السعودية: تحذيرات من ظهور أساليب احتيال جديدة في الاستثمارات المالية

وزارة الداخلية: وسائل تكنولوجيا متقدمة تستخدم للاحتيال > خبير مصرفي: يجب أخذ الحيطة قبل اتخاذ القرارات الاستثمارية

طلبت وزارة الداخلية من الجميع توخي الحيطة والحذر حتى لا يتم استغلال أي فرد من أفراد المجتمع في عمليات الاحتيال (أ.ب)
TT

حذرت السعودية أمس، من ظهور أساليب جديدة في النصب والاحتيال، تتمثل في بيع وشراء الضمانات البنكية أو صرف عملات أجنبية أو نقل أموال بطريقة غير نظامية، ونحوها، من قبل أشخـــاص أو جهــــات من داخل البلاد وخارجها. وأرجع بيان أصدرته وزارة الداخلية السعودية أمس، انتشار تلك الأساليب إلى توافر وسائل التكنولوجيا المتقدمة كالإنترنت ورسائل الجوال وغيرها من الداخل أو الخارج، مشيرة إلى أنه يتم التعامل بتلك الأساليب من خلال طرق عديدة للتغرير بالمواطنين والمقيمين.

وذكرت وزارة الداخلية أن من بين الطرق إعطاء الوعود الزائفة بالأموال تحت غطاء الصفقات التجارية المربحة، أو العمل الإنساني الخيري كطلب إرسال صورة من وثائقهم الرسمية أو فتح حساب في أحد البنوك ونحو ذلك، لاستغلالها في أفعال النصب والاحتيال أو الدخول في معاملات مالية وهمية، مما قد يساهم في انخداع البعض وانجراراهم وراء تلك الأساليب والطرق التي تعددت أشكالها وأنواعها.

وطالبت الوزارة من الجميع توخي الحيطة والحذر حتى لا يتم استغلال أي فرد من أفراد المجتمع بعمل يضر نفسه أو يسيء به لوطنه ومجتمعه، وإبلاغ الجهات الأمنية المختصة عن أي عمليات اتصال خارجية يشك في مصدرها وأهدافها.

من ناحيته، أشار الدكتور عبد الوهاب أبو داهش الخبير المصرفي، إلى أن عملية الاستثمار تعتبر من العمليات المهمة في الاقتصاد، حيث إن المستثمر عندما يقرر الاستثمار يجب أن يكون ملما بمجال الاستثمار الذي ينوي ضخ رؤوس أموال فيه ، مشيرا إلى أن عمليات النصب والاحتيال شهدت ازديادا في الفترة الماضية. وقال الخبير المصرفي أن على المستثمر التأكد من عدة أمور قبل اتخاذ خطوة الدخول في الاستثمار، وهي أن تكون الجهة مديرة الاستثمار مرخصة من الجهات الرسمية، وأن تكون على درجة عالية من الشفافية لمعرفة حركة الاستثمارات، بالإضافة إلى ضرورة أن يتضمن الاستثمار هيكلا إداريا منظما، من خلال وجود رئيس مجلس إدارة ومديري استثمارات والإدارات التي تستطيع إن تدير عمليات الاستثمار بكفاءة عالية.

وأكد أن من الخطوات التي يجب التأكد منها هي عملية العوائد الربحية، التي غالبا ما تكون في حدود المعقول وضمن المتعارف عليه، لافتا إلى أن من يعرض 60 إلى 70 في المائة خلال 6 شهور، فإن هذا يعطي مؤشر خلل في العوائد الاستثمارية، وبالتالي يثير الشك في عمليات الاستثمار القائمة.

وقال أبو داهش في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن من الأمور المهمة في عملية الاستثمار هي قناة الاستثمار أو الصناديق التي تستثمر فيها تلك الجهات الاستثمارية، وهل تلك القنوات أو الصناديق موجودة على أرض الواقع أم لا؟، الأمر الذي يعطي طمأنينة للوضع الاستثماري».

وحدد أبو داهش الجهات الاستثمارية المحلية والمرخصة كقنوات مفضلة لدى المستثمر المحلي، في ظل سرعة اتخاذ القرار، ومعرفة الأوضاع الاقتصادية التي من الممكن أن تؤثر على قناة الاستثمار، في الوقت الذي يصعب فيه على المستثمر اتخاذ قرار سريع بما يخص الاستثمار في الأسواق الأجنبية، مما قد يتسبب في خسائر مختلفة.

ويبدو أن الاستثمار الذي يعد من أهم أركان الاقتصاد الحديث، بات أكثر القطاعات تأثرا بعد الأزمة المالية العالمية، خاصة أن عمليات الاحتيال ازدادت خلال الفترة الماضية في مختلف دول العالم وبالتحديد في الاستثمارات الفردية.

فمن قضية مادوف العالمية إلى شركات توظيف الأموال، وعمليات الإغراءات الأفريقية، إضافة إلى قوالب الاستثمار المصطنعة لتغرير المستثمر الصغير خاصة، كالمساهمات المشبوهة من مساهمات عقارية أو مالية، تبلورت فكرة «تعددت الأشكال والاحتيال واحد»، الأمر الذي فتح الباب لإعادة النظر في صيغ الاستثمار والضمانات المقدمة عن طرح أي شكل من أشكال الاستثمار.

وتتشابه قضايا الاستثمار في عمليات الاحتيال التي اجتاحت العالم، في أن الجهة التي تروج للاستثمار تعمل على خداع عملائها من خلال دفع أرباح لم تأت من ما كان يروج له، وإنما من خلال المبالغ التي يودعها المستثمرون الجدد، وتسير العملية على هذا الشكل، حتى تكتسب الجهة الثقة لدى مستثمريها.

ولكن هذا النوع من الاحتيال لا بد له من نهاية، بحيث ينتهي مع انتهاء دخول مستثمرين جدد، حيث لا مورد حقيقي لتلك الجهات في استثماراتها، الأمر الذي يجعل الجهات القائمة على ذلك النوع من الاستثمارات تنكشف، وتدخل في دوامة القضايا والمشاكل القانونية.

وتسعى السعودية إلى إيقاف أي نشاط غير قانوني يستهدف جمع أموال بطرق غير نظامية، في الوقت الذي تطالب فيه المستثمرين بالتأكد من سلامة قنوات الاستثمار التي تعرض عليهم. وكانت السعودية قد جمدت حسابات 25 شركة ومؤسسة سعودية في ديسمبر (كانون الأول) 2002، كانت تعمل في توظيف الأموال بطريقة غير نظامية في شرق البلاد، بالإضافة إلى إيقاف المساهمات العقارية، وملاحقة أصحاب المساهمات المشبوهة التي تضمنت جمع أموال لهدف استثماري كان غطاء لعمليات احتيال كمساهمات «سوا» وغيرها.

وذكرت المصادر في ذلك الوقت أن الشركات المجمدة تعمل على توظيف أموال تقدر بنحو 4.6 مليارات ريال (1.2 مليار دولار)، كما كانت تلك الشركات تعمل بطريقة دفع أرباح من مبالغ المستثمرين الجدد، وهو الأمر الذي ينطبق تماما على عمليات احتيالات مادوف العالمية التي تكبدت خسائر بنحو 50 مليار دولار، وهو (مادوف) الذي اعترف ظاهريا أنه كان يدير نظاما احتياليا يسمى «بونزي»، وهي آلية يستخدم فيها مال المستثمرين الجدد لمكافأة المستثمرين الأقدم، وهذه الآلية باتت الطريقة الوحيدة لإقناع المستثمرين بالاستمرار معه.