أمين عام «أوبك» لـ «الشرق الأوسط»: لن نتردد في اتخاذ قرارات لإعادة الاستقرار إلى السوق

محافظ مؤسسة النقد السعودية في منتدى دافوس: المملكة لا تعاني من الركود

شعار منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس: الالتزام بتحسين وضع العالم (إ. ب. أ)
TT

افتتح منتدى دافوس التاسع والثلاثون امس الأربعاء في جبال الالب السويسرية في ظل ازمة اقتصادية حادة تعهدت نخب اوساط الاعمال والسياسة في العالم العمل على معالجتها.

وثمة مؤشرات الى ان المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2009 سيكون «تاريخيا» وهذا ما تظهره تطلعات المنظمين الى «اعادة رسم العالم ما بعد الازمة».

وسيشهد اللقاء مشاركة «قياسية» هذه السنة اذ ينتظر حضور نحو 2500 من صناع القرار في العالم بينهم اربعون رئيس دولة وحكومة.

وستحل روسيا والصين ضيفي شرف على المنتدى حيث ستحتلان مكانة بحجم وزنهما الاقتصادي والسياسي المتنامي.

ومن ناحية اخرى اوضح عبد الله البدري الأمين العام لمنظمة «أوبك» لـ«الشرق الأوسط» في محادثه هاتفية اجرته معه «الشرق الاوسط»، خلال وجوده في دافوس، أن سعر 40 دولارا للبرميل في سلة أوبك يعتبر منخفضا، وحتى ارتفاعه إلى 50 دولارا يبقيه في غاية الانخفاض، ولا يشجع على زيادة الاستثمار. وفي ما يتعلق باستمرار أسعار النفط في الهبوط حتى اجتماع المنظمة في فبراير (شباط) المقبل، أفاد البدري، أن المنظمة «لن تتردد في اتخاذ قرارات جديدة لإعادة الاستقرار إلى السوق مرة أخرى».

وتوقع الأمين العام إعلان التطبيق الكامل لكل التخفيضات التي أقرت في اجتماع (وهران) الجزائرية السابق، في اجتماع الاوبك 15 فبراير (شباط) المقبل. وقال انه يتوقع الالتزام الكامل بالتخفيضات التي اتفقت عليها أوبك أملا في إعادة الاستقرار والسعر العادل للسوق لزيادة الأنشطة الاقتصادية التي تعيش حالة من الركود. والجدير بالذكر ان إجمالي التخفيضات المتفق عليها منذ سبتمبر (أيلول) الماضي 4.2 مليون برميل يوميا، فيما تم الإقرار على خفض قيمته 2 مليون برميل في اجتماع المنظمة الأخير.

وفي الوقت نفسه اعلن حمد سعود السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) امس ان المملكة لا تعاني من الركود وان المؤسسة ستبذل كل الجهود الضرورية لحماية الاقتصاد، لكنه قال انه يرى أن أسعار النفط منخفضة للغاية.

واوضح السياري لرويترز، على هامش الاجتماع السنوي للمنتدى، «نحن دائما نفعل ما هو ممكن وما هو ضروري للاقتصاد المحلي. فقد بلغت تكلفة الاقتراض الاميركية الصفر. ونحن لم نصل اليه. سنتابع التطورات الداخلية. ولسنا في ركود».

وأضاف «لست قلقا على سوق ما بين البنوك على الاطلاق. والميزانية /قدرت/ بالفعل على أساس عجز بسبب النفط. «سعر النفط» بالفعل منخفض للغاية وعلينا أن نكون مستعدين لأي تطور لكن هذا العام يبدو عاما صعبا للاقتصاد العالمي».

وانخفضت أسعار النفط أكثر من 100 دولار للبرميل منذ سجلت ذروة في يوليو (تموز) الماضي أعلى من 147 دولارا.

وتربط السعودية، شأنها شأن معظم دول الخليج عملتها بالدولار الاميركي لكنها أبقت على أسعار الفائدة أعلى من أسعار الفائدة الاميركية التي تقترب من الصفر.

وسيحتل موضوع «إعادة صياغة النظام المالي» مكانة محورية في المداولات ولاسيما بحضور عدد كبير من حكام المصارف المركزية، وذلك رغم تغيب ممثلي عدد كبير من المصارف الكبرى، وهو تغيب لافت نظرا لاعتبارهم اول المسؤولين عن الازمة واول ضحاياها في آن.

غير انه من غير المتوقع ان تسفر قمة الرأسمالية هذه عن إقرار بالأخطاء او ان تفضي الى خطة سحرية، لاسيما ان الإدارة الاميركية الجديدة لن تتمثل فيها الا بمستوى مستشارة للرئيس باراك أوباما.

