35 مليار دولار خسائر بنك «آر بي إس» في 2008.. الأكبر في تاريخ المؤسسات البريطانية

حكومة براون تدافع عن تدخلها مجددا لإنقاذ المصرف ببرنامج تأمين ضخم قيمته 467 مليار دولار

TT

* الرئيس التنفيذي الجديد للبنك أكد أنها «خسائر مروعة».. وتوقعات بتسريح 10% من موظفيه عبر العالم والمقدرين بـ 220 ألفا

* أكد مصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» ( آر.بي.إس) البريطاني أمس، تكبده خسائر قياسية بلغت قيمتها 24.1 مليار جنيه إسترليني (34.7 مليار دولار) خلال العام الماضي، التي تعتبر أكبر الخسائر في تاريخ المؤسسات في بريطانيا، كما أعلن البنك عن تغيير كبير في الأصول غير الربحية.

وبلغت حصيلة «الديون المعدومة» للبنك الذي تلقى مساعدات إنقاذ من الحكومة العام الماضي 7 مليارات إسترليني، فيما قام بشطب 16.2 مليار إسترليني تتعلق بصفقة استحواذه «المشؤومة» على بنك «إيه بي إن أمرو» الهولندي عام 2007.

وقال الرئيس التنفيذي الجديد للبنك ستفين هيستر إنها «خسائر مروعة» معلنا عن «برنامج ضخم لإعادة الهيكلة» سيشمل فصل الأصول عالية المخاطر عن «الأنشطة السياسية» للبنك.

وقالت تقارير إن «رويال بنك أوف سكوتلاند» سيشطب ما يصل إلى 20 ألف وظيفة، أي أقل بقليل من 10% من القوة العاملة لديه حول العالم التي تبلغ 220 ألف موظف، حيث إن البنك يستهدف خفض النفقات السنوية بحوالي 2.5 مليار إسترليني.

وقال هيستر، إن وظيفته تتركز على «وضع خطة تعافي البنك» من خلال العودة للتركيز على الأنشطة الرئيسية وتخفيض عمليات الإقراض والأنشطة الأخرى.

كما أعلن «رويال بنك أوف سكوتلاند» (آر بي إس) عن برنامج كبير لإعادة الهيكلة، يركز على وضع 325 مليار إسترليني لما يطلق عليه بالأصول عالية المخاطر في برنامج يقدم ضمانات ضد أي خسائر قد تحدث مستقبلا.

ويهدف «برنامج حماية الأصول» الذي يؤيده دافعو الضرائب إلى تعزيز ميزانية البنك وتشجيع البنوك على تقديم المزيد من القروض للشركات والأفراد.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية قالت تقارير، إن من بين أصول «آر بي إس»، التي قد يتم عرضها للبيع، عمليات المصرفية التجارية وخدمات التجزئة المصرفية في آسيا واستراليا ومعظمها تم الحصول عليها في إطار صفقة استحواذ بنك «إيه بي إن أمرو».

وتمتلك الحكومة البريطانية أكثر من 70% في البنك الذي أضير بشدة من الإفراط في عمليات الإقراض وصفقة استحواذ «إيه بي إن أمرو» قبيل اندلاع أزمة الائتمان العالمية.

كانت الحكومة قادت مفاوضات أيضا بشأن إنشاء برنامج حماية أصول مشابه مع مجموعة «لويدز» المصرفية التي من المقرر أن تعلن عن نتائجها السنوية لعام 2008 اليوم الجمعة.

وقد دافعت الحكومة البريطانية أمس عن تدخلها مجددا على نطاق واسع من أجل ضمان إنقاذ مصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند».

وقال وزير الخزانة البريطاني أليستير دارلينغ إنه من خلال تقديم برنامج تأمين ضخم للأصول بقيمة 325 مليار إسترليني ( 466 مليار دولار أميركي) للبنك فإن الحكومة «تقر بحقيقة أن البنوك في حاجة إلى تسوية ميزانياتها» (وتخليصها من الأصول عالية المخاطر).

وستمكن الخطوة «رويال بنك أوف سكوتلاند» من فصل الأجزاء «عالية المخاطر» من نشاطه بعيدا عن أعماله «السليمة» الأساسية في ظل وجود رؤية للتخلص من الأقسام المتعثرة لنشاطه في وقت لاحق.

