غلوبل: سوق الصكوك تحمل فرص نمو كبيرة

أكد أن بورصات الخليج ما زالت بحاجة إلى الوقت للتعافي

متداولات يتابعن حركة الأسهم الكويتية («الشرق الأوسط»)
TT

واصلت معظم الأسواق المالية في دول الخليج تراجعها خلال شهر فبراير ( شباط) الماضي نتيجة لسيناريو تدهور الاقتصاد الكليّ العالمي. حيث أنهت أسواق الإمارات وعُمان فقط تداولات الشهر بنتائج إيجابية؛ فحقق السوق الإماراتي، ممثّلا في مؤشر بنك أبو ظبي الوطني، مكاسب بلغت نسبتها 3.0 في المائة خلال الشهر ليصل إلى مستوى 5,874.9 نقطة. وبحسب تقرير غلوبل الشهري يُعزى ارتفاع مؤشر سوق الإمارات إلى سلسلة التطوّرات الإيجابية الداخلية التي تتضمّن حصول شركة بورصة دبي على قرض بقيمة 2.5 مليار دولار أميركي، وطرح حكومة دبي برنامج سندات طويل الأجل بقيمة 20 مليار دولار، وقيام حكومة أبو ظبي بضخ 16 مليار درهم في خمسة بنوك محليّة بالإضافة إلى مقترح مشروع قانون لمنح تأشيرات إقامة لمالكي العقارات في دولة الإمارات. ومن جهة أخرى، سجّل السوق العُماني ممثّلا في مؤشر سوق مسقط العام ارتفاعا هامشيا بنسبة 0.8 في المائة وصولا إلى 4,853.6 نقطة.

في المقابل أنهت الأسواق الخليجية الأخرى، وفي مقدّمتها السوق القطري، تداولات الشهر على انخفاض. وكان سوق قطر للأوراق المالية الأسوأ أداء للشهر الثاني على التوالي؛ حيث تراجع مؤشر جلوبل لسوق الدوحة للأوراق المالية بنسبة 12.1 في المائة في شهر فبراير. وقد شهد الشهر الماضي إعلان النتائج المالية للشركات المُدرجة عن الربع الرابع من عام 2008. وكما كان متوقّعا، تأثرت نتائج الربع الرابع بالوضع الاقتصادي الضعيف الذي ترك مفعولا سلبيا على معنويات المستثمرين. ولكنّ بالنظر إيجابيا، فإن حكومات المنطقة، وعلى رأسها الحكومة الإماراتية، قد استمرت خلال شهر فبراير في اتّخاذ خطوات في الاتّجاه الصحيح تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي. وأضاف التقرير شهدت بورصات دول مجلس التعاون الخليجي تداول 22.5 مليار سهم خلال شهر فبراير من عام 2009 مقابل 15.9 مليار سهم ‏‏خلال الشهر السابق، كذلك ارتفعت قيمة الأسهم المتداولة في هذه البورصات إلى 39.4 مليار دولار أميركي خلال شهر فبراير مقابل 37.8 مليار دولار أميركي المسجّلة خلال الشهر السابق. ‏ وحول الصيرفة الإسلامية ذكر التقرير أن قطاع التمويل الإسلامي نما بمعدلات ثنائية الرقم خلال الأعوام العشرة الماضية باستثناء عام 2008. ويقدّر أن تصل موجودات قطاع التمويل الإسلامي إلى 700 مليار دولار. ويعزى جزء من هذا النمو الهائل في السوق إلى ازدهارِ اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. وفي ظل الأزمة المالية الأخيرة التي ألمّت بالقطاع المالي، علت أصوات تدعو إلى زيادة الاعتماد على مبادئ الشريعة الإسلامية. وكان تأثير الأزمة المالية في المؤسسات المالية الإسلامية أقل من تأثيرها في المؤسسات المالية التقليدية. وقد كان تأثر المؤسسات المالية الإسلامية بالأزمة المالية أقل نظرا للقيود التي تفرضها أحكام الشريعة الإسلامية على المعاملات الماليّة، حيث تعتبر الموجودات ذات المخاطر المرتفعة، السندات المدعومة بالرهن العقاري ومقايضات العجز الائتماني‏ من المعاملات المالية الحسّاسة من منظور الشريعة الإسلامية. ولكن شهد عام 2008 تراجعا في إصدارات الصكوك بعد أعوام من النمو الهائل؛ حيث انخفضت حصيلة ‏إصدارات الصكوك بنسبة ‏‏54.5 في المائة في عام 2008 بالغة 15.1 مليار دولار بالمقارنة مع 33.1 مليار ‏دولار في عام 2007. ‏‏‎وبالرغم من ذلك، ارتفع عدد إصدارات الصكوك العالمية من 129 إصدارا في عام ‏‏2007 إلى 165 إصدارا في عام 2008. ‏‏‎ويعزى الانخفاض في إصدارات الصكوك إلى الضائقة الائتمانية التي دفعت ‏المستثمرين للابتعاد عن الاستثمار في أسواق الدخل الثابت، ومن ضمنها سوق السندات الإسلامية. وكدليل على تأثير الضائقة الائتمانية على الصكوك، كانت عملية إصدار الصكوك في الربع الرابع من عام 2008، ‏ضعيفة مقارنة بالأرباع الأخرى من ذات العام. وفي الربع الأول من العام السابق، بلغ عدد إصدارات ‏الصكوك في الولايات المتحدة 139 إصدارا بقيمة 14.3 مليار دولار، بمتوسط 4.8 مليار دولار لكلّ ‏‎ربع. و‏من ناحية أخرى، كان عدد إصدارات الصكوك في الربع الرابع من عام 2008 مقداره 26 بقيمة 0.8 مليار ‏دولار.

