نجم السيارات الرياضية الأميركية يوشك على الأفول

أموال الإنقاذ الفيدرالية لم تتمكن من إنقاذ آخر ثلاثة مصانع في البلاد

آخر ثلاثة مصانع لسيارات اس يو في الضخمة تمر بخط النهاية («نيويورك تايمز» )
TT

حتى أموال الإنقاذ الفيدرالية لم تتمكن من إنقاذ ثلاثة من آخر المصانع المتبقية داخل الولايات المتحدة التي لا تزال تنتج سيارات الدفع الرباعي الرياضية. في مواجهة المشكلات المالية التي تعانيها وانهيار سوق السيارات الرياضية، أقدمت شركة جنرال موتورز قبل أيام على إغلاق مصانعها بالمدينة وفي مورين بولاية أوهايو، ما جاء بمثابة إعلان نهاية الحقبة التي هيمنت خلالها السيارات الرياضية على الطرق. وجاءت تلك الخطوة في أعقاب إغلاق كرايسلر يوم الجمعة الماضي في نيووارك بديلاوير، للمصنع الذي كان ينتج السيارات الرياضية ذات الحجم الكبير.

وتم إغلاق خط إنتاج شيفورليه تاهو في جينزفيل بعد السابعة صباحاً بوقت قصير، داخل مصنع يبلغ عمره 90 عاماً أنتج بالفعل ما يزيد على 3.7 مليون سيارة دفع رباعي رياضية منذ مطلع التسعينيات. ورغم أن جدول العمل لم يكن يتضمن مجيئهم، حضر معظم العمال الـ1.100 المتبقين بالمصنع إلى مكان العمل في اليوم الأخير، من أجل المشاركة في وادع رمزي عاطفي. وقد أصيب دان دوبلداي، الذي عمل بخط الإنتاج على مدار 22 عاماً، بانهيار عصبي خلال الموقف. وداخل مقهى موتشا مومنت القريب من المصنع، تبادل اثنان من العاملين، مايكل بربريتش وليزا جونزاليز، هدايا الكريسماس، مثلما اعتادا على مدار سنوات عملهما بالمصنع منذ عام 1986. وقال جونزاليز «على مدار فترة من الوقت اعتدنا ذلك، وكنت أتمنى أن يدوم الحال». ويذكر أن مصير المصانع القائمة في جينزفيل ومورين ونيووارك المظلم تحدد هذا الربيع، عندما أدت أسعار البنزين المتزايدة إلى تراجع الإقبال على السيارات الرياضية، وذلك قبل وقت طويل من موافقة الرئيس بوش على توفير قروض طارئة بقيمة 17.4 مليار دولار الأسبوع الماضي للحيلولة دون إشهار كل من جنرال موتورز وكرايسلر إفلاسها. وتكشف الأرقام أنه في الوقت الذي تراجعت فيه سوق السيارات الجديدة بوجه عام بنسبة 16 في المائة حتى الآن خلال هذا العام، انخفضت مبيعات سيارات الدفع الرباعي الرياضية بصورة حادة وصلت إلى 40 في المائة. ومع تحول المستهلكين بصورة سريعة نحو السيارات الأصغر المتميزة بترشيد اكبر في استهلاك الوقود، لم تعد كرايسلر بحاجة إلى مصنعها الكبير المخصص لإنتاج السيارات الرياضية في جينزفيل، وكذلك مصنع آخر لها في تكساس. على الجانب الآخر، شعر بعض العاملين في مصنع جينزفيل بأن جنرال موتورز نكثت عهداً قد قطعته على نفسها أمام الاتحاد الأميركي لعمال السيارات بالإبقاء على المصنع مفتوحاً. ونتيجة تضاؤل حصتها في السوق، وجدت كل من جنرال موتورز وكرايسلر وفورد أنفسها مضطرة إلى إغلاق ما يزيد على 12 مصنعاً لتجميع السيارات وتسريح عشرات الآلاف من العمال خلال السنوات الأخيرة. وألحقت هذه الإجراءات تأثيرات سلبية على مختلف المجتمعات من جورجيا وحتى نيوجيرسي، ومن ميتشجان وصولاً إلى أوكلاهوما.

