تصدير الحافلات المصرية إلى المغرب تتصدر مباحثات وزير الاستثمار المصري مع المسؤولين المغاربة

قرب التحاق لبنان باتفاقية أغادير للتجارة الحرة.. وبحث خط بحري مباشر لربط أعضائها

المغاربة على استعداد تام لمعالجة كل إشكالية تعترض تطوير المبادلات التجارية وحركة الاستثمارات بين المغرب ومصر (أ.ب)
TT

احتلت إشكالية تصدير الحافلات المصرية للمغرب مركز الصدارة في مباحثات وزير الاستثمار المصري، محمود محي الدين، مع المسؤولين الحكوميين المغاربة، خلال زيارته للمغرب على رأس وفد اقتصادي يضم 30 من رجال الأعمال وممثلي الشركات المصرية المهتمة بالسوق المغربية.

وكانت الجمارك المغربية رفضت قبل بضعة أسابيع، تمتع شحنة من الحافلات المصرية الموجهة للسوق المغربية، بالامتيازات الجمركية المقررة في «الإتفاقية العربية المتوسطية للتجارة الحرة»، المعروفة اختصارا باتفاقية أغادير، التي تجمع بين المغرب ومصر وتونس والأردن.

ويأتي هذا الحادث بأسابيع فقط من التوصل إلى حل إشكالية تصدير السيارات المصنعة في المغرب إلى مصر ضمن نفس الاتفاقية بعد 14 شهرا من المفاوضات الشاقة بين البلدين، وتدخل سلطات الإتحاد الأوروبي التي ترعى اتفاقية أغادير للتجارة الحرة، وقيام لجنة تقنية مصرية بزيارة لمصانع صوماكا للسيارات بالدار البيضاء خلال شهر يونيو (حزيران)، الماضي للتأكد من مطابقتها لمعايير الجودة والسلامة ولشروط قواعد المنشأ المنصوص عليها في اتفاقية أغادير. وأوضح وزير التجارة الخارجية المغربي، عبد اللطيف معزوز لـ«الشرق الأوسط»، أن سبب رفض الجمارك المغربية منح الحافلات المصرية تأشيرة دخول السوق المغربية تقني بالأساس، ويتعلق بعدم كفاية المعلومات التي أدلى بها المستورد المغربي. وقال «لم يستطع مستورد الحافلات المصرية للمغرب تزويد الجمارك المغربية بكل المعلومات التي طلبتها، ما تسبب في الإخلال بإجراءات الدخول».

وأضاف معزوز أن الإشكالية في طريقها للحل خلال الأسابيع المقبلة. وقال «قمنا بتشكيل لجنة تقنية، التي ستقوم خلال الأسابيع المقبلة بزيارة معامل تصنيع الحافلات المصرية للتأكد من استيفائها لشروط الاستفادة من امتيازات اتفاقية أغادير». وقال معزوز، إن المسؤولين المغاربة على استعداد تام لمعالجة كل إشكالية تعترض تطوير المبادلات التجارية وحركة الاستثمارات بين المغرب ومصر. وأشار إلى أن المغرب لا ينظر إلى الميزان التجاري بين البلدين من منطق حسابي صرف، وإنما من منطلقات إستراتيجية وتكاملية. وقال «إذا كانت هناك إمكانية لاستيراد بضاعة معينة من مصر فهي أولى من جهة ثانية».

وقال محمود محي الدين، وزير الاستثمار المصري، «لقد بدأت الآن السيارات المغربية تدخل للسوق المصرية، ونتوقع المثل بالنسبة للحافلات والأوتوبيسات المصرية».

وأشار الوزير المصري إلى أن تعثر التجارة الحرة ناتج عن تعنت بعض الجهات ذات المصالح الاقتصادية، التي ما زالت تطالب بالحماية. وقال «لا أتصور في زمن العولمة أن بإمكاننا مسايرة هذه المصالح الضيقة، وتعطيل مصالح المستهلك المغربي والمصري».

وقال محي الدين لـ«الشرق الأوسط»، إن المصارف وشركات التأمين المصرية مهتمة جدا بالتوسع في السوق المغربية في سياق توسعها في الأسواق الإقليمية العربية والأفريقية والآسيوية. وأضاف أن بحث الإمكانات والفرص التي يوفرها النظام المالي المغربي للمؤسسات المالية المصرية، شكلت جانبا أساسيا في مباحثاته مع المسؤولين الحكوميين في المغرب.

