«جدوى للاستثمار»: الإنفاق الحكومي سيلعب دور المحرك الرئيسي للاقتصاد السعودي خلال العام الحالي

أكدت أن عامل «الثقة» سيحدد أداء القطاعات غير المرتبطة بتنفيذ العقود الحكومية وأسواق الأسهم

TT

توقع تقرير شركة استثمارية سعودية أن يلعب الإنفاق الحكومي دور المحرك الرئيسي للاقتصاد هذا العام في وقت ستكون الثقة هي العامل الأساسي في تحديد أداء القطاعات الاقتصادية غير المرتبطة بتنفيذ العقود الحكومية وأسواق الأسهم.

وذكر تقرير صدر أمس عن شركة جدوى للاستثمار أن الثقة المحلية أصبحت تتأثر بشدة بما يحدث في الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى تغير تأثيرات الأزمة المالية على الاقتصاد السعودي بعد تحولها من أزمة مالية إلى ركود اقتصادي خلال الأشهر القليلة الماضية. وقال معد التقرير براد بورلاند رئيس الدائرة الاقتصادية والأبحاث في جدوى للاستثمار إنه على الرغم من التدابير الجريئة التي اتخذتها الحكومة السعودية قد أدت إلى تحسن الأوضاع المالية المحلية بدرجة كبيرة بالإضافة إلى طمأنتها للمودعين والمستثمرين بشأن سلامة القطاع المصرفي، إلا أن أسعار النفط والأسهم انحدرت إلى أدنى مستوياتها منذ عدة سنوات، موضحا أن الدلائل المتوفرة تشير إلى أن النشاط الاستهلاكي التجاري أخذ في التراجع خلال الأشهر الأخيرة القليلة من عام 2008.

ويرى بورلاند أن مجموعة التدابير التي تم اتخاذها والمتمثلة في خفض أسعار الفائدة وخفض متطلبات الاحتياطي الإلزامي وضخ السيولة في القطاع المصرفي دعمت حصول الشركات السعودية على التمويل من المصارف المحلية مما دفع إلى هبوط أسعار الفائدة على قروض البنوك بدرجة كبيرة. واستدرك بورلاند بالقول: «من دون شك لم تعد الأوضاع إلى طبيعتها، حيث نجد أنه على الرغم من هبوط أسعار الفائدة بين البنوك إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق إلا أن الفرق بين سعر فائدة القروض فيما بين البنوك وسعر الفائدة المطبق على الشركات يعتبر بصفة عامة أعلى مما كان عليه قبل عام».

وأفاد بورلاند في تقرير أسماه «عودة مرة أخرى إلى الأزمة المالية» أن توفر التمويل يمثل مشكلة لبعض المشاريع العملاقة وذلك لأن قطاع البنوك المحلية ليس كبيرا بالمستوى الذي يؤهله لتوفير التمويل اللازم، مفيدا بأن عمليات التمويل الكبيرة في السابق كانت تتم من خلال قروض يوفرها تحالف ممّولين من بينهم بنوك أجنبية وكذلك عن طريق جمع أموال من أسواق الأسهم والدين المحلية عبر الاكتتابات الأولية وإصدارات السندات وخاصة الصكوك، لكن البنوك الإقليمية والعالمية أضحت أكثر حذراً الآن إزاء الأسواق الأجنبية بينما تعتبر أسواق الأسهم والدين في الوقت الحالي مغلقة بصورة فعلية.

وزاد بورلاند أن الحكومة تدعم بشدة برامجها للاستثمار الرأسمالي الذي يمتد لسنوات وبمقدورها أن تمول بسهولة هذا البرنامج عن طريق السحب من احتياطيها من النقد الأجنبي، حيث بلغ صافي قيمة الموجودات الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» حوالي 442 مليار دولار في نهاية ديسمبر(كانون الأول) المنصرم وكذلك من ودائعها لدى البنوك المحلية التي بلغت 64 مليار دولار لذات الفترة بالإضافة إلى ذلك اتخذ صندوق الاستثمارات العامة عدة خطوات لزيادة دعمه للمشاريع في المملكة.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن الدعم الحكومي السعودي استمر رغم انهيار أسعار النفط الذي يعتبر مصدر ما يقارب 90 في المائة من إيرادات الدولة، مضيفا حول التوقعات على المدى القريب بالنسبة للطلب العالمي على النفط أنها ضعيفة على الرغم من أن خفض أوبك لإنتاجها قد ساعد على استقرار أسعار النفط عند حوالي 40 دولاراً للبرميل، إلا أن رفع سعره فوق مستوى 50 دولاراً بشكل مستقر لن يتحقق إلا في حالة حدوث انتعاش واضح في الاقتصاد العالمي.

وقدر الخبير أن ميزانية المملكة لعام 2009 بنِيت على افتراض أن سعر النفط سيبلغ 48 دولارا للبرميل لخام غرب تكساس القياسي بينما إذا كان سعر 35 دولاراً للبرميل هو أدنى مستوى سجله النفط أثناء أصعب فترات الركود خلال أكثر من 50 عاما وهو يعني أن التوقعات بشأن الأسعار على المدى المتوسط تبدو جيدة.

وكشف بورلاند أن السعودية لا تزال تعتبر حديثة عهد بالمعايير الأساسية لقياس الثقة إلا أنه تم بناء الافتراضات على عدد من المؤشرات منها تراجع نشاط نقاط البيع وخطابات الاعتماد المفتوحة على أساس سنوي، بينما تسارعت وتيرة الهبوط في الأشهر التالية، إضافة إلى هبوط مبيعات السيارات خلال الأشهر الأخيرة وما يواجهه المشترون من صعوبة في الحصول على قروض التمويل بالإضافة إلى مخاوفهم بشأن احتمال إفلاس كبرى شركات تصنيع السيارات، ويدور الحديث عن تخفيضات هائلة في الأسعار على نطاق واسع.

وأضاف بورلاند بين المؤشرات انخفاض أرباح الشركات المدرجة في سوق الأسهم بشدة في الربع الرابع من العام المنصرم أثر على الشركات التي يرتبط نشاطها بالأسواق العالمية سواء كان ذلك من خلال الاستثمارات أو أسعار السلع أو أسواق التصدير مثل شركات البتروكيميائيات وشركات الاستثمار المتعدد، أما الشركات التي تحرك أنشطتها المعطيات المحلية مثل شركات التطوير العقاري فقد جاء تراجعها أقل حدة.