الرئيس الأميركي يعلن موازنة 2010 بقيمة 3.6 تريليون دولار

أوباما: المشروع انعكاس «صادق» للأزمة ولجهود الإصلاح

الرئيس الأميركي باراك أوباما خلف نائبه جو بايدن وامام اثنين من مساعديه بعد عرض مشروع الموازنة أمس (رويترز)
TT

كشف الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس النقاب عن مشروع موازنة عام 2010 بقيمة 3.6 تريليون دولار، هادفة إخراج الولايات المتحدة من أزمة مالية خانقة أدخلتها في براثن الكساد. وتوقع أوباما عجزا في الموازنة للعام الجاري عند 1.75 تريليون دولار، يقدر بـ12.3 في المائة من الناتج المحلي السنوي والأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. وخطط الرئيس في الموازنة لتتضمن 634 مليار دولار للرعاية الصحية و250 مليار دولار إضافية توضع جانبا في حال احتاجت البنوك لخطط إنقاذ إضافية. وتسلم الكونغرس صباح أمس ملخصا من موازنة عام 2010 مكونة من 140 صفحة، بينما يتوقع أن تعلن مزيد من التفاصيل في أبريل (نيسان) المقبل.

وأفاد أوباما أن مشروع الموازنة يعكس بطريقة «صادقة» الوضع الراهن للاقتصاد الأميركي، وهو تطبيق الإصلاحات التي انتخب لأجلها، مع تشديده على إعادة «الانضباط إلى الموازنة على المدى البعيد».

وقال أوباما إن «إعادة الانضباط إلى الموازنة هو السبيل الوحيد لكي نتمكن من تحقيق نمو ثابت وازدهار مشترك، وهذه هي بالضبط غاية الموازنة التي أقدمها اليوم إلى الكونغرس».

وأضاف الرئيس أن «هذه الموازنة تتمسك بالالتزام الذي تعهدت به بجعل الحكومة أكثر انفتاحا وأكثر شفافية، هذه الموازنة تعكس بطريقة صادقة وضعنا الحالي، وذاك الذي ننوي أن نصبح عليه»، مشيرا في هذا الصدد إلى أن نفقات الحرب على سبيل المثال وردت ضمن الموازنة بخلاف ما كانت عليه في الموازنات السابقة.

وتابع أوباما «لا أظن أن بوسعنا مواصلة السير على الطريق التي نسير عليها راهنا. أنا أعمل من أجل الشعب الأميركي، وأنا مصمم على إحداث التغيير الذي انتخبني الناس من أجله»، مؤكدا أنه وضع في صدارة أولويات الموازنة الضمان الصحي والطاقة والتعليم.

والجدير بالذكر أن السنة المالية تبدأ من أول أكتوبر (تشرين الأول)، إلى نهاية سبتمبر (أيلول) من العام الذي يليه. ووضع مشروع الموازنة الأول في عهد أوباما، نصب عينيه هدف خفض عجز الموازنة إلى النصف بحلول نهاية عهده في 2013، مؤكدا أنه ينوي بلوغ هذا الهدف عبر القضاء على الهدر المالي وإلغاء البرامج غير المنتجة وزيادة الضرائب على ذوي المداخيل المرتفعة وكذلك عبر العائدات التي سيتم جمعها بفضل نظام الحصص لانبعاثات غازات الدفيئة والذي يفرض على الملوثين دفع بدلات مالية.

وأكد اوباما أن «ما من جزء من موازنتي سيكون معفيا من فحص دقيق أو متروكا على هامش الإصلاح». وأضاف «كل منا عليه تقديم تنازلات عن أمور ذات أهمية بالنسبة إليه ولكننا ببساطة لا يمكننا الحصول عليها في هذا الوقت. إنها تضحية لا بد منها».

وأكد أوباما أن الأمر الوحيد الذي لن يضحي به هو الاستثمار في مجالات الضمانات الصحية والطاقة والتعليم التي «أهملت لفترات طويلة جدا».

وقال «سنوفر مليارات الدولارات عبر إلغاء التخفيضات الضريبية الممنوحة للأميركيين الأكثر ثراء، وعبر منح العائلات التي تعمل بكد والطبقة المتوسطة خفضا ضريبيا بنسبة 95 في المائة».

وخصص مشروع الموازنة مبلغ 663.7 مليار دولار للدفاع بما فيها كلفة الحربين الدائرتين في العراق وأفغانستان، ما يمثل ارتفاعا بنسبة 5.1 في المائة عن موازنة العام السابق.

