أكثر من تريليون دولار لإنقاذ القطاع المصرفي الأميركي

500 مليار دولار لتخليص المصارف من الأصول الفاسدة

غيثنر أثناء عرض خطة إنقاذ القطاع المصرفي الأميركي في مقر وزارة الخزانة أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن وزير الخزانة تيموثي غيثنر أن الإدارة الأميركية ستشن معركة على جبهتين ضد أسوأ أزمة مالية تواجهها الولايات المتحدة منذ أكثر من 70 سنة، في الوقت الذي أعلن فيه مصرف الاحتياط الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) توسيع نطاق برنامج إقراض لتصل قيمته إلى تريليون دولار.

وتأتي هذه الخطة بعدما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في أول مؤتمر صحافي له في البيت الأبيض، عن ان الكونغرس يخاطر بتحويل «أزمة الى كارثة» اذا ما فشل في إقرار خطة التحفيز الاقتصادية.

وأوضح غيثنر الذي كان يتحدث في مقر الوزارة أن جهود الإدارة للتعامل مع الأزمة المالية ستدعم خطة التحفيز الاقتصادي المعروضة أمام الكونغرس. وتشمل الخطة تخصيص ما قيمته 500 مليار دولار لتخليص المصارف من الأصول الفاسدة. وستخصص الخطة، التي أعيد تسميتها باسم «خطة الاستقرار المالي» 50 مليار دولار من أموال خطة الإنقاذ الفيدرالية لتشجيع إعادة التفاوض بشأن القروض العقارية التي لم يتوصل أصحابها إلى تسديدها، وذلك لتمكينهم من الاحتفاظ بمساكنهم، وتخفيف التأثير الضار على أزمة المساكن التي أثرت على الاقتصاد بأكمله.

وأوضح غيثنر أن «إعادة التشكيل الأساسية» لهذه للخطة التي طبقتها الحكومة السابقة تنص على تعويم جديد للمصارف المحتاجة بواسطة اموال حكومية. وستنشئ وزارة الخزانة شركة تجمع فيها استثمارات الدولة الفيدرالية في المصارف، كما قال الوزير من دون توضيح المبلغ الذي تزمع وزارة الخزانة المساهمة فيه لهذا الغرض. وبما ان مساعدة الدولة تشكل «ميزة وليست حقا»، فإن غيثنر أعلن تشديد شروط منح أموال المكلفين للمؤسسات المالية. وكانت المؤسسات المالية الأميركية قد سجلت أكثر من 500 مليار دولار خسائر حتى الآن في أسوأ ازمة مالية منذ التراجع الحاد في سوق الإسكان، وهو ما أدى إلى «حبس» الرهان الخاص بأكثر من ثلاثة ملايين منزل في الولايات المتحدة وهو رقم قياسي. وأوضح غيثنر ان الولايات المتحدة لن تخرج قريبا من أزمة مالية هي الأسوأ في عقود. وأبلغ شبكة تلفزيون «ان.بي.سي» «سنواصل العمل إلى أن نعالجها. ووصف الأزمة الحالية بأنها «هائلة التعقيد». وقال «سوف تستغرق كثيرا من الوقت لحلها» مضيفا أن الحكومة لا تستطيع ذلك بمفردها وستحتاج الى ضم جهود القطاعين العام والخاص. إلا أن المستثمرين تشككوا في الخطة الجديدة، فقد انخفض مؤشر داو جونز الأميركي للأسهم بـ200 نقطة يوم الثلاثاء بعد انخفاض أسهم المؤسسات المالية، مما يعكس قلق وول ستريت المتزايد بخصوص قدرة الحكومة على استعادة الأوضاع في قطاع المصارف.

وفي لندن أغلقت الأسهم الأوروبية منخفضة أمس بعدما خاب أمل المستثمرين في خطة وزارة الخزانة الأميركية لمساعدة القطاع المالي مع تصدر أسهم البنوك وشركات النفط خسائر السوق في أوروبا.

وفقد مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 2.4 في المائة ليغلق بحسب بيانات غير رسمية عند 810.34 نقطة.

