السعودية: توقعات بتحول عجز الموازنة الجديدة إلى فائض بافتراض سيناريوهات نفطية محتملة

تقديرات مالية حصلت عليها «الشرق الأوسط» ترشّح فائضاً قد يصل إلى 58.3 مليار دولار أو عجزا قوامه 600 مليون

TT

مالت توقعات مالية إلى استطاعة تحّول «عجز» الموازنة السعودية للعام الجديد إلى «فائض» مع نهاية السنة الميلادية المقبلة، مستندة إلى ما يمكن أن يكون عليه سعر النفط ـ المصدر الرئيسي للدخل في البلاد ـ بافتراض سيناريوهات محتملة خلال الشهور المقبلة من العام المقبل. وكانت الموازنة المالية السعودية للعام المالي الجديد والتي أعلن عنها الاثنين الماضي قد أفصحت عن إيرادات تقديرية للدولة قوامها 410 مليارات ريال (109.3 مليار دولار) بانخفاض قدره 8.9 في المائة عن الموازنة السابقة مقابل نفقات تقديرية بقيمة 475 مليار ريال (126.6 مليار دولار) بزيادة 16 في المائة، مما يعني عجزا مرشحا قوامه 65 مليار ريال.

وقلل جون اسفيكاناكيس، رئيس الدائرة الاقتصادية في بنك ساب السعودي، من وقع العجز التقديري في الميزانية، إذ رأى قدرة الموازنة على التغطية بسهولة مستطردة بأن وضع موقف العجز في الموازنة سيكون بين أمرين يحددان مصيره. وبين اسفيكاناكيس أن الأمر الأول ينحصر في متوسط سعر النفط طيلة عام 2009، إذ سيحدد مدى استمرار تقدير العجز بينما الثاني درجة الإنفاق العامة التي ستطبق على أرض الواقع حيث يمكنها أن تفصح بشفافية عن قدرة تغطية العجز من عدمه خلال العام المقبل. أمام ذلك، قال بيت الاستثمار العالمي ـ أحد بنوك الاستثمار الخليجية ـ أن التباطؤ الاقتصادي في جميع أنحاء العالم لا يرسم صورة متفائلة للغاية عن وصول أسعار النفط إلى ارتفاع قياسي جديد في المستقبل القريب، إلا أنه توقع أن النتائج الفعلية لعام 2009 قد لا تتمثل في عجز في الموازنة مع تنبؤاتها المبدئية بأن تتجاوز النتائج أرقام الموازنة بما يؤدي إلى تحويل العجز في الموازنة إلى فائض. واستند بيت الاستثمار العالمي في توقعاته إلى القوى الكامنة التي تتمتع بها السعودية على الرغم من أنّ العام المقبل سيشهد انكماشا في الاقتصاد السعودي، لافتا إلى أن للعجز المالي المقدّر في الموازنة فرصا كبرى لكي يتحوّل إلى فائض.

وذكر البيت أنه بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها الحكومة السعودية والتزامها المستمر ستدعمه عوامل جديدة مثل الحد من التضّخم وانخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، والنظام المصرفي القوي، والطلب الاستهلاكي المحلي، لمواصلة خطة النمو الاقتصادي الكبير.

وقدر «الاستثمار العالمي» ثلاثة سيناريوهات مختلفة للتمويل الحكومي خلال العام المالي 2009 من خلال العوائد النفطية، إذ توقعت أن يتراوح الإنتاج النفطي السعودي من 7.5 مليون برميل يوميا في أسوأ الأحوال إلى 8.5 مليون برميل يوميا في أفضل الأحوال خلال عام 2009. وتنبأ بيت الاستثمار أن يتراوح سعر النفط العربي الخفيف من 55 إلى 65 دولاراً للبرميل في أسوأ الأحوال وأفضلها، بينما ستبلغ قيمة النفقات الإجمالية المتوّقعة وفقا لتحليلها بين 25 إلى 27 في المائة مقارنة بالنفقات الحكومية المقدّرة في موازنة عام 2009. وشدد البنك الاستثماري العالمي أن جميع سيناريوهات متحفظة وتأخذ بعين الاعتبار الهبوط الحالي في أسعار النفط ومستويات إنتاجه حسب قرارات منظمة «أوبك»، مشيرة إلى أن سياسة إعداد تقديرات متحفِّظة لإيرادات الموازنة يعود إلى حقبة الثمانينات نتيجة لارتفاع الدين الحكومي، واختلال الموازنة، وبلوغ معدل الفائض أدنى مستوياته. ويرى بيت الاستثمار أن إستراتيجية التحفظ في التقديرات الحكومة السعودية أدت إلى مفاجآت إيجابية في الأداء الاقتصادي لنهاية العام، كما ساعدت الدولة على بناء احتياطات كبيرة.

وعاد بيت الاستثمار العالمي إلى توقع أن تسجل السعودية عجزا في حدود 2.3 مليار ريال في أسوأ السيناريوهات احتمالا بينما يمكن أن تسجل فائضا ماليا يتراوح بين 79.5 إلى 218.7 مليار ريال في أفضل وأكثر الاحتمالات. وتعكس تقديرات الموازنة الآثار المترتبة لتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي على السعودية ـ أكبر مُصدِّر للنفط في العالم وأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط ـ غير أن تصريحاتها المتعلّقة بزيادة الإنفاق وتوّقعاتها ببناء احتياطات هائلة بفضل الطفرة النفطية الأخيرة تعطي الثقة بأنّ الاقتصاد السعودي قادر على إدارة ضغوط الانكماش العالمية على النحو الملائم.