الخطوط الجوية الموريتانية أفلست.. ومديروها السابقون رهن الاعتقال

كبار مسؤولي الدولة يسافرون بطائرات خاصة.. بانتظار إنشاء شركة جديدة

طائرة تابعة للخطوط الجوية الموريتانية تستعد للإقلاع من مطار داكار في 24 مارس 2006 (ا. ب)
TT

فيما لا تملك موريتانيا شركة طيران منذ نحو عام ونصف العام، يعتمد رؤساء البلد وكبار المسؤولين الحكوميين في أسفارهم على طائرات خاصة كثيراً ما تكون مستأجرة أو ترسلها الدول التي تدعو مسؤولي الحكومة لزيارتها. ويأتي ذلك في وقت ما تزال تداعيات إفلاس شركة الطيران الوحيدة في البلد تثير جدلاً سياسياً واجتماعياً بعد مرور سنة ونصف السنة على تعطيل عمل هذه الشركة، حيث تم تسريح 450 موظفا فيها، تم اكتتاب 100 منهم مجدداً وما زال الباقون عاطلين عن العمل.

وكانت أزمة شركة الخطوط الجوية الموريتانية بدأت منتصف أكتوبر(تشرين الأول) 2007 عندما رفض الرئيس المطاح به سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله طلبا تقدمت به إدارة الشركة للحصول على دعم مالي لإنقاذها من الإفلاس، وكانت المفاجأة أن الجهات الرسمية أمرت حينها بتصفية الشركة، وتزامن ذلك مع احتجاز كل أسطولها المكون من طائرتين في باريس، بسبب عجزها عن تسديد ديون للشركة المؤجرة للطائرتين. ولقي ذلك القرار انتقادات واسعة في صفوف الأوساط السياسية والاجتماعية، ذلك أن إدارة الشركة طلبت من الحكومة مبلغ 7 مليارات أوقية (الدولار يساوى 250 أوقية) لإنقاذها من الإفلاس، وهو طلب قوبل برفض حكومي، في حين تم صرف عشرات مليارات الأوقيات في الأشهر الأولى من حكم هذا الرئيس في تأجير طيران الشركات الأجنبية لنقله وكبار مسؤوليه إلى الخارج.

ومنذ الإعلان رسمياً عن تصفية الخطوط الموريتانية في 6 يناير (كانون الثاني) قبل الماضي، شهدت شوارع نواكشوط عشرات التظاهرات التي نظمها عمال الشركة بهدف لفت انتباه الرأي العام إلى مأساتهم، حيث وجدوا أنفسهم فجأة عاطلين عن العمل ودون سابق إنذار، فيما لم يحصل معظمهم على رواتبه الأخيرة ولا يزالون يطالبون بحقوقهم حتى اليوم. وشرعت الحكومة في محاسبة من تعتبرهم ضالعين في إفلاس الشركة وتسريح عمالها، مما تسبب في معاناة مئات الأسر التي كانت تعتمد في مداخيلها على رواتب شركة الطيران المفلسة، وهي رواتب مرتفعة مقارنة مع ما تدفعه الدولة لموظفيها في المؤسسات الأخرى.

ومع استلام العسكر للسلطة في اغسطس (آب) الماضي، تعهد الجنرال محمد ولد عبد العزيز بدفع كامل مستحقاتهم وإنشاء شركة وطنية جديدة للطيران تعتمد على كفاءات الموظفين الذين فقدوا وظائفهم، ودفعت الحكومة الحالية 100 مليون أوقية من مستحقات هؤلاء، وبالموازاة مع ذلك بدأت محاسبة من تصفهم بالضالعين في إفلاس الشركة وسط جدل كبير حول الدوافع وراء اعتقال مديرين سابقين لها، لعل أبرزهم الوزير الأول في حكومة الرئيس المعزول، وهو مدير سابق لهذه الشركة في عهد الرئيس الأسبق اعلي ولد محمد فال.

واعتبر الكثيرون من مناوئي الانقلاب العسكري الذي أطاح بولد الشيخ عبد الله أن عملية تصفية الشركة تحولت إلى أداة لمعاقبة الخصوم السياسيين بسبب مواقف أولئك المسؤولين عن الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب.

وأنشئت في موريتانيا شركة خاصة للطيران، بشراكة بين رجال أعمال موريتانيين وتونسيين وتساهم فيها الدولة الموريتانية بنسبة محدودة جداً، لكن تلك الشركة اكتتبت عمالاً جدداً في وقت توقع المفصولون من شركة الطيران المفلسة أن يحظوا بأولوية في التوظيف لدى انطلاق «الموريتانية التونسية للطيران». بيد أن عدم امتلاك الدولة الموريتانية لحصة معتبرة من تلك الشركة حرم هؤلاء من الحصول على فرص كبيرة للتوظيف. وتعهد رئيس المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا بإدماج المفصولين في اول شركة للطيران يتم انشاؤها وتكون مملوكة للدولة بنسبة كبيرة. وقد تأسست شركة «الخطوط الجوية الموريتانية» عام 1960 وهو عام استقلال الدولة الموريتانية، وتملك الحكومة نحو 40% من رأسمالها، ويعود الباقي لمستثمرين من القطاع الخاص في البلاد.