يهمل كثير من الوكلاء خدمات ما بعد البيع، وأنا هنا أتحدث عن ما يحتاج صيانة بعد بيعه، سواء كان سيارة أو جهازا كهربائيا أو ماكينة، أو غير ذلك مما يحتاج لصيانة بعد بيعه. ومن المعروف أن خدمات ما بعد البيع تكون ذات مكسب أكبر من بيع الأجهزة في حد ذاتها، بحكم أن البيع يتم مرة واحدة، بينما الصيانة تمتد لسنوات، وقد كان الوكلاء والموزعون يعزفون عن تقديم خدمات ما بعد البيع، نظرا لعزوف الناس عن الذهاب للوكلاء والموزعين لاعتقادهم أنهم أغلى سعرا من غيرهم ممن يقومون بخدمة الصيانة وبيع قطع الغيار. وفي رأيي أن الزمن تغير، وأصبح معظم الوكلاء والموزعين يقدمون هذه الخدمة، ليس حبا في الزبون فقط، ولكن لغرض الربح الذي تقدمه مثل هذه الخدمة، ولكن يجب على الوكلاء والموزعين التنازل عن هامش معين من الربح وتقديم الخدمة بشكل جيد، وسيعوض التنازل عن هامش الربح كثرة الزبائن. ومثل تغير الزمن، فإن وعي الناس قد تغير وأصبحوا يبحثون عن المتخصصين لصيانة أجهزتهم، لا سيما بعد أن أصبح ثمن الأجهزة غاليا، وأصبح الناس أكثر حرصا على صيانة أجهزتهم، وساد لديهم شعور، قد يكون حقيقيا، أن الموزعين والوكلاء متخصصون في إصلاح أجهزة معينة، وفنييهم اعتادوا على هذه الأجهزة، لذلك تمكنوا من إصلاحها بشكل جيد، كما أن قطع الغيار التي يبيعونها لابد أن تكون أصلية بحكم أنها من المصدر. ومن المشاهد أن كثيرين من وكلاء السيارات باتوا يقدمون خدمة ما بعد البيع بشكل جيد، كما أن العملاء باتوا يقبلون عليهم، ولعل ذلك يكون مثالا جيدا لغيرهم. وبقي على هؤلاء الوكلاء والموزعين تدريب عدد من السعوديين على صيانة الأجهزة وخدمات ما بعد البيع في السعودية أولا، ومن ثم ابتعاثهم إلى الشركة الأم، سواء كانت في أمريكا أو اليابان أو الصين، ومن ثم يعملون لفترات محددة في ورش الشركة، وبعد أن يكتسبوا الصنعة تماما تقوم الشركة بمساعدتهم في فتح ورش خاصة ومرخصة لتقديم خدمة الإصلاح والصيانة، لا سيما في المدن التي يصعب على الشركة تقديم الخدمة بها، سواء لأنها غير مجدية للشركة، بحكم أن التكاليف عالية لفروع الصيانة، بينما تكون مجدية للفرد بحكم قلة التكاليف. ومن المعروف أن الشركات تتحمل تكاليف زائدة عن الفرد سواء لأحكام الرقابة المالية أو المخزون أو غيرها. وحينما يسود في منطقة أن فلانا متخرج من ورش الوكيل أو الموزع، فإن الناس ستقصده لإصلاح سياراتهم أو أجهزتهم، وسيستفيد، كما أن الشركة ستستفيد من بيع قطع الغيار، ومن تقديم الخدمة لشريحة من عملائها لا تستطيع الوصول إليها.
* كاتب اقتصادي [email protected]