أميركا: السرقة.. مشكلة أخرى أمام تجار التجزئة

إلى جانب تحديات أخرى يواجهونها بسبب الأزمة المالية

TT

ألقى بائعو التجزئة باللائمة على الأزمة المالية العالمية في عدد من المشاكل التي ظهرت خلال العام الماضي، مثل تراجع المبيعات والتسريح الجماعي للموظفين وطلب العديد من المؤسسات إشهار إفلاسها. وفي الوقت الحالي يرون الوضع الاقتصادي سببا في الارتفاعات الأخيرة في معدلات السرقة في المحلات. ومع أن بائعي التجزئة الأفراد لا يوردون علنا بيانات عن الجرائم، أظهر استطلاع شمل 52 سلسلة محلات تجارية خلال الشهر الحالي أجرته رابطة قيادات صناعة التجزئة أن 84 في المائة (من المحلات) أوردت زيادة في عمليات السرقة منذ بدأ الركود الاقتصادي. وأشارت 80 في المائة من المحلات إلى أن الجرائم المنظمة في قطاع التجزئة شهدت ارتفاعا هي الأخرى، وقال أكثر من نصف من شملهم الاستطلاع أن حوادث السرقة والسطو ارتفعت أيضا. ويقول براد بركي، نائب رئيس حماية الأصول في شركة «تارجت» لتجارة التجزئة: «هؤلاء السيئون أذكياء، يعرفون ما إذا كانت الظروف معهم أم ضدهم، وإذا رأوا أنها في صالحهم، يستغلونها».

وفي منطقة واشنطن، قالت شرطة مدينة الإسكندرية إن هناك أعدادا أكبر من التقارير عن حوادث السرقة خلال كل شهر من العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، ومع ذلك فقد توقعوا تراجعا خلال شهر ديسمبر (كانون الأول). وفي «تيسونز كورنر»، قال الملازم أول جوش ليتنين إن الضباط التابعين له ألقوا القبض على 40 شخصا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بسبب تهم القيام بأعمال سرقة. وفي مقاطعة مونتجومري، قال المخبر ديفيد هيل، الذي يشرف على شعبة جرائم قطاع التجزئة في المقاطعة، إن عددا كبيرا من المحلات أخبروه بأن معدلات الجريمة ترتفع. وأضاف: «أنا متأكد من أنه أمر مقلق لهم جميعا، فلا أحد يريد حتى أن يعطي شيئا لشخص ولو على سبيل الهدية».

وتزداد جرائم قطاع التجزئة في المعتاد خلال موسم الأجازة حيث يتوافد العملاء على المحلات التي يكون فيها موظفون مؤقتون، وفي الأغلب لا تجرى اختبارات لهم. وتوفر خصومات موسم الأجازة التي تقدمها «دووربستر» وعمليات البيع الهائلة، ومعها تخزين المزيد من المنتجات بالقرب من أماكن الدخول، فرصا أكبر لمن يرغبون في السرقة، ولكن يقول بائعو التجزئة ومسؤولو تطبيق القانون إن التراجع الاقتصادي أدى إلى حدوث الجرائم بمعدل أكبر، كما أنها تتسم بمستوى أعلى من المغامرة. وتعتبر محاربة هذا الأمر قضية مكلفة لبائعي التجزئة، فحسب ما أفاد به مركز أبحاث قطاع التجزئة، وهي مؤسسة بريطانية أجرت استطلاعا عالميا، فإن المحلات الأميركية أنفقت حوالي 12 مليار دولار خلال العام الماضي لمكافحة الجرائم التي تقع في قطاع التجزئة. وتقوم الكثير من المحلات التجارية بتوظيف ضباط أمن لمتابعة كاميرات المراقبة في المحل. وتقوم بعض الشركات باختبار تقنية جديدة يمكنها استشعار متى تكون الأرفف خالية من البضائع وتقوم بتنبيه الموظفين، حسب ما قاله لي برنيس، مدير تسويق التجزئة بشركة «آيه دي تي» الأمنية. ويقول بركي إن «تارجت» تنظر في استخدام تقنية تتطلب تنشيط المنتجات التي يوجد عليها طلب كبير في أماكن الفحص حتى تعمل، ويشبه هذا نفس ما يحدث مع كروت الهدايا، وبدأت «تارجت» في استخدام غطاء عنكبوتي، وهو عبارة عن كابلات مثبت بها جهاز استشعار، على السلع التي عليها طلب كبير. ولكن يعتمد الكثير من تجار التجزئة على بعض القواعد مثل تعزيز الأمن خلال موسم الأجازة وتدريب الموظفين على ملاحظة أي تصرف يثير الشكوك. ويقول برنيس إن الشركات تواجه خيارا صعبا في الوقت الذي تواجه فيه التراجع في العوائد والمبيعات، ويتمثل هذا الخيار في سؤال هو: أيهما أكثر تكلفة أن تكون ضحية جريمة أم أن تحاربها؟

