«يو بي إس» يكشف أسماء الأميركيين المتهربين من الضرائب

دفع 780 مليون دولار لتسوية التحقيقات الفيدرالية حول نشاطه

مقر يو بي إس في مدينة جينيف السويسرية (رويترز)
TT

في عالم المصارف السويسرية الساكن، حدث ما لا يمكن أن يتخيله أحد: الأسرار بدأت تخرج إلى العلن.

فقد وافق مصرف يو بي إس، أكبر مصرف في سويسرا على الكشف عن أسماء الأميركيين الأثرياء الذين تشتبه السلطات في أنهم يستخدمون حسابات خارجية في المصرف للتهرب من الضرائب. واعترف المصرف بأنه تآمر للاحتيال على دائرة الإيرادات الداخلية ووافق على دفع 780 مليون دولار لتسوية التحقيقات الفيدرالية الشاملة لأنشطته.

وليس من الواضح عدد عملاء يو بي إس الذي سيتم الكشف عنه. ويفحص، ولكن ربما يكشف مصرف يو إس بي عن هوية عدة مئات فقط من العملاء.

ولكن إلى حد ما، يعد تسليم أي أسماء إعلانا لنهاية حسابات المصارف السويسرية السرية، التي تعود أصولها إلى العصور الوسطى.

ويقول المتخصص في شؤون الضرائب الخارجية جاك بلم «يقول السويسريون إن هذه هي نهاية المصارف السويسرية التي كانوا يعرفونها. ولن يثق أحد في أمان حساب المصرف السويسري.» وفي جزء من التسوية، وافق يو بي إس على التعاون مع حالات استدعاء موسعة أصدرتها وزارة العدل لتسليم الأسماء. ووفقا لبنود ما يسمى باتفاقية إرجاء إقامة الدعوى، يمكن أن تصدر لائحة اتهام ضد المصرف ورؤسائه التنفيذيين إذا لم يعلن يو بي إس عن هوية عملائه.

وذكر يو بي إس أنه يعمل على إغلاق الحسابات الخارجية لعملائه الأميركيين. ولكن بموجب الاتفاق مع السلطات الأميركية، يجب أن يقدم المصرف دليلا مكتوبا دوريا عن هذا للمحققين. وكان مصرف يو بي إس يحقق أرباحا سنوية من نشاطه تصل إلى 200 مليون دولار.

ويشتبه المحققون في أنه منذ نهاية عام 2002 إلى عام 2007، ساعد مصرف يو بي إس عملاء أميركيين على إخفاء 20 مليار دولار بطريقة غير شرعية، مما ساعدهم على التهرب من سداد 300 مليون دولار سنويا من الضرائب.

وفي اعتراف مفاجئ، ذكر مصرف يو بي إس أنه منذ عام 2000 إلى عام 2007، قام بعض المصرفيين والمديرين لديه «بالاشتراك في خطة للاحتيال على الولايات المتحدة» ودائرة الإيرادات الداخلية، عن طريق مساعدة عملاء أميركيين في فتح حسابات خارجية وإخفائها. وتضمنت الخطة تزييف بيانات ضريبية محددة مطلوبة من كل من المصرف وعملائه أو تقديمها بطريقة غير صحيحة. وقد استعان المصرف في عملياته المصرفية الخارجية بـ60 مصرفيا في لوغانو وزيورخ وجنيف. ويدعي المحققون أن يو بي إس أحال العملاء إلى محامين ومحاسبين لفتح حسابات خارجية سرية لإخفاء الأرصدة عن أعين دائرة الإيرادات الداخلية.

وحث مصرف يو بي إس بعض العملاء الأميركيين على تدمير سجلاتهم وأن يخبئوا الساعات والمجوهرات والأعمال الفنية التي اشتروها بالأموال المخبأة في الخارج في صناديق إيداع في سويسرا. وشجعهم المصرف أيضا على استخدام بطاقات ائتمان سويسرية حتى لا تتتبع دائرة الإيرادات الداخلية مشترياتهم.

وفي بيان صدر يوم الأربعاء، صرح رئيس مجلس إدارة مصرف يو بي إس بيتر كورير أن «يو بي إس يأسف بصدق للعجزعن الالتزام في عملياته خارج الحدود في الولايات المتحدة والتي تم تحديدها في عدة تحقيقات حكومية في سويسرا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى مراجعتنا الداخلية الخاصة. ونتحمل المسؤولية الكاملة لهذه الأنشطة غير اللائقة».

وذكر مارسيل رونر، الرئيس التنفيذي لمجموعة يو بي إس، في بيان أنه «من الواضح أننا كمؤسسة ارتكبنا أخطاء وأن أنظمة الرقابة لدينا غير ملائمة». وفي يناير (كانون الثاني)، أعلن أن أحد كبار مديري يو بي إس، راؤول ويل، هارب بعد شهرين من إدانته في حكم لقاض فيدرالي ذي صلة بتحقيقات المصرف. وكان ويل، وهو مواطن سويسري، يشرف على العمليات المصرفية الخاصة عبر الحدود من عام 2002 إلى 2007. وقد قاوم يو بي إس بشدة تسليم الأسماء، حتى بعد أن صدرت لائحة اتهامات ضد بعض المديرين وبعد أن تورط في العمليات المصرفية الخاصة في الخارج. ويفرق القانون السويسري بوضوح بين تجنب تسديد الضرائب والتهرب منها والاحتيال الضريبي. وخلاف ما هو مطبق في الولايات المتحدة، لا يعد التهرب الضريبي جريمة جنائية بموجب القانون السويسري.

وتشير خطوة يو بي إس لتسوية القضية، عشية جلسة استماع لجنة مجلس الشيوخ الفرعية لبحث هذه القضية، إلى كيفية اقتراب المصرف من اتهامه بعدم التعاون مع المحققين. وتعد الاتهام نذيرا بنهاية المؤسسة.

ومن بين الـ780 مليون دولار التي سيدفعها مصرف يو بي إس، تمثل 380 مليون دولار التخلي عن الأرباح التي حققها من عملياته في الخارج. ويمثل الباقي ضرائب الولايات المتحدة التي فشل مصرف يو بي إس في تحصيلها من الأرصدة. وتشمل هذه الأرقام الفوائد والغرامات والتعويضات المستحقة على الضرائب غير المسددة.

وفي جزء من الصفقة، دخل يو بي إس أيضا في قرار تراض مع لجنة الأوراق المالية والبورصة، حيث قبل بالاتهامات الموجهة إليه من التصرف كوسيط غير مسجل ومستشار استثماري للأميركيين.

وتنهي التسوية مسارا مؤلما لمصرف يو بي إس، الذي تكبد خسائر تزيد على 50 مليار دولار بعد انهيار سوق الرهن العقاري الأميركي وحصل على 60 مليار دولار من الحكومة السويسرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ولن يكون على المصرف تسديد أي غرامات وعقوبات إضافية، التي كان يمكن أن تصل بالصفقة إلى أكثر من مليار دولار. وصرح أشخاص مطلعون على القضية أن الأزمة المصرفية والركود كانا عاملين وراء هذا القرار الذي اتخذه المحققون.

* خدمة «نيويورك تايمز»