تعيين فولكر للمساعدة في صياغة السياسة الاقتصادية الأميركية ربما يثير خلافات لزيادة عدد المستشارين

الرئيس الأميركي والاقتصادي البارز يؤمنان بالحاجة إلى إصلاح نظام الوكالات الأميركية

TT

أشادت بورصة وول ستريت بالرئيس باراك أوباما لاستعانته بالاقتصادي البارز بول فولكر للمساعدة في صياغة السياسة الاقتصادية، لكن محللين يتساءلون عما إذا كان قد يصطدم بمستشارين رفيعي المستوى آخرين لأوباما.

واشتهر فولكر البالغ طول قامته (203 سنتيمترات) الذي كان رئيسا لمجلس الاحتياطي الاتحادي (المصرف المركزي الأميركي) في معظم فترة الثمانينات بترويض التضخم الذي كانت نسبته عشرة في المائة أو أكثر عن طريق رفع أسعار الفائدة، وهو ما أدى أيضا إلى الكساد وسبب عاصفة من الانتقادات.

وأوضحت وكالة «رويترز» أن فولكر (81 عاما) عضو الحزب الديمقراطي لم يتوقف منذ ذلك الحين عن ممارسة السياسة بما في ذلك إجراء تحقيق لحساب الأمم المتحدة والخدمة في مجموعة الثلاثين، وهي مجموعة استشارية مالية تكونت من خبراء من البنوك المركزية وخبراء القطاع الخاص.

وضع أوباما، الذي يقول إنه يريد تجنب التفكير المنعزل، فولكر على رأس لجنة من 15 عضوا من الخبراء الخارجيين من قطاعات العمال والتجارة والأكاديميين الذين سيوفرون المشورة لجهوده الرامية إلى معالجة أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد خلال عقود من الزمن.

وأعلن أوباما الذي انضم إليه فولكر في البيت الأبيض يوم الجمعة أن اللجنة التي تضم أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تضم روبرت وولف رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمؤسسة (يو بي اس غروب أميريكاز) المالية إلى جانب عدد آخر من المسؤولين التنفيذيين بالشركات.

وتضم اللجنة أيضا قيادات عمالية وواضعي سياسات مثل وليام دونالدسون رئيس لجنة الأوراق المالية وأسواق الصرف السابق. لكن بعض المحللين يعتقدون أنه قد تدب خلافات مع كبار المساعدين بالإدارة ومنهم لورانس سامرز المستشار بالبيت الأبيض ووزير الخزانة السابق، بالإضافة إلى وزير الخزانة الحالي تيموثي جيثنر الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الاتحادي بنيويورك. ومن المساعدين المهمين الآخرين لأوباما كريستينا رومر التي ترأس مجلس البيت الأبيض للمستشارين الاقتصاديين وهي خبيرة في شؤون الكساد العظيم.

وقال روبرت ماكينتوش كبير الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة (ايتون فانس مانيجمنت) للخدمات المالية في بوسطن «أحترم بول فولكر كثيرا لكنني مرتبك بشأن عدد المستشارين الاقتصاديين الذين يبدو أنهم سيشاركون في اتخاذ قرارات البيت الأبيض» وأضاف ماكينتوش أنه في الوقت الذي يعمل فيه أوباما على تمرير خطة هائلة للتحفيز والقضاء على الاضطراب في القطاع المصرفي وإصلاح القواعد المنظمة لبورصة وول ستريت ربما يكون هناك «عدد أكثر من اللازم من الطهاة» بالمطبخ.

ومن المعروف عن فولكر افتقاره للمرونة ومن بين هذا اعتياده عندما كان رئيسا لبنك الاحتياطي الاتحادي التنقل بين واشنطن ونيويورك في سيارة فورد قديمة وقد كان واحدا من أكثر مستشاري السياسة الذين يثق بهم أوباما خلال حملة الانتخابات الرئاسية.

كان قد التقى بأوباما في منتصف عام 2007 حين ذهب الرئيس الأميركي إلى نيويورك للاجتماع مع شخصيات من بورصة وول ستريت. كان فولكر قد قرأ كتاب أوباما (جرأة الأمل) الذي يحدد ملامح الفلسفة السياسية لاوباما وذكر مسؤول بالإدارة أن الكتاب أعجبه. وعلى مدار خريف وشتاء ذلك العام التمس أوباما المشورة من الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الاتحادي، وقد دعم فولكر حملته الانتخابية فيما بعد بإعلانه تأييد أوباما. وقال المسؤول بالإدارة إن أوباما وفولكر يشتركان في الرؤية نفسها، خاصة فيما يتعلق بالاعتقاد بالحاجة إلى إصلاح نظام الوكالات الأميركية المنظمة وتقويته من أجل الحقبة الحديثة. وأصبح سامرز أيضا مستشارا رئيسيا لأوباما لكن هذا لم يحدث إلا في وقت متأخر من الحملة. ومن المقرر أن يكشف جيثنر النقاب يوم الاثنين عن خطة إدارة أوباما لتحقيق الاستقرار للنظام المالي. وقلل المسؤول في الإدارة الذي طلب عدم نشر اسمه من احتمال التنافس داخل الفريق الاقتصادي.

وسيلقي المجلس الاستشاري للإنعاش الاقتصادي نظرة على الصورة العامة للسياسة. وقال المسؤول الأميركي «لن ينخرطوا في اتخاذ القرارات اليومية للحكومة عمدا». وقال أوباما إن الهدف من المجلس هو الاستماع إلى «الأصوات التي تتجاوز الأفكار التي تتردد في واشنطن». وأضاف «سنجتمع بانتظام حتى أستطيع الاستماع إلى أفكار مختلفة وأشحذ أفكاري وألتمس المشورة المخلصة التي تستقي المعلومات من العالم الأوسع نطاقا».

ويقول روجر كوباريتش الخبير الاقتصادي في مؤسسة (يونيكريديت ماركتس) في نيويورك إن فولكر يشتهر بأنه «مدقق عظيم».

وأضاف «أنه بارع في الحصول على وجهات نظر مختلفة ثم التفكير فيها مليا. من الممكن أن يعطل هذا اتخاذ القرار، لكنه يعني أنه أقل ميلا إلى القفز من فكرة إلى التالية».

أما أوباما الذي رفض نصيحة محامي البيت الأبيض وأصر على الاحتفاظ بجهاز البلاكبيري الخاص به حين تولى الحكم حتى يظل على اتصال بالناس في العالم الخارجي يبذل أقصى ما في وسعه حتى لا يجد نفسه عالقا في «فقاعة». ويقول ستيفن وين أستاذ الحكم بجامعة جورج تاون إن قرار تشكيل المجلس بقيادة فولكر مؤشر آخر على أن أوباما يريد تجنب «العقلية الدفاعية».

وأضاف «سيعمل على ضمان ألا يواجه عقلية التفكير الجماعي التي كانت تشجعها إدارة الرئيس السابق جورج بوش». لكنه قال إن العيب في هذا أنه ستكون هناك خلافات في الرأي «وستقوم وسائل الإعلام بتضخيم تلك المشاكل، بحيث يبدو وكأن أعضاء الفريق لا يلعبون معا».