وقال مايك لينوف المحلل لدى بروين دولفين «السوق كانت تتطلع منذ فترة طويلة الى خطوات واضحة ومحددة من صناع السياسات بشأن سبل إسقاط هذه الأصول الفاسدة. البيان لا يفصح عن الكثير وقد خاب الأمل فيه مع انتظار السوق للتفاصيل». وفي أنحاء أوروبا تراجع مؤشر فايننشال تايمز 100 في بورصة لندن 2.2 في المائة بينما خسر مؤشر داكس لاسهم الشركات الألمانية الكبرى في بورصة فرانكفورت 3.5 في المائة. وكانت الوزارة الخزانة قد أعلنت تشكيل صندوق استثماري بين القطاعين الخاص والعام، بتمويل حكومي لدعم رأس المال الخاص، بحيث يمكن «امتصاص» ما يطلق عليه الأصول السامة من النظام المصرفي. والهدف هو تمكين المصارف من تقديم القروض مرة أخرى.

وأوضح غيثنر أن البرنامج سيهدف في البداية إلى شراء ما قيمته 500 مليار دولار من الأصول الفاسدة، ولكن يمكن أن يزيد ليصل إلى تريليون دولار.

وأوضح عدد من المساعدين في الكونغرس أن الإدارة تدرس إمكانية تقديم ضمانات إلى المستثمرين الذين يشترون الأصول السامة أو استخدام موارد مصرف الاحتياط الفيدرالي لتخفيض كلفة القروض. والخطط التي أعلنها غيثنر يمكن أن تصل قيمتها إلى تريليوني دولار. إلا أن الشراكة بين القطاعين الخاص والعام لامتصاص الأصول الفاسدة تعتمد اعتمادا كبيرا علي مدي اهتمام القطاع الخاص بالمشاركة في البرنامج.

واعترف غيثنر بظهور شكوك حول عدالة وكفاءة برنامج إنقاذ المصارف الذي اقره الكونغرس في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وبلغت قيمته 700 مليار دولا. وأضاف أن كبار المسؤولين في بعض المؤسسات المالية التي تلقت دعما قد بددت القناعات الجيدة بأن تلك الأموال مطلوبة لجعل خطة الإنقاذ فعالة. وقال «لقد أدى تقديم كميات كبيرة من أموال دافعي الضرائب الى نفس المؤسسات التي ساهمت في الازمة، بشفافية واشراف محدود، الى عدم الثقة».

وتشمل الخطة الجديدة توسيع نطاق الجهود الرامية إلى إعادة تنشيط أسواق القروض التي تقدم قروضا إلى المستهلكين والأعمال، وستزيد المخصصات لهذا الغرض الى 100 مليار دولار من 20 مليار دولار. كما اعلنت الحكومة أيضا ان البرنامج سيتعدى تقديم القروض الى المستهلكين ومجموعات الاعمال الصغيرة لتقديم المساعدة الى قطاع العقارات التجارية الذي يعاني من المتاعب. وتجدر الإشارة إلى أن الجهود الحالية هي جزء من إصلاح خطة الإنقاذ المالية التي تعرضت لانتقادات كثيرة. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد زار بلدة فورت مايرز بولاية فلوريدا لأن بها اكبر نسبة إعادة حيازة المساكن في الولايات المتحدة لجمع التأييد لخطة التحفيز الاقتصادية الهائلة التي قال انها ضرورية لمنع مزيد من الركود الاقتصادي. وكان معدل البطالة في المنطقة قد وصل إلى 10 في المائة في شهر ديسمبر، وهو أكثر من ثلاث مرات معدله قبل عامين، طبقا للبيت الأبيض. وقد عقد أوباما الذي زاد الضغوط على الكونغرس الأميركي لإقرار الخطة المزدوجة التي تعتمد علي نفقات ضخمة وخفض هائل للضرائب، اجتماعه في الوقت الذي كان فيه مجلس الشيوخ في واشنطن يناقش الخطة التي يصل حجمها إلى 838 مليار دولار.