إلى جانب ذلك، من المحتمل أن تغلق جنرال موتورز وكرايسلر المزيد من منشآت التصنيع في إطار جهودهما لإجراء تعديلات للتوافق مع الشروط التي تتضمنها القروض الفيدرالية. من ناحيته، علق جون كاسيسا، المسؤول بكاسيسا شابيرو غروب، وهي شركة استشارات، على الأمر بقوله: «تتحرك الشركات بسرعة كبيرة الآن باتجاه إغلاق المصانع، لكن ربما تكون تلك الخطوات بالغة الضآلة ومتأخرة للغاية، إنهم يقومون الآن بما كان ينبغي فعله منذ ما يتراوح بين 15 و20 عاماً ماضية». جدير بالذكر أن مصنع مورين التابع لجنرال موتورز كان آخر من ينتج سيارات شيفورليه بليزر وجي إم سي إنفوي متوسطة الحجم، التي حققت في وقت من الأوقات أفضل مبيعات بين السيارات داخل الولايات المتحدة. أما مصنع جينزفيل فقد أنتج ثلاثا من أكبر وأفضل سيارات جنرال موتورز من حيث المبيعات، وهي شيفورليه تاهو وسبربان وجي إم سي يوكون. وأنتج مصنع كرايسلر في نيووارك سيارات الدفع الرباعي الرياضية الكبيرة ـ دودج دورناغو كرايسلر أسبين. وبإغلاق هذه المصانع، لا يتبقى لدى أكبر ثلاث شركات للسيارات داخل الولايات المتحدة سوى مصنع واحد لكل منها لإنتاج سيارات الدفع الرباعي الرياضية ـ واحد في كنتكي يخص فورد، وآخر في تكساس يتبع جنرال موتورز، وأخيراً مصنع في ديترويت ملك لكرايسلر. يذكر أن مصنع جينزفيل عمل به في وقت من الأوقات ما يزيد على 5.000 عامل وكان ينتج 20.000 سيارة تاهو ويوكون وسبربان شهرياً. وبإغلاق هذا المصنع، بات القلق يساور المقيمين في المدينة، الواقعة على بعد حوالي 75 ميلاً جنوب غرب ميلووكي، والبالغ إجمالي تعدادهم 64.000 نسمة، بشأن مستقبلهم. من جهتها، أكدت باتي هومان أن: «جينزفيل ستخسر كثيراً. أتوقع أن ترتفع فواتير الكهرباء والمياه الخاصة بي، وستزداد الضرائب على الممتلكات، بينما أتوقع أيضاً انخفاض قيمة منزلي». عملت هومان في المصنع على مدار 23 عاماً، كما بلغ كل من والدها وشقيقها وزوجها سن التقاعد داخل هذا المصنع، وعلقت على ذلك بقولها: «إن الأمر كان توارثا من جيل لآخر داخل الكثير من العائلات هنا». وسادت مورين، وهي ضاحية تتبع دايتون، مشاعر حزينة شبيهة بتلك التي سادت جينزفيل. وكذلك كان الحال في مصنع كرايسلر في نيووارك. يذكر أن أكثر من ألف عامل تم تسريحهم من مصنع مورين. وطبقاً لشروط التعاقد التي يفرضها الاتحاد الأميركي لعمال السيارات بالنسبة لأعضائه، فإنهم والعمال في جينزفيل ونيووارك سيحصلون على تعويضات بطالة من جنرال موتورز تكافئ قرابة 80 في المائة من صافي الرواتب التي يتقاضونها. إلا أن هذه المدفوعات ستستمر لمدة عام واحد فقط، ومع اتخاذ الاتحاد الأميركي لعمال السيارات استعداداته لتجميد برنامج «مصرف العمل» الخاص به كشرط للقروض الفيدرالية، لن تتوافر شبكة أمان للعمال بعد ذلك. في الواقع، ستتوافر أمام بعض العمال فرصة الانتقال لمصانع أخرى، لكن في ضوء الانكماش السريع الذي تعانيه الصناعة، لن يكون هناك سوى قدر ضئيل للغاية من الأمان على الصعيد الوظيفي عند الإقدام على هذه الخطوة. على سبيل المثال، أكد ديفيد ويليامز، أحد العمال الـ1100 المتبقين داخل مصنع نيووارك عندما تم إغلاقه، أنه «لا يمكنني خوض مخاطرة الانتقال، لا أغرب في الانتقال لمسافة 1.200 ميل لأتعرض للتسريح مجدداً». حالياً، يخطط ويليامز لتلقي دروس في العلاج عن طريق التدليك والشروع في بناء مهنة جديدة له بعيداً عن صناعة السيارات. خلال اليوم الأخير من عمل مصنع نيووارك، تذكر وودي بيفانز، 84 عاماً، وينتمي لولاية تكساس، كيف بدأ المصنع عمله عام 1952 بإنتاج الدبابات لحساب الحرب الكورية. تقاعد بيفانز عن عمله عام 1983، لكن ساوره الاعتقاد بأن المصنع سيظل يعمل إلى الأبد، وقال: «لقد تمسكنا بالأمل حتى النهاية، وسنشعر بحقيقة الوضع عندما يغلق المصنع أبوابه بالفعل. إن ذلك ستترتب عليه تداعيات واسعة، صدقني». من ناحيتها، تتفاوض جامعة ديلاوير مع كرايسلر لشراء المصنع وإعادة تنمية الموقع البالغة مساحته 270 فدانا من خلال إنشاء مباني أكاديمية.

* خدمة : «نيويورك تايمز»