أوباما بعد تعيينه غريغ وزيرا للتجارة: اتفقنا على إدارة شفافة

مسؤولون من كندا وأوروبا يهاجمون مبدأ «اشتروا السلع الأميركية» والسياسات «الحمائية» للكونغرس

الرئيس أوباما بصحبة جو بايدن نائب الرئيس أثناء تنصيب جود غريغ وزيرا للتجارة (أ. ب)
TT

عين الرئيس الأميركي باراك أوباما ثالث جمهوري في حكومته وهو السيناتور جود غريغ، الذي يمثل ولاية نيوهامشير في مجلس الشيوخ، في منصب وزير التجارة. وهو آخر منصب ظل شاغراً بعد أن طلب بيل ريشاردسون حاكم ولاية نيومكسيكو الذي كان مرشحا للمنصب إعفاءه عقب ورود اسمه في قضية محاباة شركة تعمل في نيومكسيكو. ولم يكن اختيار غريغ سهلاً إذ أمضى أوباما أربعة أسابيع يبحث عن شخص مناسب لتعويض ريتشاردسون. وأعلن أمس أوباما من البيت الأبيض تعيين غريغ. وبذلك يكون غريغ هو الجمهوري الثالث بعد وزير الدفاع روبرت غيتس ووزير النقل رآي لحود.

وظل غريغ (61 سنة) عضواً في مجلس الشيوخ منذ عام 1993، وأصبح قبل فترة عضوا في لجنة الميزانية في المجلس، وهو الآن ضمن مجموعة كبيرة من أعضاء الكونغرس الذين انضموا إلى إدارة باراك أوباما وإلى كبار موظفي البيت الأبيض. وأصدر غريغ بياناً قبل تعيينه رسمياً يقول فيه «بينت بوضوح لكلا الجانبين (الديمقراطيين والجمهوريين) في مجلس الشيوخ وللحكومة كذلك بأنني لن أترك مقعدي في المجلس لو شعرت أن مغادرتي ستؤدي إلى تغيير خارطة المجلس»، وذلك في إشارة إلى اتفاق مع حاكم نيوهامشير الديمقراطي بألا يعين ديمقراطياً ليملأ مقعد غريغ الجمهوري، حتى لا يتوفر الديمقراطيون على أغلبية مطلقة (60 مقعدا) تسمح لهم بالتحكم الفعلي في جميع القرارات.

ويستبعد أن يواجه تثبيت غريغ من طرف الكونغرس أي تعقيدات خاصة أنه سيواجه زملاءه الحاليين. وكان وزيران من وزراء أوباما واجها صعوبات في الكونغرس. وأمضى أوباما نهار أمس في إجراء سلسلة حوارات مع شبكات التلفزيون الأميركية الكبرى، وهي «إيه بي سي» و«سي بي إس» و«إن بي سي» و«سي إن إن» و«فوكس نيوز»، تركزت جميعها حول خططه لإنعاش الاقتصاد الأميركي، كما أجرى سلسلة اجتماعات ستستمر خلال هذا الأسبوع مع أعضاء حاليين وسابقين في الكونغرس لحشد التأييد لبرنامجه للإنعاش حيث طلب من الكونغرس اعتماد 819 مليار دولار لتمويل هذا البرنامج. ودعا أوباما، الذي وضع محاربة الأزمة الاقتصادية والمالية للبلاد على رأس أولويات إدارته الجديدة، مجلس الشيوخ الأميركي إلى الموافقة على مشروع قانون لتحفيز الاقتصاد أقره مجلس النواب هذا الأسبوع.

وأقرت خطة الإنعاش الاقتصادي البالغة قيمتها 819 مليار دولار في مجلس النواب قبل أسبوع بـ 244 صوتا في مقابل 188، غير أن اللافت أنها لم تحصل على تأييد أي نائب جمهوري. لكن مع تدهور أوضاع الاقتصاد قال الرئيس إنه ستكون هناك استراتيجيات جديدة لمعالجة متاعب البلاد. لذلك قال أوباما عن تعيين كريغ «أنا وجود لا نتفق على كل شيء لكننا متفقان على الحاجة الملحة من أجل وقوف قطاع الأعمال والأسر الأميركية على أرجلهم من جديد، نريد إدارة للأعمال بطريقة مسؤولة وشفافة وسلوك يضمن المردودية". وقال مايكل ولسون سفير كندا لدى الولايات المتحدة في رسالة إلى زعماء مجلس الشيوخ «إذا أصبح شعار (اشتروا السلع الأميركية) جزءا من تشريع التحفيز الاقتصادي فإن الولايات المتحدة ستفقد السلطة المعنوية للضغط على الآخرين للامتناع عن تبني سياسات حمائية».