وفي الأجواء الاقتصادية القاتمة المخيمة، من غير المتوقع ان يتسم المنتدى بالاحتفالية والبذخ اللذين طبعاه في السنوات الماضية وسيغيب عنه هذه المرة المغني الايرلندي بونو الناشط في مكافحة الفقر الذي درج على المشاركة فيه كل سنة.

واوضحت وكالة رويترز للانباء في تقرير لها عن المنتدى ان الثقة، بين قيادات كبرى الشركات العالمية المجتمعين في منتجع دافوس السويسري، تهاوت الى مستوى لم يسبق له مثيل مع تفاقم أزمة الائتمان العالمية.

وتلقي نتائج مسح، شمل أكثر من 1100 رئيس تنفيذي لشركات كبرى بظلال قاتمة على اجتماع دافوس. ويوحي المسح السنوي لمؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز بأن الحاجة للتحرك أصبحت ملحة مع تفاقم تأثير الازمة التي بدأت في النظام المصرفي على الايرادات والارباح وخطط التوسع والوظائف في مختلف أنحاء العالم وشتى الصناعات.

وعلى مستوى العالم أفاد 21 في المائة فقط من الرؤساء التنفيذيين للشركات بأنهم واثقون تماما من نمو ايراداتهم خلال 12 شهرا مقبلة وذلك انخفاضا من 50 في المائة قبل عام. وتلاشت الامال بكساد حاد قصير حيث لا يتوقع معظم زعماء الشركات الان أكثر من انتعاش بطيء وتدريجي خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وقال توني بولتر الرئيس العالمي للاستشارات في برايس ووترهاوس كوبرز «تقييم السنوات الثلاث أفضل قليلا، ولكن النبأ السيئ هو أن التقييم ليس أفضل كثيرا. ومقارنة مع ثقة 21 في المائة خلال 12 شهرا مقبلة فهناك 34 في المائة فقط خلال ثلاث سنوات».

ويتفق ستيفن روتش رئيس مجلس ادارة بنك مورغان ستانلي في اسيا مع بولتر في أن السنوات الثلاث المقبلة ستكون صعبة للغاية. وقال لرويترز «علينا مواجهة حقيقة أن الانتعاش عندما يبدأ في وقت لاحق من هذا العام أو مطلع العام المقبل سيكون هزيلا».

وذكرت مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز ان الموقف تدهور بشكل ملموس منذ سبتمبر (ايلول) الماضي عقب انهيار ليمان براذرز وبيع بنك ميريل لينش.

ومما يدعو للقلق أنه حتى هذه الصورة القاتمة التي تهاوت فيها الثقة الى أدنى مستوى منذ بدء المسح السنوي قبل سبعة أعوام ربما تكون مفرطة في التفاؤل مع تدفق مزيد من الانباء السيئة منذ الانتهاء من اجراء المسح في اوائل ديسمبر (كانون الاول).

ففي يوم الاثنين الماضي وحده أعلنت شركات عالمية عن تسريح أكثر من 70 ألف موظف.

وأعلنت شركة كاتربيلر الاميركية وحدها أنها ستستغني عن 20 الف موظف بعد تعرضها لظروف بالغة الصعوبة في الشهر الماضي. وفي تطور اخر قال سمير الانصاري الرئيس التنفيذي لشركة دبي انترناشيونال كابيتال لتلفزيون رويترز امس ان أسعار الاصول بلغت مستويات معقولة للغاية لكن مازال من السابق لأوانه القيام بمراهنات كبيرة على الاستثمارات طويلة الأجل لان الازمة المالية العالمية ستزداد سوءا.

وقال الانصاري على هامش الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ان الشركة، وهي صندوق استثمار سيادي، ترى فرصا لكنها مازالت تشعر بالقلق من تطورات الاوضاع في الاسواق لان النظام المالي معطل.

وقال الانصاري «ستظهر فرصة عظيمة في العام أو العامين المقبلين للاستحواذ على أصول بمستويات لم يسبق لها نظير تاريخيا... وعلى المنطقة أن تستثمر للأجل الطويل... واختيار أصول تمثل قيمة طيبة للمنطقة». لكنه أضاف «مازلنا نشعر بالتوتر بشأن القيام ببعض الرهانات الكبيرة فنحن نتوقع أن تتدهور الازمة».

وأضاف «النظام كما نعرفه معطل بكل معنى الكلمة. علينا أن نعيد تدفق المال من جديد وعلينا أن نعيد تدفق السيولة من جديد وعلينا أن نعيد الثقة. وهذا سيستغرق وقتا. سيستغرق عامين أو ثلاثة أو أربعة».