استئناف ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا

بعد توقيع عقد لمدة 10 سنوات بين «غازبروم» و«نفتوغاز» بحضور فلاديمير بوتين ونظيرته الأوكرانية

يوليا تيموشينكو رئيسة وزراء أوكرانيا في كييف مع ممثل الاتحاد الأوروبي أندرس بيبالغس (أ.ب)
TT

في صباح يوم أمس استأنفت روسيا ضخها للغاز عبر المسار الأوكراني بعد اسابيع من انقطاع الامدادات الى العديد من الدول الأوروبية خصوصا الشرقية. الا ان ذلك سيستغرق 36 ساعة قبل وصول الامدادات الى المستهلك. وأكدت شركة «غازبروم» الروسية العملاقة للغاز أمس الثلاثاء أنها استأنفت ضخ امدادات الغاز عبر شبكة الانابيب الاوكرانية للتصدير الى أوروبا. وقال سيرجي كوبريانوف المتحدث باسم الشركة لرويترز «اليوم الساعة 1005 بدأت أوكرانيا استقبال الغاز الروسي عبر محطة ضغط سودزا. ونحن الان نعمل على رفع حجم الكميات على جميع المسارات للوصول الى مستوى التشغيل المعتاد». ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن الشركة القول إنها تضخ الآن الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا بمعدل 423 مليون متر مكعب يوميا.

ويقول الخبراء إنه حتى بعد استئناف ضخ الغاز فإن وصول الامدادات إلى أوروبا وعودة الضغط إلى معدله الطبيعي في خطوط الانابيب قد يستغرق ثلاثة أيام.

وفي كييف قالت ناطقة باسم شركة «اوكرانسغاز» التي تقوم بتشغيل انابيب الغاز لوكالة فرانس برس ان اوكرانيا بدأت تتسلم منذ صباح اليوم شحنات الغاز الروسي لكنها لن تستأنف ارسالها الى اوروبا قبل ساعات بسبب اجراءات تقنية جارية. واوضحت اينا كوفال ان «الغاز يصل الى الاراضي الاوكرانية».

وردا على سؤال حول ما اذا كان الغاز يرسل الى الاراضي الاوروبية، قالت «لا». واضافت «حاليا يجري ملء انابيب الغاز وضبط مستوى الغاز في الانابيب الروسية والاوكرانية»، موضحة ان هذه الإجراءات ستستغرق «حوالي ساعتين».

ويأتي استئناف ضخ الغاز بعد ساعات من توقيع اتفاق جديد بين غازبروم ونظيرتها الأوكرانية نفتوغاز لتنظيم عملية تصدير الغاز الروسي إلى أوكرانيا وعبور صادرات الغاز إلى أوروبا.

وكان الخلاف بين الجانبين الروسي والأوكراني بشأن هذا الاتفاق أدى إلى وقف ضخ الغاز الروسي إلى أوكرانيا مع بداية العام الحالي ثم توقف الضخ إلى أوروبا عبر أوكرانيا منذ نحو أسبوعين.

ووقعت شركتا غازبروم ونفتوغاز عقدا جديدا مدته 10 سنوات بحضور رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ونظيرته الاوكرانية يوليا تيموشينكو في موسكو.

وقال بوتين وتيموشينكو إن الاتفاق يمنع القضايا «غير الموضوعية» من إعاقة استئناف تجارة الغاز بين البلدين مستقبلا.

ويقضي العقد ومدته 10 سنوات والذي وقع عليه الكسندر ميللر رئيس مجلس إدارة شركة غازبروم الروسية لتصدير الغاز وأوليه دوبينا رئيس مجلس إدارة شركة نفتوغاز الاوكرانية باسترشاد البلدين بالاسعار السائدة في السوق الاوروبية فيما يتعلق بتجارة الغاز الطبيعي بينهما.

وسيتم منح أوكرانيا خصما قدره 20 في المائة من هذه الاسعار بالنسبة لامدادات العام الحالي مقابل الابقاء على رسوم العبور التي كانت تتقاضها أوكرانيا في عام 2008.

كما يقضي الاتفاق بأن تجري المعاملات المتعلقة بالغاز مباشرة بين البلدين بدلا من أن تتم من خلال شركة وسيطة مقرها سويسرا تملك جازبروم حصة نسبتها 50 في المئة فيها.

وتأثر الاتحاد الاوروبي بشدة جراء هذه الازمة وذلك منذ أن قطعت روسيا كل إمدادات الغاز عن أوكرانيا في السابع من الشهر الحالي بسبب اتهامها أوكرانيا بسرقة كميات من الغاز الذي يمر عبر أراضيها.

يشار إلى أن الاتحاد الاوروبي يعتمد على ربع اجمالي ما يستهلكه من الغاز تقريبا على روسيا و80 في المئة منها تمر عبر خطوط الانابيب الاوكرانية.

وقد سعت كييف وموسكو إلى جعل الاتحاد الأوروبي يلعب دور محكم في النزاع إلا أن المحاولات المندفعة لعقد قمم طاقة متنافسة في كل عاصمة منهما استهجنتها على نطاق كبير أوروبا الغربية التي يبدو أنها في حالة تراجع غاضب بعد فشل محاولة للتوسط لاستئناف عمليات نقل الغاز قبل أسبوع واحد.

وأقر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين السبت الماضي بأن ضررا سياسيا لحق روسيا من جراء أزمة الغاز مع أوكرانيا لكنه أصر على أن موسكو بذلت ما بوسعها لتفادي الازمة.

ولم يدخر بوتين جهدا في اظهار موسكو كطرف صادق اضطر الى التعامل مع شريك لا يمكن التنبؤ بسلوكه وذلك في حوار استمر ساعتين مع صحافيين من بينهم رؤساء تحرير صحف ألمانية كبرى في أحد فنادق دريسدن.

ورحب وزير الاقتصاد الالماني ميشائيل جلوز بالاتفاق الذي تم التوصل اليه بشأن مشكلة الغاز بين روسيا وأوكرانيا والتي أثرت خلال الايام الماضية على دول أوروبية.

وقال جلوز خلال المؤتمر السنوي الذي تنظمه صحيفة «هاندلسبلات» حول «اقتصاد الطاقة» في العاصمة الالمانية برلين: «أشعر بالسعادة بالتوصل إلى اتفاقات».

وأضاف الوزير الالماني موجها حديثه إلى طرفي الخلاف: «لا ينبغي أن نمر بمثل هذه المواقف نهاية كل عام»، مشددا على أهمية أن يتمكن الروس والاوكرانيون من حل مشاكلهم فيما بينهم في ظل الحرص على ألا تؤثر هذه المشكلات على أطراف أخرى ليس لها صلة بالأمر.