الأزمة الاقتصادية تسهل مهمة إقناع الآيسلنديين بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي

آيسلندا من أكثر بلدان العالم تضررا بـ«الهزة المالية»

TT

بعد هزة الأزمة المالية، يعتقد كثير من الآيسلنديين، أن الانضمام للاتحاد الأوروبي قد يسهم في إعادة الاستقرار الاقتصادي، لكن المعارضة القوية للانضمام تشير إلى أن العضوية ليست امرأ محسوما. ويبدو من السهل إقناع الآيسلنديين الذين انهارت بنوكهم وعملتهم المستقلة في العام الماضي بعضوية الاتحاد الأوروبي والانضمام لمنطقة اليورو، غير أن دوائر انتخابية قوية مثل الجماعات المؤيدة لحقوق الصيادين ترفض مثل هذه العضوية. ويجري بالفعل الإعداد لاستفتاء بشأن بدء آيسلندا محادثات الانضمام في محاولة لتخطي الساسة وسعيا لكسب تفويض شعبي للدخول في المفاوضات بغض النظر عن المواقف الحزبية. وقال نوتور سيجنارسون، رئيس اتحاد التجارة الآيسلندي المؤيد للانضمام للاتحاد الأوروبي، «سئم الناس عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي ولا يعرفون لمن يلجأون». وتابع «لذا ينبغي أن نضغط من اجل استفتاء وبدء محادثات الانضمام سريعا.. لان الاتحاد الأوروبي أفضل فرصنا للاستقرار». وحتى حدوث الأزمة مال الآيسلنديون للتشكيك في جدوى الانضمام للاتحاد الأوروبي خشية تدخل بروكسل في صناعتي الصيد والطاقة، كما أن العلاقات الوثيقة بالولايات المتحدة إبان الحرب الباردة أبقت العضوية خارج جدول الأعمال. وقالت وكالة الأنباء الألمانية في تحليل اقتصادي، إن الأزمة المالية كشفت المسافة التي تفصل بين آيسلندا وكل من أوروبا وأميركا الشمالية، كما أنها تشيع جوا من القتامة الآن مع فقد وظائف. ولم يعد يسمع صوت العمالة المهاجرة الذي كان يتردد في كل مكان، وأضحت المطاعم شبه خاوية بعد أن كان يتوجب حجز الموائد مسبقا في شهر ديسمبر (كانون الأول)، وكذلك خلت واجهات المتاجر في شوارع وسط المدينة. واظهر استطلاع للرأي لمؤسسة كاباسنت جالوب الشهر الماضي أن 56 في المائة يؤيدون محادثات الانضمام رغم أن نسبة التأييد لعضوية الاتحاد تراجعت إلى 38 في المائة، وهي نفس نسبة المعارضين للعضوية انخفاضا من 52 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) حين انهارت البنوك في آيسلندا. وتراجعت نسبة مؤيدي استخدام اليورو إلى النصف من أعلى مستوياتها عند 80 في المائة وربما تأثرت جزئيا بالخلاف داخل الاتحاد الأوروبي بشأن مساعدة الاقتصادات الأضعف داخل الكتلة. وتدعو خطة «لاستفتاء مزدوج»، أحدهما بشأن بدء محادثات العضوية، والثاني يتعلق بالشروط التي يجري التفاوض بشأنها. ويعطي مثل هذا الاستفتاء المبكر الذي قد يجري هذا العام الساسة مساحة للمناورة بالسماح للمتشككين في جدوى الانضمام للاتحاد الأوروبي بمساندة المحادثات دون الالتزام بالانضمام لعضوية الاتحاد. وثمة انقسام داخل الحكومة الانتقالية التي تشكلت قبل شهر لحين إجراء الانتخابات في 25 أبريل (نيسان) المقبل بشأن عضوية الاتحاد الأوروبي، إذ يعارض الخضر واليساريون هذه الخطوة بينما يؤيدها الديمقراطيون الاشتراكيون. وكانت آيسلندا في بؤرة الأزمة العالمية في أكتوبر حين انهارت بنوكها مما اضطر الدولة الثرية لطلب مساعدة أجنبية، بينما اتهم محتجون غاضبون الساسة والمصرفيين بالطمع وعدم الكفاءة. وقد يعطي حزب الاستقلال الذي استقالت حكومته في يناير الماضي بعدما أمضت عقودا في السلطة دفعة لقضية الاتحاد الأوروبي إذا غير مساره وأيد الانضمام في مؤتمره الذي يعقد في وقت لاحق من هذا الشهر كما هو متوقع. وإذا غير حزب الاستقلال الذي تدعمه عادة جماعات الصيادين المعارضة للانضمام للاتحاد الأوروبي ومجتمع الأعمال المؤيد للانضمام، رأيه بشأن المحادثات فربما يمنح ذلك الأغلبية في البرلمان المقبل لمؤيدي بدء المفاوضات. وتعتقد الجماعات المؤيدة لحقوق الصيد التي تتمتع بقوة في آيسلندا أن السيادة ستكون مهددة إذا اجبر الاتحاد الأوروبي الجزيرة على فتح مياهها الإقليمية للأجانب. وتعم مثل هذه المشاعر آيسلندا التي شنت حروبا ضد بريطانيا بشأن حقوق الصيد في السبعينات. وقال بالدور ثورهالسون، استاذ العلوم السياسية بجامعة ايسلندا، «تحتاج آيسلندا اتفاقا يناسب صناعة الصيد حتى يتقبل المواطنون بصفة عامة العضوية». وتلتزم آيسلندا بمعظم اللوائح الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، لكن الانضمام لعضويته يدخل البلد الذي يقطنه 320 ألف نسمة إلى اكبر سوق في العالم. وذكر الاتحاد الأوروبي أن آيسلندا صاحبة المؤسسات الراسخة التي تعمل بحكم القانون، يمكنها أن تنضم اعتبارا من عام 2011 إذا أسرعت بتقديم طلب الانضمام. ويحدد صندوق النقد الدولي إلى حد كبير سياسات آيسلندا الاقتصادية في الوقت الحالي، إذ يدير برنامج مساعدة بقيمة عشرة مليارات دولار ويضطرها للانضمام للاتحاد الأوروبي لتبني أنظمة نقدية ومالية رشيدة بعد التعافي إذا أرادت استخدام اليورو خلال بضعة أعوام. وفقدت عملة آيسلندا ثلثي قيمتها العام الماضي وما زالت تلقى دعما من قيود على خروج رأس المال. وقلص الهبوط الحاد للعملة القوة الشرائية وكشف اعتماد آيسلندا الخطير على التمويل الأجنبي الرخيص. واحتلال مقعد على طاولة الاتحاد الأوروبي، وتبني قوانين بروكسل، مثل اللوائح المزمعة لدعم البنوك المعتلة، ربما يكون محل ترحيب من الآيسلنديين شديدي الاعتداد باستقلالهم، لكنهم يشعرون بأن ساستهم خذلوهم. وتقول راكيل اولافسدوتير، وهي موظفة استقبال عجزت عن سداد أقساط الرهن العقاري على منزلها، «لم يفعل ساستنا شيئا سوى الكذب. أخشى أن يقضي الانضمام للاتحاد الأوروبي على صناعة الصيد في بلادنا، لكن اعتقد أننا نستطيع بدء المحادثات لنرى ما يمكننا التفاوض بشأنه».