وقد خسر تجار التجزئة قرابة 35 مليار دولار في المتوسط، أو حوالي 1.4 في المائة من السلع التي لديهم، خلال عمليات سرقة خلال العام الماضي، حسب ما يشير إليه استطلاع أجرته جامعة فلوريدا. وخلال فترة الركود الأخير في عام 2001، بلغت ما يسمى بمعدلات الانكماش 1.8 في المائة في المتوسط، ولن تكون النتائج الخاصة بالعام الحالي متاحة حتى عام 2009. ويمكن أن يؤدي التراجع الاقتصادي إلى زيادة في معدل الجريمة في قطاع التجزئة في الوقت التي تقوم فيه مؤسسات تطبيق القانون بتقليل التكلفة وعدد العاملين. ويواجه تجار التجزئة تراجعا في المبيعات، ويفضل البعض تقليل عدد موظفي الأمن، حسب ما يقوله خبراء في الحماية من الخسائر وخبراء في تجارة التجزئة. ويتوقف نشاط المئات من المحلات التجارية في مختلف الأنحاء، وبدأ العديد من تجار التجزئة في إجراءات الحماية من الإفلاس، الأمر الذي يمكن أن يغري الكثير من اللصوص. وقد أدت الأزمة المالية إلى تقليل السيولة لدى الزبائن مع عمليات تسريح الموظفين وقد أصبحت خطة التقاعد 401 (k) هي الأمر المفضل لهم. وقد ساعد ذلك على زيادة ما يسمى بعمليات السرقة «الانتهازية» بدءا من سرقات المتسوقين إلى الاستخدام الشخصي أو الاستهلاك. وتشمل السلع المسروقة عددا كبيرا من السلع، بدءا من أدوات التجميل في محلات الأدوية ووصولا إلى الأدوات الإلكترونية المرتفعة الثمن. ويقول هيل إن الكثير من عمليات السرقة في محلات التجزئة التي شاهدها خلال العام الماضي قام به أشخاص لم يرتكبوا جرائم من قبل. ويقول جوي لاروكا، نائب رئيس الحماية من الخسارة في اتحاد التجزئة الوطني: «يضطر بعض الأشخاص إلى اتخاذ قرارات شريرة، فلا يوجد سبب وجيه في السرقة من محلات التجزئة».

ومما يمثل مشكلة أكبر لصناعة التجزئة، هو الارتفاع في معدلات الجريمة المنظمة، مثل العمليات المطورة التي تستهدف السلع الرائجة مثل أكلات الأطفال لإعادة بيعها مرة أخرى، وحسب ما يشير إليه استطلاع رابطة قيادات صناعة التجزئة، فإن 89 في المائة من محلات البقالة والأدوية قد أفادت أن مثل هذه الجرائم قد ارتفعت خلال الأشهر الأخيرة. ويقول بول جونز، نائب رئيس حماية الأصول في الرابطة، إن الزيادة في الطلب على السلع الرخيصة خلال هذه الفترات التي تشهد اضطرابا اقتصاديا يعطي مجالا أكبر لعصابات الجريمة في قطاع التجزئة. وتقوم هذه العصابات ببيع منتجاتهم خلال مواقع المزادات الإلكترونية بسعر أقل من سعر السوق، وفي الغالب لا يعرف الزبائن، ولا يهتموا بمعرفة، أصل هذه البضائع. ويقول جونز إن العديد من جرائم قطاع التجزئة المنظمة ذات صلة بعصابات، وفي بعض الأحيان عصابات إجرامية. وفي مطلع العام الحالي، اتهم شخص بارز في عائلة إجرامية في نيوجرسي باستخدام شفرة خيطية مزيفة لشراء سلعة في «لويز» مقابل سنتات قليلة ومن ثم يبيعها مرة أخرى. ويقول برنيس: «يعتقد الناس أن السرقة من مؤسسة جريمة بدون ضحايا، ولكنها جريمة تترجم في أسعار أكبر لي ولك ولكل أميركي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»