وعبر جون بروتون سفير الاتحاد الأوروبي لدى الولايات المتحدة عن القلق نفسه في حين بدأ مجلس الشيوخ مناقشة صفقة تتكلف التحفيز الاقتصادي تتضمن مبدأ «اشتروا السلع الأميركية» الذي أقره مجلس النواب الأسبوع الماضي. وقال بروتون لرويترز في مقابلة «الرئيس باراك أوباما أمامه فرصة مهمة لمنح القيادة للعالم.. التي لم يتمتع بها إلا قلة من الرؤساء الأميركيين على مدى أجيال».

وأضاف برتون قوله «إذا نظر إلى أول تشريع مهم يوقعه على أنه تشريع ضار بالمصالح الاقتصادية لبلدان أخرى بطريقة لا داعي لها وتنطوي على إسراف وتبذير فإن قدرته على التحلي بهذا النوع من القيادة الذي يحتاج إليه العالم في هذا الوقت سوف تتقلص تقلصا كبيرا ولا داعي له».

* جود غريغ.. في سطور

* جاء غريغ إلى السياسة من مجال الأعمال كما سبق له أن عمل في قطاع المحاماة في مدينته ناشا (نيوهامشير)، وعمل حاكما لولاية نيوهامشير قبل أن يصبح عضوا في مجلس الشيوخ عام 1992، وكان من الأعضاء الجمهوريين الناشطين في لجنة الميزانية في مجلس الشيوخ.

ولد كريغ في ناشا عام 1947، وهو ابن هيغ كريغ الذي عمل بدوره حاكما لولاية نيوهامشير لمدة سنتين من عام 1952 إلى عام 1953، وهو حاصل على شهادته الجامعية من جامعة كولومبيا في نيويورك. خاض غمار السياسة باكرا عندما ترشح عام 1980 لمجلس النواب، ثم أعيد انتخابه سنوات 1982 و 1984 و1986، وبعد ذلك قرر خوض الانتخابات ليصبح حاكم ولاية عام 1988 ثم أعيد انتخابه عام 1990، وبعد تجاربه في مجلس النواب وكحاكم، قرر كريغ الذي لا يقف طموحه السياسي عند حد، خوض تجربة مجلس الشيوخ، وفاز فعلا بالانتخابات وأصبح سيناتور، ثم أعيد انتخابه عام 1998، وخاض ثالث دورة انتخابية عام 2004، وفاز من جديد. ثم راح نجمه يصعد في مجلس الشيوخ حيث أصبح رئيس لجنة الميزانية عام 2005، واشتهر عنه خلال هذه الفترة تشدده في ما يتعلق بالإنفاق الحكومي حيث كان من الداعين لتقليص النفقات الحكومية إلى أقل مستوياتها، كما أنه من المتحمسين لتخفيض مستوى الضرائب على الدخل بالنسبة لجميع الشرائح الاجتماعية، واعتبر تبعا لهذه الأفكار من «الجمهوريين المتحررين» الذين تتسق مواقفهم مع الديمقراطيين، بل قالت صحيفة «هيل» المختصة في الكونغرس إن كريغ «جمهوري متمرد». ولدى كريغ سجل حافل من المواقف الاجتماعية المعتدلة، فقد انضم قبل سنتين إلى ست أعضاء آخرين من الجمهوريين ضد تعديل قانون الزواج الفيدرالي، وكان أيضا من المتمردين على حزبه في دعم أبحاث الخلايا الجذعية، بيد أن له مواقف متشددة ضد الإجهاض، وهو موقف يخالف توجهات إدارة باراك أوباما، وهو كذلك مع الحد من انتشار السلاح الفردي ووضع قيود على حمل الأسلحة الشخصية. كان كريغ من المؤيدين لترشيح المرشحين الديمقراطيين جون كيري وآل غور، وخلال الانتخابات الأخيرة أيد كريغ المرشح الجمهوري ميت رومني وهو أيضا رجل أعمال. ويراهن أوباما على قدرة جود كريغ على إنعاش قطاع الأعمال في أميركا كجزء من محاولات متعددة ومتشعبة لإنقاذ الاقتصاد الأميركي الذي يعاني أسوأ ظروف كساد منذ 80 سنة.