مصارف أميركية تلقت دعماً حكومياً تتوقف عن توظيف أجانب

بعضها يتحايل بإيجاد وظائف في الخارج للأجانب المتخرجين من جامعات أميركية

تعمل الشركات على صياغة سياسات خاصة للتعامل مع الوضع الجديد (أ.ف.ب)
TT

من المواقف السيئة التي يمكن أن يتعرض له المرء حالياً، التخرج في كلية التجارة بإحدى الجامعات الأميركية، مع وجود ميل خاص نحو العمل في مجال المصارف. لكن الأسوأ من ذلك ألا يكون هذا الشخص من مواطني الولايات المتحدة. ويرجع ذلك إلى أن حزمة المحفزات الاقتصادية التي تم إقرارها أخيرا تفرض قيوداً على استعانة أي حكومة تتلقى مساعدات مالية حكومية بعمال أجانب. وعلى الصعيد المالي، يعني ذلك جميع كبريات جهات التوظيف تقريباً. وحتى الآن، قامت مؤسسة مالية كبرى واحدة على الأقل، بنك أوف أميركا، بإلغاء عروض توظيف تقدمت بها لأجانب، مبررة ذلك بالقانون الجديد الذي وقعه الرئيس أوباما الشهر الماضي. على الجانب الآخر، تحاول بعض المصارف الالتفاف بهدوء حول هذه القيود ـ وربما الالتزام بعروض التوظيف التي تقدمت بها بالفعل ـ من خلال إيجاد وظائف في الخارج لغير المواطنين، طبقاً لمسؤولين جامعيين. وتبدي المؤسسات المالية حذراً بالغاً في التعامل مع الجدل الدائر حول ما إذا كان من الأفضل حماية الوظائف الأميركية أم ينبغي السماح بمنافسة مفتوحة، وذلك على أمل ألا تثير سخط المشرعين المتحكمين في توزيع أموال دافعي الضرائب التي تبقي على بعض هذه المؤسسات على قيد الحياة. وفي ظل غياب تنظيمات محددة، حيث لم يتم إصدارها بعد، يجري إجبار المصارف الكبرى على إعادة تفحص مئات الطلاب الذين كان من المفترض انضمام الكثيرين منهم إلى صفوف المتدربين بها بحلول نهاية العام الأكاديمي. وربما يؤثر القانون الجديد على الأفراد الذين حصلوا على ما يطلق عليه تصاريح عمل إتش ـ بي1، التي يتم منحها للعمال المهنيين الأجانب المتمتعين بمهارات تحتاج إليها جهات توظيف أميركية. أما العمال الحاليون بالفعل فلا يؤثر عليهم القانون. من ناحيتها، قالت باتريشيا روز، مديرة شؤون الخدمات المهنية بجامعة بنسلفانيا، إن الشركات تعمل على صياغة سياسات خاصة للتعامل مع الوضع الجديد. واستطردت موضحة أن: «كل مصرف يحرص على الاستعانة بمشورة مستشار قانوني خارجي ويحاول تحديد ما يمكنه فعله وما لا يمكنه». والملاحظ أن هذا البند من القانون الجديد ـ الذي بات يطلق عليه صنع في أميركا، لسعيه نحو الاحتفاظ بالوظائف للأميركيين خلال الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد حالياً ـ أثار انتقادات من قبل بعض أنصار الهجرة وعمداء كليات التجارة، والتي تجتذب أعداداً كبيرة من الطلاب من خارج البلاد. من بين المنتقدين بوب ساكيناوا، مساعد مدير شؤون الدعم داخل المحامين الأميركيين المعنيين بالهجرة، الذي أكد أن البند: «يبعث برسالة ذات طابع حمائي لا تخدم بالضرورة جهود إنعاش الاقتصاد». وقال إن أفراداً مثل طلاب كليات التجارة ممن يتضررون بهذا القانون يعدون من الأصول القيمة التي يتعين على البلاد استغلالها. وتساءل قائلاً: «لماذا نقطع هذا السبيل المفعم بالمواهب؟».

في الإطار ذاته، أثار آر. غلين هبارد، عميد كلية التجارة بجامعة كولومبيا، المخاوف حيال تداعيات فرض قيود على التعيين في خطابات أرسلها إلى تيموثي إف. غيتنر، وزير الخزانة، ولورانس إتش. سمرز، رئيس المجلس الوطني الاقتصادي. وخلال حديث له مع الطلاب أخيراً، وصف هبارد القيود المفروضة على الشركات التي تحصل على مساعدات مالية فيدرالية لإنقاذها بأنها «بشعة للغاية». وأضاف: «إنها تمنح أفضلية للمؤسسات الدولية على نظيرتها الأميركية». والواضح أن عدد الأشخاص الذين تؤثر عليهم القيود الجديدة ضئيل مقارنة بعدد الوظائف التي خسرها الاقتصاد خلال الفترة الأخيرة. وتبعاً لما صرح به دايفيد إم. سانتوس، المتحدث الرسمي باسم مكتب خدمات المواطنة والهجرة الأميركي، فإن الحد الأقصى الذي تصل إليه تصاريح عمل إتش ـ بي1 يبلغ 65.000 سنوياً، مع وجود بعض الاستثناءات. كما أشار الكثير من الجامعات وكليات التجارة الكبرى إلى أن التأثير الذي سيخلفه القانون الجديد على طلابها بالغ الضآلة. إلا أنه من الواضح أن قضية الهجرة قد أصبحت من القضايا الخلافية الكبرى، في وقت تتصاعد معدلات البطالة بسرعة. وفي هذا الإطار، أشار بيرنارد ساندرز، السيناتور المستقل عن فيرمونت وراعي البند المعني، إلى أن: «ما قام به المسؤولون داخل المؤسسات المالية هو بصورة أساسية توظيف أفراد من الخارج برواتب أقل في وقت يتوافر فيه الكثير من العمال الأميركيين القادرين على تقديم أداء متميز». وأضاف ساندرز أنه يتعاطف مع مأساة الطلاب الذين تم سحب عروض التوظيف التي تلقونها. وقال عن طلاب كليات التجارة القادمين من خارج البلاد: «أنا على ثقة من أنهم شباب جديرون بالاحترام وأذكياء. لكنني أشعر أيضاً بالتقدير تجاه أبناء هذه البلاد الذين عملوا طوال حياتهم وتعرضوا للتسريح من جانب هذه الصناعة. أعتقد أنه ينبغي أن يحظوا بالفرصة الأولى». في المقابل، رفض ممثلو العديد من المصارف التعليق على قضية تصاريح العمل، بما في ذلك جيه بي مورغان تشيس، الذي أشارت الحكومة إلى أنه تمت الموافقة على حوالي 150 تصريح عمل إتش ـ بي1 أصدرها المصرف العام الماضي.

* خدمة «نيويورك تايمز»