وقال دارلينغ «إن التكاليف هائلة، لكن تكاليف عدم القيام بذلك ستكون أيضا هائلة» مشيرا إلى إخفاق بنك «ليمان براذرز» الاستثماري الأميركي كمثال على تداعيات انهيار البنك.

وخلص دارلينغ في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) إلى أن خطة الإنقاذ لمصرف «رويال بنك أول سكوتلاند» تأتي «قريبة من عملية التأميم الكامل»، لكنه شدد على أن الحكومة البريطانية ترى أن «نموذج التأمين» أكثر تفضيلا.

ومن المتوقع أن يدفع البنك رسوما يبلغ إجماليها 6.5 مليار إسترليني من أجل استخدام برنامج تأمين الأصول.

وقد أكد مارتن ويل الخبير من المعهد الوطني للدراسات الاقتصادية والاجتماعية في لندن لـ«الشرق الأوسط»، أن تدخل الحكومة البريطانية لإنقاذ مصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» كان ضرروريا، لان المصرف على درجة كبيرة من الضخامة ولا يجب السماح بانهياره، لان ذلك كان ستكون له تبعات خطيرة على الاقتصاد. وشدد على انه لم يكن أمام حكومة براون أي خيار إلا ضخ ملايين الدولارات، وحتى وان كان ذلك من أموال دافعي الضرائب، لمنعه من الانهيار.

وضمت فانيسا روسي، كبيرة الخبراء ببرنامج الاقتصاد العالمي في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتهام هاوس)، صوتها لصوت مارتن ويل، وأكدت على أن ميزان النقاش حول المقاربة المطلوبة للتعامل مع مؤسسة مالية ضخمة ومهمة مثل مصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» وهل يجب السماح لها بالانهيار والإفلاس وخطورة ذلك على الاقتصاد أو ضرورة التدخل لإنقاذها، يميل إلى الخيار الأخير لأنه أقل الضررين، لأنه إذا سمح لها بالانهيار فإن ذلك ستكون له عواقب خطيرة على النظام المالي وعلى عموم الاقتصاد.

وأكد الخبير ويل تفهمه للرأي القائل انه إذا ما كان من الضروري تدخل الحكومة لإنقاذ البنك بضخ ملايين الجنيهات، لأن في ذلك مصلحة وطنية وحماية لاقتصاد البلاد، فمن الأفضل أن تسيطر الحكومة على المصرف بالكامل وتؤممه بدل التأميم الجزئي له وإعطاء الملايين لمصرفيين ليسوا مهمتين إلا بالحصول على المكافآت والعلاوات. ويأتي هذا فيما تعالت الأصوات المنتقدة والمنددة بالحكومة البريطانية ومصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» بعد الكشف عن أن المدير التنفيذي السابق للبنك السير فريد غوديون، الذي ترك البنك في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بدأ يحصل على معاشة التقاعدي الذي يبلغ 650 ألفا سنويا، أي ما يقارب 2000 جنيه إسترليني يوميا، مع انه في الخمسين من العمر، وذلك رغم انه كان المسؤول الأول عن الوضع الذي آل إليه المصرف. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عن ستيفن هيستر، المدير التنفيذي الجديد للمصرف، أن «اتفاق المعاش التقاعدي لسلفه جاء تحت تفاهم قانوني، كانت الحكومة جزءا منه». وأضاف «أن الاتفاق يلزم كل الأطراف». غير أن وزير الخزانة البريطاني أليستير دارلينغ قال إن محامي الحكومة ينظرون في الموضوع ويبحثون سبل التراجع عن بعض مدفوعات المعاش التقاعدي الذي سيحصل عليه المدير التنفيذي السابق لمصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند».

وفي تعليقه على المعاش التقاعدي الضخم للمدير التنفيذي لمصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» قال الخبير مارتن ويل إن ذلك يعود لأمناء المصرف الذين سمحوا بمثل هذا الاتفاق، وقال انه لا يتوقع أن تنجح الحكومة البريطانية في استعادة المدفوعات التي سيحصل عليها غوديون. من جهتها أكدت الخبيرة فانيسا روسي أن في الأمر جانبا قانونيا وليس في استطاعة الحكومة البريطانية فعل الكثير.