وعزا رئيس مجلس الأعمال المصري-المغربي، يماني فلفلة، ضعف حجم التجارة بين المغرب ومصر، الذي لا يتجاوز 400 مليون دولار سنويا، إلى تقصير في الترويج وبحث فرص التصدير من طرف رجال أعمال وشركات البلدين، من جهة، وإلى ضعف البنية التحتية اللوجستيكية، من جهة ثانية. وقال فلفلة لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يتصور كيف يمكن للتجارة أن تزدهر بين بلدين لا يربط بينهما أي خط بحري مباشر. وأضاف فلفلة «كل السلع التي يتم تصديرها من مصر إلى المغرب تضطر للعبور إلى أوروبا قبل إعادة توجيهها للمغرب بسبب عدم وجود خط بحري مباشر. وهذا يرفع من كلفة النقل ومدته، وبالتالي ينقص من تنافسية البضاعة المصرية في السوق المغربية، وكذلك الشأن بالنسبة للصادرات المغربية لمصر. لذلك نحن نطالب بالإسراع في وضع خط بحري مباشر يربط بين الدول العربية الأربع الموقعة على اتفاقية أغادير. نريد خطا بحريا مباشرا يربط عمان والإسكندرية وتونس والدار البيضاء في مرحلة أولى، ثم يتم تطويره تدريجيا مع التقدم الذي سيحصل في حجم المبادلات». ودعا فلفلة إلى إنشاء مركز مغربي للترويج للمنتجات المغربية في القاهرة، على غرار المركز المصري للترويج للمنتجات المصرية في الدار البيضاء. وقال إن على المصدرين المغاربة اتخاذ مبادرات أكثر باتجاه السوق المصرية من أجل استكشاف الفرص التي تزخر بها، واستغلالها من أجل تنمية المبادلات بين البلدين.

ويبدو أن الاتفاقية العربية المتوسطية للتجارة الحرة بدأت تأخذ طريقها نحو التطبيق بعد سنوات من التعثر. فتاريخ وضع اللبنة الأولى لهذه الاتفاقية يعود إلى سنة 2001، عندما تم إطلاق إعلان أغادير الشهير. ورغم أن الطموح الأصلي للاتفاقية كان يستهدف كل الدول العربية المتوسطية التي تجمعها معاهدة شراكة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن أربع دول فقط وقعت على الاتفاقية سنة 2004، وهي المغرب ومصر والأردن وتونس. وصادفت الاتفاقية معارضة قوية من الجزائر، التي رأت فيها قفزا على اتفاقية الاتحاد المغاربي. ومن أبرز المعوقات البنيوية التي تعترض تحقيق أبعاد الاتفاقية العربية المتوسطية للتجارة الحرة استمرار إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر، رغم إعلان المغرب عن فتح الحدود من طرف واحد ودعواته المتكررة للجزائر لتقوم بالمثل، غير أن السلطات الجزائرية تصر على ربط فتح حدودها بحل إشكالية الصحراء.

أمام الإشكاليات التي اعترضت الاتفاقية العربية المتوسطية للتجارة الحرة منذ دخولها حيز التطبيق في شهر أبريل (نيسان) 2007، تم إحداث لجنة تقنية للمتابعة بدعم من الاتحاد الأوروبي، التي اتخذت مقرها في الأردن. وأطلقت هذه اللجنة عدة دراسات لتطوير التجارة بين البلدان الأعضاء في الاتفاقية، أخرها دراسة إنشاء ربط بحري مباشر بين البلدان الأعضاء في الاتفاقية، التي فاز بها مكتب دراسات مصري، ويرتقب أن يعرض أولى نتائجه على أنظار اللجنة يوم 11 مارس (آذار) الحالي في عمان.

وفي اتجاه توسيع الاتفاقية إلى بلدان عربية متوسطية أخرى، تجري مفاوضات جد متقدمة مع لبنان، الذي يرتقب أن يلتحق قريبا باتفاقية أغادير ليكون بذلك خامس دولة عربية تدخل المنطقة العربية المتوسطية للتجارة الحرة.