استمرار «حرب الغاز» بين روسيا وأوكرانيا

يوشينكو يوفد مبعوثيه إلى بلدان الاتحاد الأوروبي ويعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع موسكو

TT

لاتزال مواقف روسيا وأوكرانيا متباعدة بشأن أسعار الغاز أمس الجمعة، فيما تستمر إمداداته في التدفق إلى أوروبا دون انقطاع. وقال مسؤولون في شركة «غازبروم» الروسية العملاقة للغاز الطبيعي، إن الإدارة «حصلت على راحة وجيزة» لمراجعة الوضع وأنه حتى الوقت الحالي لايزال قرار قطع إمدادات الغاز بشكل كامل عن أوكرانيا ساريا.

وأظهرت روسيا بقطعها امدادات الغاز عن اوكرانيا أول من أمس بوضوح انها لن تعتمد اي مرونة في سياستها حيال جيرانها الموالين للغرب خلال العام 2009. ولم يترك رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الاربعاء اي مجال للشك عندما هدد اوكرانيا «بعواقب خطرة» في حال تجرأت كييف على تحويل جزء من الغاز الذي يمر عبر اراضيها الى اوروبا لتعويض الكميات التي توقفت روسيا عن امدادها بها.

وفي الأمس اعلن الرئيس الاوكراني فيكتور يوشينكو عن ايفاد مبعوثيه الى ثمان من بلدان الاتحاد الاوروبي لتوضيح مواقف بلاده تجاه ازمة الغاز مع روسيا، في الوقت الذي اعرب فيه عن امله في التوصل الى اتفاق مع موسكو حول هذه القضية قبل السابع من يناير (كانون الثاني) الجاري.

وتهدف زيارة المبعوثين الاوكرانيين برئاسة وزير الطاقة يوري بودان اطلاع العواصم الاوروبية على مشروعية مواقف كييف تجاه قضية عبور صادرات الغاز الروسي عبر الاراضي الاوكرانية الى جانب اعلان استعداد اوكرانيا للمشاركة في اجتماع لجنة الطاقة التابعة للاتحاد الاوروبي المقرر عقده في التاسع من يناير (كانون الثاني) الجاري. ودخلت «غازبروم» وأوكرانيا في نزاع معقد يتعلق بتسعير الغاز الطبيعي الروسي لأوكرانيا وتسعير عمليات نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا وتسوية ديون بقيمة مليار دولار تَدين بها أوكرانيا لغازبروم والتوقيع على عقد لتوريد الغاز بين البلدين لعام 2009 .

وأشارت المصادر الرسمية الأوكرانية الى ان وفد مؤسسة «نفط غاز» الاوكرانية يعتزم السفر الى موسكو لبحث التوصل الى اتفاق مقبول حول رفع أسعار عبور الغاز الروسي الى اوروبا. وقالت ان المؤسسة ابلغت الاتحاد الاوروبي بانها ستعمل من اجل التوصل الى قرار من جانب المحكمة التجارية الدولية في ستوكهولم يقضي بعدم مشروعية فرض غرامة مالية قدرها 450 مليون دولار على اوكرانيا بسبب تأخرها في سداد ثمن وارداتها من الغاز الروسي عن عام 2008. وقالت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء إنه في حال اتخاذ كييف قرارا بالاستيلاء على الغاز الطبيعي لـ«غازبروم» المخزن في مستودعات أوكرانية، فإنه يمكن توفير كميات كافية من الغاز في أوكرانيا طيلة فصل الشتاء بأكمله.

وكان رجال الأمن الأوكرانيون قد منعوا مراجعي «غازبروم» أمس الخميس من فحص منشآت التخزين التي تحتوي على الغاز المملوك للشركة في خطوة تدلل على احتمال عزم أوكرانيا الاستيلاء على الغاز في حال الضرورة.

وحثت الولايات المتحدة كلا من روسيا وأوكرانيا على حل النزاع القائم بينهما بطريقة تجارية تتسم بالشفافية.

وقال غوردون دوجيد نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية في بيان، إن واشنطن «قلقة» لأ غازبروم الروسية قطعت إمدادات الغاز التي تباع إلى أوكرانيا.

وأكد دوجيد ان الولايات المتحدة تشجع كلا من شركتي غازبروم الروسية ونافتوغاز الاوكرانية على استئناف المفاوضات حول اتفاق من شأنه أن يحافظ على وصول إمدادات الغاز الروسي إلى أوكرانيا وأوروبا.

واشارت مصادر المؤسسة الاوكرانية الى انها ستلجأ الى محكمة ستوكهولم من اجل اقرار مشروعية طلبها حول رفع رسوم عبور الغاز عبر أراضيها، وهو ما تؤكد موسكو عدم قبولها له. وكانت مصادر من حكومة تشيكيا، رئيسة الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي، قد كشفت عن ان الاتحاد الاوروبي لا ينوي التدخل كوسيط في النزاع الدائر بين موسكو وكييف طالما ان صادرات الغاز الروسي الى اوروبا لم تتاثر بعد من جراء الجدل الذي يحتدم بين الجانبين حول هذه القضية.

وكانت موسكو قد اعلنت عن وقف صادراتها من الغاز الى اوكرانيا اعتبارا من التاسعة من صباح اول يناير (كانون الثاني) الجاري فيما حذرت من مغبة المساس بصادراتها من الغاز الى البلدان الاوروبية الذي يمر عبر الاراضي الاوكرانية بعد ان اثبتت التحقيقات التي جرت في الاعوام السابقة تورط السلطات الاوكرانية في سرقة كميات كبيرة من هذه الصادرات لتعويض احتياجاتها من الغاز الروسي الذي سبق لروسيا ان اعلنت عن وقفه الى حين التوصل الى اتفاق مقبول حول اسعاره.   وكان قد توجه وزراء الطاقة في 12 دولة مصدرة للغاز الى موسكو الشهر الماضي لتأسيس منظمة ذات طابع رسمي يقولون انها لن تسيطر على الانتاج والاسعار كما يخشى مستهلكو الطاقة في الغرب.

وتؤسس المنظمة كبديل لمنتدى غير رسمي باسم منتدى الدول المصدرة للغاز يضم 16 دولة من بينها الجزائر وايران وقطر وفنزويلا واندونيسيا ونيجيريا.

وتخشى الدول الغربية المستهلكة للنفط أن تحدد المنظمة أسعار الغاز وتراقب الاجتماع عن كثب. وينفي أعضاء المنتدى أنهم ينوون السيطرة على الاسعار ويقولون ان الهدف الرئيسي للمنظمة الجديدة مراقبة سوق الغاز واجراء أبحاث مشتركة.