الحكومة الهولندية تسعى لتخفيض الإنفاق لتغطية عجز الميزانية

تخوف من غزو عمالي بولندي

TT

تنوي الحكومة الهولندية إجراء تخفيض كبير في الإنفاق العام. وحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية أمس، ستضطر الحكومة إلى ذلك، لتلبية متطلبات ميزانيتها،لان لأزمة الاقتصادية سينتج عنها انخفاض في عائدات الضرائب، وزيادة النفقات على الضمان الاجتماعي. ولكي تغطي العجز الهائل في الميزانية، يجب على الحكومة أن تجد طرقاً لتوفير مبلغ 20 مليار يورو. وكانت أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة، قد أعلنت مؤخرا ،عن أن «إجراءات غير تقليدية» سيتم اتخاذها. وتكمن المشكلة فيما يبدو، في أنها غير متفقة على الإجراءات التي يجب اتخاذها. حزب الاتحاد المسيحي يدافع عن خفض الضرائب على الأسر التي يعمل بها أحد الأبوين فقط، والديمقراطي المسيحي لا يرغب في المساس بخفض الضرائب على الرهونات العقارية، بينما يتردد حزب العمل في تجميد بدلات الضمان الاجتماعي. وهناك بعض العزاء في أن هذا العجز في الميزانية، الذي تبلغ نسبته 2 في المائة، ليس بأسوأ عجز تم تسجيله. فحكومة رود لوبرز الأولى، نجت من الحل رغم وصول العجز إلى نسبة 6 في المائة. أما الخبر السيئ، فهو أن حكومة فان أخت قد سقطت عام 1982 بسبب خلاف حول الميزانية. وفي شأن آخر أدت الأزمة المالية إلى تدفق البولنديين إلى هولندا من بريطانيا. وذكرت مصادر إعلامية في لاهاي أن أعداد البولنديين، الذين دخلوا إلى هولندا من بريطانيا سعياً وراء فرص العمل، بلغت رقماً ضخماً. والكثيرون منهم بدأوا يعودون إلى بلادهم، لكن الفرص في بلادهم ليست بأفضل من قبل عامين عندما غادروها. وحسب المصادر نفسها تمثل هولندا ثاني أفضل مقصد لهم بعد ألمانيا. لماذا؟ حسناً، يوضح أحد البولنديين، «نحن نفضل الذهنية الحرة». وحتى المدرب القومي الهولندي للفريق البولندي لكرة القدم ليو بينهاكر، قُدم كأحد الأسباب لحبهم هولندا، والعمال البولنديون يتسببون في إبعاد العمال الأجانب الآخرين. فهم، كما يوضح أحد زعماء الاتحادات النقابية، يتحدثون إنجليزية جيّدة، كما أنهم أقل سعراً وأكثر طاعة. ورغم أن البولنديين يشكون من الأجور المنخفضة، والإيجارات المرتفعة، والفصل من الخدمة في حالة الغياب عن العمل بسبب المرض، إلا أن أكثر ما يخافونه هو الأجور المنخفضة إذا ما تم تنفيذ ما يُسمى بالاتفاقية البولندية للعمل، التي تسمح للعمال الأجانب بالعمل بأجور منخفضة. وما إذا كانوا سيبقون بالبلاد، فهو أمر سيحدده المستقبل القريب. فالبولنديون «مهاجرون يوجدون اليوم وغداً يذهبون». وسبق أن أظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الهولندي، تراجعا في الإقبال على الأسواق والفنادق والمطاعم والمقاهي، مثلما هو الحال في قطاع الالكترونيات. ويقول الخبير الاقتصادي بمكتب الإحصاء ميشيل فيرخير «إن المستهلكين يرجعون خطوة للخلف». ففي شهر سبتمبر ( ايلول) الماضي تراجع ما أنفقه المستهلكون في المقاهي والمطاعم بنسبة 3 في المائة. كما يرى مكتب الإحصاء غيوما سوداء تتجمع فوق قطاعات الإلكترونيات، والأثاث، والملابس. ويقول فيرخير «لقد تراجع الإقبال في هذه القطاعات لكنه لم ينهار بعد». ومن المتوقع أيضا أن تتأثر مبيعات السيارات نتيجة للأزمة «فالناس لا يزالوا يشترون نفس العدد من السيارات، لكن متوسط السعر تراجع». وفي الوقت الذي يرى فيه العديد من المراقبين أن المستهلكين الهولنديين «يحدون من قدرتهم الشرائية». فالمستهلكون، يتخذون الاستعدادات لمواجهة أزمة اقتصادية، يشير المعهد القومي لمعلومات ميزانية الأسرة أن الناس يقتصدون دون أن يشعروا بأي فارق بتأجيل عدد من المصاريف الرئيسية. وليس من المتوقع حدوث استقطاعات كبيرة في الإنفاق قبل أن يخسر عدد كبير من الناس وظائفهم.

وفي نفس الوقت، يتعرض قطاع النقل، أحد أهم روافد الاقتصاد الهولندي، لخسائر مؤلمة نتيجة للأزمة الاقتصادية، حيث تظهر الأرقام التي نشرتها هيئة النقل والإمداد في هولندا أن القطاع قد شهد أسوأ 3 أشهر منذ 6 سنوات، حيث أن 46 في المائة من كل الشركات التي تعمل في مجال النقل بهولندا قد شهدت تراجعا في نشاطها مقارنة بعام 2007 كما أن الرقم يرتفع إلى 54 في المائة بالنسبة لشركات النقل ذات التعاملات الدولية. وستضطر ما لا يقل عن 100 شركة إلى إغلاق أبوابها قبل نهاية العام الجاري وهو ما سيعني خسارة الآلاف لوظائفهم. ويقول ألكسندر ساكيرز مدير هيئة النقل والإمداد في هولندا «سنقدم الدعم والمشورة لشركات النقل عندما يكون الأمر ضروريا. وبالإضافة لذلك فإننا سنطلب من الشركات أن تساعد بعضهابعضا. فالتعاون أصبح هو العقيدة الجديدة».