لجنة «يقظة استراتيجية» مغربية لتطويق تداعيات الأزمة العالمية

تتكون من 3 محاور تعمل على دعم قطاعات الاقتصاد

TT

يبقى المغرب معبأ ويقظا في مواجهة الأزمة الاقتصادية، التي يعرفها العالم حاليا، من خلال استكمال إعداد استراتيجية براغماتية تطبعها الصرامة لتجنب آثار هذه الأزمة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

وينتظر أن تقترح لجنة اليقظة الاستراتيجية، التي أحدثتها الحكومة المغربية أخيرا، مجموعة من التدابير على الحكومة، تروم في مجملها دعم القطاعات الإنتاجية الأكثر تأثرا بالأزمة الاقتصادية الدولية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

وفي سياق ذلك، أعلن وزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، في تصريحات صحافية لوكالة «الأنباء المغربية»، انه سيتم اتخاذ إجراءات في إطار شراكة بين الحكومة والمصارف والقطاع الخاص، قصد تطويق تداعيات هذه الأزمة على قطاعات الاقتصاد المغربي الأكثر تأثرا والحفاظ على مناصب الشغل.

وقال مزوار، عقب اجتماع لخلية اليقظة الاستراتيجية المكلفة بإحداث آليات وإجراءات رد الفعل، عن استراتيجية تقوم على ثلاثة محاور لمواجهة هذه «الأزمة التي تكتسي طابعا يختلف عن الماضي، ولا يعرف بعد لا حجمها ولا مدتها».

ويرى المراقبون انه على هذه الاستراتيجية، التي ستقود عمل الدولة مع شركائها، أن تجمع بين الضمانات المالية من جانب المصارف والمساعدات العمومية للنهوض بالصادرات، فضلا عن الدعم على مستوى التكاليف الاجتماعية للمحافظة على مناصب الشغل في القطاعات المرتبطة بالتصدير والطلب الأجنبي.

وأوضح وزير الاقتصاد والمالية المغربي أن الدولة «ستتدخل لتحقيق هدف أساسي يهم الحفاظ على مناصب الشغل وتفادي البطالة»، التي قد تنتج عن تراجع نشاط القطاعات المتضررة.

ويبين التشخيص، حسب أنشطة القطاعات، أن انعكاسات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على المغرب بدأت تظهر في قطاعات الاقتصاد الموجهة نحو التصدير (النسيج وأجزاء السيارات). وتلمس آثار الأزمة بشكل أقل في بقية الأنشطة المعرضة للظرفية الدولية، من بينها السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج من العملة الصعبة.

وتعد قطاعات تجهيز السيارات، التي يعتمد نشاطها على طلبات قطاع السيارات الأوروبي، الذي يعيش حاليا أزمة، «الأكثر تضررا»، حيث تراجعت صادراتها نحو السوق الأوروبي بنسبة 30 في المائة.

ويعد قطاع النسيج والألبسة ثاني قطاع قد «يتعرض بشكل مؤقت لتراجع في طلبات الزبائن الأوروبيين، إذ هو «متضرر بالكاد في الوقت الراهن».

ويشتغل مهنيو القطاع حاليا وفق «رؤية قصيرة الأمد»، معتبرين أنهم سيدخلون في مرحلة انكماش للطلب خلال النصف الأول لسنة 2009، نظرا لعدم التوصل حتى الآن بطلبات الشراء المعتادة».

وفي سياق ذلك يرى مزوار على أنه ينبغي، مع ذلك، «استباق الأمور». ويلوح في الأفق أيضا «خطر تراجع» الطلب على مستوى قطاع الجلد والأحذية،الذي قد يتأثر بتراجع كبير للصادرات خلال الفترة نفسها.

بالمقابل، أعرب وزير الاقتصاد والمالية عن ارتياحه فيما يخص بقية القطاعات المعرضة للطلب الخارجي مثل السياحة، التي لم تسجل حتى الآن «أي إنذار حقيقي»، مبرزا أن الطموح الماثل، في هذا الصدد، يكمن في الحفاظ على مستوى 2008.

وبدأت العلامات الأولى للأزمة تظهر، منذ شهري نوفمبر وديسمبر (تشرين الثاني، وكانون الأول) الماضيين، على مستوى تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج من العملة الصعبة، والمرشحة للمزيد من الانخفاض، نظرا للبطالة التي تتعرض لها هذه الفئة أكثر فأكثر في بلدان الاستقبال».

وطمأن مزوار، بالمقابل، أن«إجراءات تحفيزية» أعدت قصد «االحفاظ على تدفق التحويلات التي تكتسي أهمية سواء بالنسبة لعائلات المغاربة المقيمين في الخارج أو لمداخيل البلاد من العملة الصعبة».

وينتظر أن تشكل خلية اليقظة الاستراتيجية، في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، خلايا متخصصة، حسب كل قطاع على حدة، للقيام بمتابعة وتقديم اقتراحات و«حلول براغماتية لمعالجة الوضعية الفعلية لكل قطاع حسب خطورة انعكاسات الأزمة».

ويقول الوزير مزوار إن هذه «الأزمة لا تعد حتمية فقط ولكنها تشكل أيضا فرصة» لإعداد المغرب للخروج من الأزمة، مشددا على أهمية الإصلاحات وإجراءات المواكبة التي من شأنها تمكين «القطاعات الأكثر أهمية في الاقتصاد من الخروج وهي أكثر قوة» من هذه الأزمة.

ويرى الوزير المغربي أن هذه الأزمة ينبغي معالجتها «بكثير من الصرامة»، مشيدا بالمقاربة الفريدة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي تقود عمل لجنة اليقظة. مشيرا إلى «انخراط الشركاء الثلاثة، الدولة والمصارف، والمقاولات، يدا في يد لمواجهة تقلبات الظرفية الدولية»، معتبرا أن الأمر يتعلق برهان سيجعلنا عمليين بشكل أسرع ومتفاعلين واستباقيين».

وخلص وزير الاقتصاد والمالية المغربي إلى القول «انه ينبغي الحفاظ على التعبئة واليقظة والثقة، وخاصة على تفاعلية جميع الفاعلين» من أجل «المحافظة على قوة الصمود التي يتمتع بها اقتصادنا أمام الصدمات الخارجية».