‏‎ويشير تقرير غلوبل إلى أن سوق السندات الإسلامية ما زال متركزا في دول مجلس التعاون الخليجي وماليزيا، من حيث القيمة بالدولار. وشكّلت ‎دول مجلس التعاون الخليجي 55.5 في المائة من القيمة بالدولار للصكوك المُصدرة، في حين شكّلت ماليزيا 36.3 في المائة منها. وفي الوقت نفسه، تراجع عدد الصكوك المؤسساتية تراجعا طفيفا منخفضة من 97 إصدارا في عام 2007 إلى 92 إصدارا، بينما ارتفع عدد الصكوك السيادية إلى أكثر من ضِعف لتبلغ 73 إصدارا في عام 2008 مرتفعة من 32 في عام 2007. ومن بين 165 إصدارا في عام 2008، بلغ عدد الإصدارات المؤسساتية 92 إصدارا (55.8 في المائة من إجمالي الإصدارات)، بالمقارنة مع 97 إصدارا من أصل 129 إصدارا (75.2 في المائة) في عام 2007. على الرغم من هذا الانخفاض، شكّلت الإصدارات المؤسساتية جزءا كبيرا من إجمالي عدد الإصدارات المطروحة. وبلغت قيمة الإصدارات المؤسساتية 13.3 مليار دولار، أَو ما يقدّر بنسبة 88.5 في المائة من إجمالي قيمة الإصدارات في حين بلغت قيمة الإصدارات السيادية 1.7 مليار دولار، أَو ما يُمثل 11.5 في المائة في الفترة ذاتها.

ولكن على الرغم من الصعوبات التي تواجهها حاليا صناعة التمويل الإسلامي، فإن إمكانيات نمو سوق الصكوك على المدى الطويل ما زالت إيجابية. ويتوقف التعافي السريع لسوق الصكوك إلى حد كبير على عملية إعادة تأهيل الصناعة المالية العالمية، وخصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي. ويوجد حاليا، أكثر من 100 إصدار ‎للصكوك، تم الإعلان عنه بغرض جمع أكثر من 38 مليار دولار أميركي. ونظرا للاضطرابات المالية الحاصلة، قد لا يرى بعض من هذه الإصدارات النور، ولكنّ الأرقام تُظهر أنّ هناك صفّا طويلا من الإصدارات التي تنتظر انتعاش الاقتصاد العالمي لكي تنطلق من أجل دخول السوق.‎