الرئيس الإندونيسي: مؤسسات الاقتصاد الإسلامي لم تتضرر لأنها لم تستثمر في اصول خطرة

رئيس وزراء ماليزيا أمام منتدى الاقتصاد الإسلامي: قطاع الرهن العقاري «حالة كلاسيكية لن تتكرر»

TT

أثارت الأزمة المالية العالمية موضوعات، ابتعد إطارها عن أسواق المال والقطاع المصرفي الذي أصبح الهم الأول لدول العالم، خلال المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي الخامس، الذي بدأ أعماله أمس في العاصمة الاندونيسية جاكرتا، بطرح نقاشات حول بيئة خضراء واهتمام فعال بالشباب والمرأة الذين أصبحوا ضحايا للأزمة.

وركز المنتدى، الذي عقد تحت شعار «أمن الغذاء والطاقة وصد الأزمات المالية العالمية» وشارك في فعالياته 35 دولة و12 رئيسا، على الأضرار الجسيمة التي قد تتركها الأزمة المالية الحالية، إن لم تتخذ إجراءات حاسمة وبتعاون دولي، خاصة من قبل الدول المشاركة في المنتدى. وأكد المنتدى أن المصرفية الإسلامية بمنأى نسبي عن التأثر الشديد من الأزمة الجارية، وان الأضرار التي لحقت بها نتجت عن التعرض الجزئي للاقتصادات العالمية والاستثمارات المضاربية.

وقد أكد رئيس جمهورية اندونيسيا سوسيلو بامبانج يودوهيونو في كلمته في افتتاح المؤتمر على تحفيز المشاركين على العمل لرخاء الشعوب، ومحاولات لإيجاد حلول للسوق الضعيف والأسواق المتراجعة، والأخطار الأخرى التي تكمن في ارتفاع أسعار الغذاء والحرائق والجفاف.

ونوه الرئيس يودوهيونو إلى أن المجتمع الإسلامي الذي يشكل (خمس سكان العالم) ما زال يعاني من تأخر شديد، وانه يجب اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الأزمة، مؤكدا أن الخليج قادر على تصحيح الأوضاع في البلدان الإسلامية.

وانتقل في حديثه إلى البنوك الإسلامية، موضحا أنها لم تتأثر مثل الغرب، ولكن هناك شعور بذلك أثر على الاستثمار في المؤسسات العالمية. وقال يودوهيونو لم تتضرر مؤسسات الاقتصاد الإسلامي بقدر السوء التي تعرضت له نظيرتها الغربية لأنها لم تستثمر في أصول عالية المخاطر، مضيفا أن العديد في الغرب الآن مستعدون للتعلم منها. وقال إن الوقت حان للبنوك الإسلامية لتضطلع ببعض الأعمال الدعوية في الغرب.

وأكد موسى هيثم رئيس مجلس رئاسة المنتدى أن المشاكل الاقتصادية تكمن في الأمن الغذائي والطاقة، وأشار إلى أن الطاقة في هذه الآونة لم تعد تمثل الاهتمام الأول نظرا لهبوط أسعار النفط. وقال «التحديات الآن تكمن في الأزمة المالية الراهنة التي فاجأت العالم، حيث لا يوجد احد بإمكانه الهروب منها». وأضاف «الأزمة الحالية اختبار لزعماء العالم وهي اختبار للزعامة والقيادة التي لا يوجد لها حلول كاملة»، مضيفا «أن الناجحين الذين اتبعناهم واعتبرناهم قدوات يحتذى بهم، كانوا هم السبب الأساسي للازمة».

وجاءت كلمة الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي موضحة أن المنظمة تحاول تطوير الاقتصاد في العالم الإسلامي. وأكد على التطور الذي شاهدته المنظمة، وهو الأمر الذي نتج عنه زيادة في شراكة الأسواق الإسلامية بأكثر من 9 في المائة في 2006، وازداد التعاون الاقتصادي 76 في المائة عام 2008.

وأضاف أوغلي أن الدول الإسلامية تأثرت بارتفاع أسعار المواد الغذائية، في حال أنه لا بد من تطوير القطاع الزراعي، حيث تتوفر المياه والأراضي الزراعية ولكنه لا يحتل مكانة مهمة.