وبحسب الأرقام الواردة في مشروع الموازنة، فقد طلبت إدارة الرئيس أوباما موازنة أساسية لوزارة الدفاع قدرها 533.7 مليارات دولار للسنة المالية 2010 أي بارتفاع 4 في المائة مقارنة مع 513 مليار دولار التي وافق عليها الكونغرس للسنة المالية 2009.

وبالإضافة إلى هذا المبلغ طلبت الحكومة 130 مليار دولار لتمويل حربي العراق وأفغانستان في 2010.

وطلبت الحكومة أيضا مبلغا إضافيا قدره 75.5 مليار دولار لتمويل الجهد الحربي في 2009، علما أن الكونغرس كان وافق على تمويل إضافي لهذه الغاية في عهد إدارة بوش السابقة، بقيمة 65.9 مليار دولار.

وإذا تمت المصادقة على هذه الموازنة ستبلغ قيمة المخصصات المالية في 2009 لهاتين الحربين ما مجموعه 141.4 مليار دولار، أي أكثر من المبالغ المطلوبة لهذه الغاية لعام 2010.

وأشار مسؤول في وزارة الدفاع إلى أن بعض النفقات المرتبطة بالجهد الحربي نقلت إلى الموازنة الأساسية لعام 2010، من دون أعطاء مزيد من الإيضاحات. وعلق المسؤول على الأمر قائلا إن المبالغ المخصصة لموازنة الدفاع في 2010 «ستلبي حاجات هذا البلد في مجال الأمن القومي».

وكان أوباما قد قال أمام الكونغرس أول من أمس «غالبا لم نر شيئا في هذه الوثائق سوى أرقام على صفحات أو لوائح برامج. لا أرى ذلك في هذه الوثيقة. لدي رؤية لأميركا وأرى مجسما لمستقبلنا».

وأضاف أيضا أمام الكونغرس مكررا أن «العائلات الأميركية التي تتقاضى أكثر من 250 ألف دولار سنويا، لن تتأثر بدولار واحد إضافي في هيئة ضرائب». وبعد أن خصص الشهر الأول من ولايته الرئاسية لتبني إجراءات عاجلة لمواجهة الانكماش، وصف أوباما موازنته لعام 2010 بأنها واحدة من وسائل «تعافي أميركا في كل قوتها الاقتصادية».

وتهدف الموازنة إجمالا إلى خفض هذا العجز إلى 533 مليارا أي حوالي 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، بحلول 2013.

وقال أوباما أمام البرلمانيين إن البلاد قد تضطر «للتضحية باولويات صالحة تماما».

وقد بدأت إدارته دراسة كل فصل من فصول الإنفاق ووجدت أنها تستطيع توفير ترليوني دولار خلال عشر سنوات.

وستلغي إدارة أوباما العقود التي لم تبرم اثر طلب استدراج عروض في العراق ونفقات أنظمة التسلح القديمة وتقلص البرامج الصحية والتعليمية غير المجدية.

وسيكون على اوباما بذل جهود شاقة للجمع بين هذه الصرامة والوعد بإجراء إصلاحات كبرى مثل إصلاح التغطية الصحية لتشمل 46 مليون أميركي محرومين منها حاليا. وقال إن «الإصلاح لا يمكنه أن ينتظر سنة واحدة إضافية».

وستركز الميزانية على المدارس «ليتمكن كل طفل من الحصول على تعليم كامل وتنافسي» والطاقات المتجددة التي سيخصص لها 15 مليار دولار سنويا.

ويرى أوباما في هذه الموازنة فرصة ليبرهن على إرادته في تحقيق الشفافية.

وتجاوبت أسواق المال الأميركية وفي أنحاء أوروبا،أثر الأنباء المعلنة.

وارتفع داو جونز في نيويورك 32.66 أثناء التداول، فيما أغلقت بورصة لندن على ارتفاع 1.78 في المائة، مقابل 2.51، و1.78 في المائة في باريس وفرانكفورت.

* تفاصيل المصروفات في الموازنة: > الدفاع: 75.5 مليار دولار مصروفات لما تبقى من عام 2009 في أفغانستان والعراق، و130 للإنفاق على الحرب في البلدين للسنة المالية الجديدة، 533.7 لوزارة الدفاع.

> التعليم: 46.7 مليار دولار للإنفاق للسنة المالية 2010 > الطاقة: 26.3 مليار مصروفات موجهة لمشروعات في قطاع الطاقة في العام المالي المقبل