السعيدية على الساحل المتوسطي في الشمال ومحطة مازاكان على الشاطئ الأطلسي قرب الدار البيضاء. ويرتقب أن يتم طرح 20 ألف سرير فندقي جديد خلال سنة 2009 مقابل 10 ألف سرير خلال السنة الجارية. وأوضح بوسعيد أن القدرة الاستيعابية الإجمالية للقطاع السياحي المغربي بلغت 155 ألف سرير مع نهاية 2008، وسترتفع إلى 270 ألف سرير في نهاية 2009، وهو ما يطرح تحديا كبيرا على القطاع السياحي المغربي لملء هذه القدرات في ظل ظرفية الأزمة العالمية.