وأشار إلى أهمية الطاقة الحيوية وأهمية تطويرها، مفيدا بأن أسعار الغذاء المتزايدة ستساعد على تطويرها واشتداد المنافسة عليها.

وأوضح أن الفجوة الغذائية فرصة لامعة يجب اغتنامها لتطوير القطاع الزراعي، لتأتي بتنمية مستدامة بالتعاون بين حكومات الدول الإسلامية والقطاع الخاص، وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واستغلال التكنولوجيا، محذرا من أن الناتج المحلي العالمي قد ينخفض بقيمة 1 في المائة خلال العام الجاري. وشدد أوغلي على دور الموارد في تطوير القطاع الزراعي والانتعاش الاقتصادي ككل.

ودعا عباس الفاسي الفهري رئيس الوزراء المغربي إلى توحيد الجهود لمواجهة الأزمة وبلورة استراتيجية تقوم على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة.

بينما اعتبر نائب رئيس الوزراء القطري وزير الطاقة عبد الله بن حمد العطية، أن قضية الأمن الغذائي من أهم القضايا المعاصرة، لارتباطها بأمن الشعوب وحياة وسيادة الدول، وانه من الضروري وضع استراتيجية غذائية بعد ارتفاع أسعار السلع واحتمالية استمرار ارتفاعها. وأضاف انه لذلك وجب تطوير المواد المستخدمة في الزراعة والإنتاج الحيواني. وأضاف أن كلفة الفجوة الغذائية لدول مجلس التعاون الخليجي الست بلغت 24 مليار دولار من عام 2009 إلى عام 2012، مشيرا إلى انه من الصعب على هذه الدول تحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي، لذلك عليها أن تتوجه إلى الدول الإسلامية، حيث تتوافر التربة والمناخ والعمالة الملائمة لذلك.

وعن أمن الطاقة تحدث العطية قائلا «إن الدول المستهلكة ترى أن امن الطاقة يعني ضمان الإمدادات، في حين ترى الدول المنتجة انه مرتبط باستمرار وجود مصادر كافية تؤدي إلى أسواق مستقرة»، مشيرا إلى أهمية توفر السيولة الكافية لاستمرار هذه الاستثمارات.

واتهم عبد الله أحمد بدوي رئيس وزراء ماليزيا الغرب بأنه يتاجر بما ليس لديه، لافتا إلى أن سبب الأزمة يكمن في عدم الشفافية في النظام المالي العالمي، بينما في الوقت نفسه أبرز نقاط قوى المصرفية الإسلامية التي قد تعمل كبديل للنظام الحالي. وأشار في كلمته إلى الشروط الصارمة التي تضعها الدول الإسلامية في إصدار الصكوك الإسلامية بالإضافة إلى نظام بنكي آمن.

وفي نفس الإطار وصف قطاع الرهن العقاري والأميركي خاصة بأنه «حالة كلاسيكية»، ومن الصعب تكرارها، خاصة من ناحية الإقراض السريع بأموال ضخمة ومن دون ضمانات كافية. وأكد بدوي على أن الابتكار والإبداع والمنافسة من شروط النجاح لتسويق المنتجات المالية الإسلامية، مشددا على ضرورة تطوير الزراعة لردم الفجوة الغذائية وصنع الاكتفاء الذاتي أولا، وذلك بزيادة الاستثمار فيها، مشيرا إلى الآثار السلبية لتغيرات المناخ على تراجع الزراعة.

ودعا إلى التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطويرها، مشيرا إلى الطاقة الشمسية التي قد تنعم بها دول الشرق الأوسط قد تدعم زيادة استثماراتها بشكل كبير. وقد شهد اليوم الأول من المنتدى توقيع أربع اتفاقيات قيمتها حوالي 3 مليارات دولار، من ضمنها البنك التجاري الوطني السعودي مع بنك معاملات السعودي، وشركة غارودا الإندونيسية مع دبي ايروسبيس تتضمن تمويل شراء 50 طائرة بوينغ من طراز 737-800 تسلم الدفعة الأولى منها في منتصف العام الجاري.