مهنة التقييم .. ماذا بعد؟

سـعود الأحمد

TT

نتحدث عن تصفية المساهمات العقارية التي تنتظر من عقود من الزمن... وعن تصفية حقوق المساهمين العالقة مع بعض مديري شركات توظيف الأموال ... ويجتهد بعض المحكمين القائمين على القضايا في البحث عن حلول للمشاكل العالقة بين ورثة شركات العائلات وتعقدها. لكنهم يواجهون صعوبة في التوصل إلى تسويات ترضي جميع الأطراف خصوصاً فيما يتعلق بتقييم أصول الممتلكات. والبعض يفهم المسألة بشكل مقلوب ويلقي باللوم على ناظر التصفية أو المحكمين.. وهناك من يحمل المحاسب القانوني مسؤولية على تأخر إنهائها. ويبقى الضحية هم صغار المساهمين الذين تورطوا مع هؤلاء (الهوامير) ... إلى درجة أن بعضهم وصل إلى مرحلة اليأس، وبقي هؤلاء المساكين ليس أمامهم إلا أن يتابعوا ما تنشره الصحف عن أخبار مساهمتهم ومديرها ... الذي إما محجور عليه أو مودع في السجن أو هارب من البلاد. فإن أرادوا بيع أنصبتهم (والحال على ما هو عليه) فستبخس حقوقهم!. وإن أرادوا الصبر والانتظار، فنفس الهوامير أطول من نفسهم! والحقيقة ان تأخر صدور قرارات تنظيم مهنة التقييم يعتبر من أهم مسببات تعقد هذه المشاكل وإطالة أمدها. فالمقترحات بشأن تطوير مهنة التقييم لا زالت تصطدم بمعوقات.. كان يجب تجاوزها منذ السنة الأولى لتقديم النظام المقترح. وقد كان لي مقال نشر بهذه الزاوية بتاريخ 10 يوليو (تموز) 2004 بعنوان: مهنة التقييم ... إلى ماذا تحتاج؟ ... تحدثت فيه عن الندوة التي عقدت بفندق الإنتركونتننتال بمدينة الرياض يوم الأربعاء 30 يونيو (حزيران) 2004، بعنوان ندوة تطوير وتنظيم مهنة التقييم في السعودية ... والتي نظمها مكتب الراشد ـ مستشارون ومحاسبون قانونيون، وتحت إشراف المجلس الاقتصادي الأعلى ... وها هو التاريخ يؤكد شكوكي في قيام هيئة للتقييم على غرار هيئة المحاسبة والمراجعة وغيرها من الهيئات المهنية. واليوم وبعد قرابة خمسة أعوام من تاريخ تلك الندوة ... لا زال تنظيم مهنة التقييم يحط رحله في مربعه الأول. ولعل الوقت مناسب لكي نشخص ما نحتاجه لمهنة التقييم. ليكون بالقدر الذي لدى من سبقنا من الدول المتقدمة ... ممن نتشابه معهم في الظروف والمعطيات.. وبما يناسب حاجتنا الآنية والمستقبلية. وأن نستصدر نظاما يقنن أسس تقييم أصول المنشآت والممتلكات. ويحدد مؤهلات ومسؤوليات وأتعاب من له حق القيام بمهمة التقييم. ومن جانب آخر ... لا ننسى أن لدينا مصالح ومؤسسات حكومية وشركات وبنوكا على طريق التخصيص. وهناك شركات أشخاص يملكها مجموعة أشخاص أو شخص واحد، ولا بد أن يأتي يوم وتنقضي الشراكة... إما بسبب الوفاة أو لأي سبب آخر. وهناك شركات عائلية تنتظر التخصيص. والسؤال الذي لا بد أن يُطرح هو: ما هو سعر السهم (العادل) الذي يجب أن يطرح للاكتتاب العام؟

وهذا هو السبب الذي يدعونا للمطالبة بوجود أشخاص مهنيين مؤهلين علمياً ومهنياً، للقيام بمهمة التقييم. ومثل هذا التوجه يعد لبنة في هيكل المجتمع المؤسساتي، في مجال تنظيم وتعيير المهن الحرة. لأنه من الطبيعي أنه لو كانت لدينا معايير مهنية لتقييم الممتلكات؛ لما وجدت شركات تتداول أسهمها في الأيام الأول من طرحها بأقل من سعر الاكتتاب ... (أو على النقيض) بأضعاف سعر اكتتابها.

وختاماً ... انني أؤكد على أهمية تقنين مهنة التقييم. ومن ذلك أن يتم تعريفها بشكل واضح، وما نحتاجه من مقومات لنجاح هذه المهنة، والمعايير التي تحكم هذه المهنة والممارسين لها، وقواعد وآداب سلوكياتها.

[email protected]