تدهور في المبيعات نتيجة الإغراق بسبب السلع الرخيصة الوافدة من مصر وسورية والخليج

الشركات اللبنانية نجت من عمليات صرف الموظفين و2009 عام التحدي

المخاوف لا تستبد فقط بالعاملين في القطاع العقاري، بل تشمل القطاع الصناعي (رويترز)
TT

يبدو أن سوق الاستخدام في لبنان نجا من الأزمة حتى الآن على غرار القطاع المصرفي والمالي، ولكن من دون أن يعني ذلك أن الخطر ليس ماثلاً، وأن عام 2009 سيمر من دون التأثيرات السلبية في الوقت الذي تتواصل فيه موجات الصرف من الخدمة في المؤسسات العملاقة والمتوسطة والصغيرة، شرقاً وغرباً، متأثرة بالأزمة المالية العالمية. وقد اعتمدت بعض الشركات سياسة إعادة الهيكلة تجنباً للإفلاس. وقد بلغ عدد المصروفين من العمل عالمياً منذ ثلاثة أشهر 325 ألفاً. وفي هذا المجال يقول رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود لـ «الشرق الأوسط» :«إن أي عملية صرف من الخدمة لم تحصل حتى الآن في القطاع الصناعي، لا بل إن بعض الصناعات الغذائية اللبنانية سجلت زيادة في مبيعاتها في يناير (كانون الثاني) الماضي. ولكن هناك صناعات أخرى، كصناعة الكماليات والعقارات، تأثرت بالأزمة. وبخلاف العديد من الشركات العالمية المتأثرة بالأزمة التي عانت من نقص السيولة، وتدهور في مبيعاتها، فإن الشركات المحلية التي تأثرت بالأزمة لم تبلغ مرحلة الصرف من الخدمة» ويؤكد رئيس «تجمع رجال الأعمال اللبنانيين (كميل منسي) أن الشركات الممثلة في التجمع والبالغ عددها 185 شركة لم تشهد أي حالات صرف». وفي قطاع وكالات السيارات غابت عمليات الصرف أيضاً بالرغم من أن الشركات والمصانع العالمية تمر بفترة انحطاط مريبة، وتتوسل الحكومة لمساعدتها، ووقف موجات الصرف من الخدمة التي لجأت إليها. ويقول رئيس جمعية مستوردي السيارات سمير حمصي «إن الطلب المحلي يمكن أن يتراوح بين 30 و40 في المائة عام 2009، ولكن ذلك لن يؤدي إلى واقع دراماتيكي في وكالاتنا سواء على مستوى المبيعات أو على مستوى الاستخدام». وعزا تبديد المخاوف إلى كون عام 2008 شهد مبيعات قياسية في قطاع السيارات الجديدة بلغت 33 ألف سيارة في حين كان معدل المبيعات السنوي في السنوات العشر الماضية لا يتجاوز 19 ألف سيارة.

وفي القطاع المصرفي والمالي، الذي نجا من أزمة الرهون العقارية العالمية، «لا يتوقع إعادة هيكلة للاستخدام،» على حد قول أحد المصرفيين. في حين أن شركة «ديلويت الشرق الأوسط» للتدقيق المحاسبي والاستشارات العاملة في لبنان «"لم تصرف أي موظف» على حد قول مسؤولة الموارد البشرية في فرع لبنان رنا سلهب، التي تضيف أن شركات التدقيق التابعة للمؤسسات المتعددة الجنسية ليس لديها ما تخشاه لأن الشركات المتأثرة بالأزمة وغير المتأثرة ستستنجد بها لمزيد من الشفافية التي تبدو غاية في الأهمية في وسط الأزمة.

حتى الفروع الموجودة في لبنان للشركات المتعددة الجنسية المصابة بانهيارات حادة ستحتاج إلى التدقيق المحاسبي والشفافية كما هي حال «اليكو – لبنان» التابعة لعملاق التأمين الأميركي «AIG» الذي أنقذته الحكومة الفيدرالية في سبتمبر (أيلول) الماضي. ويؤكد مسؤول في «اليكو» أن الشركة لم تصرف أي موظف من موظفيها، وهي تستمر في العمل بصورة طبيعية في لبنان، لا بل تعمد إلى استخدام موظفين جدد، كما تشهد إعلاناتنا في الصحف. وإذا كان الاستخدام في لبنان قد بدا في منأى عن الأزمة حتى الآن، فإن الوضع يمكن أن يختلف في الشهور المقبلة، لا سيما في القطاع العقاري. ويقول مسؤول في أحد مكاتب تعهدات البناء: «إذا لم نتمكن من توقيع عقود جديدة خلال السنة، قد نضطر إلى صرف ما بين 35 و40 في المائة من عمالنا، ونحو 15 في المائة من مديرينا المقيمين في لبنان». ويقول آخر: «إن شركتنا وضعت خطة صرف، يبقى تنفيذها رهنا بالتطورات». ويضيف« إن طلائع الصرف قد تبدأ في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل إذا توالت التأثيرات السلبية». أما مسؤول الشركة التي تنفذ عدة مشاريع عقارية في المنطقة وقلصت موظفيها الإداريين بنسبة 50 في المائة ومعظمهم من اللبنانيين الذين اتجهوا إما إلى غير دول في المنطقة وإما أنهم عادوا إلى لبنان.

واللافت أن المخاوف لا تستبد فقط بالعاملين في القطاع العقاري، بل تشمل القطاع الصناعي، خصوصاً في حال «حصول تدهور في المبيعات نتيجة الإغراق الذي ستسببه السلع الرخيصة الوافدة من مصر، وسورية، والخليج، التي تواجه منذ عدة أشهر إفراطا في الإنتاج»، على حد قول رئيس جمعية الصناعيين، الذي يعتبر «أن السوق المحلية ليس لديها المناعة الكافية لمواجهة النشاطات غير المشروعة. وفي حال تدهور رقم المبيعات، فإن الصناعات المحلية يمكن أن تكون مع موظفيها من ضحايا الإغراق».