اجتماع «أوبك» وسط جدل بين الالتزام بالإنتاج وإجراء تخفيضات جديدة

يعقد اليوم في فيينا > النعيمي: السوق النفطية لا تشهد توازنا بعد

«أوبك» وسط مخاوف من أن المخزونات لا تزال وفيرة وقد تشهد مزيدا من الارتفاع من جراء ضعف الطلب العالمي («الشرق الأوسط»)
TT

يبحث وزراء نفط أوبك في فيينا اليوم (الاحد) ان كان من الافضل تشديد الالتزام بقيود الانتاج الحالية أم اجراء تخفيضات جديدة وذلك في معرض موازنتهم بين قضيتي تضخم مخزونات النفط وتدهور الاقتصاد العالمي. ويقول وزراء حضروا قبيل اجتماعات اليوم ان البند الاول على جدول الاعمال هو تشديد الامتثال الى التخفيضات المتفق عليها منذ سبتمبر (أيلول) الماضي لخفض أهداف المعروض 4.2 مليون برميل يوميا. لكن البعض في المنظمة، التي تضم 12 عضوا يحبذون المضي الى ما هو أبعد من ذلك بالاتفاق على أهداف انتاج جديدة من أجل تجفيف المخزونات في ظل تآكل استهلاك الطاقة من جراء ضعف الاقتصاد. وقد أعلن وزير البترول السعودي علي النعيمي، أمس، لدى وصوله إلى فيينا عشية اجتماع «أوبك» اليوم أن السوق لا تشهد توازنا «بعد»، مشيرا إلى انه يود من الدول أن تلتزم بحصص الإنتاج «إلى أقصى قدر ممكن».

وسئل وزير كبرى الدول المنتجة للنفط في أوبك «هل أن السوق تشهد توازنا بين العرض والطلب؟»، فأجاب «لا، ليس بعد». وتابع أن «الطلب العالمي على النفط في 2009 أدنى بكثير منه في عام 2008». وعن احترام حصص الإنتاج، وهو موضوع يتوقع أن يكون في صلب مناقشات اجتماع أوبك الوزاري اليوم، قال النعيمي «إن احترام الحصص ممتاز. نريد أن نرى أعلى مستوى ممكن من الالتزام (بالحصص). والمستوى الآن يزيد على 80% ويمكن أن يكون أفضل من ذلك».

وسقف الإنتاج لـ11 دولة عضو في أوبك من أصل 12 (باستثناء العراق من نظام الحصص)، محدد حاليا بـ24.84 مليون برميل في اليوم. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية لم يكشف الوزير السعودي عن موقف بلاده في الاجتماع الوزاري. وسئل عن احتمال أن تطالب السعودية بخفض الإنتاج مجددا، فرد «سنقول لكم غدا (اليوم الأحد)» .

من جهته أبلغ وزير النفط الكويتي وكالة الانباء الكويتية (كونا) أن بعض وزراء نفط أوبك يؤيدون اجراء خفض انتاجي جديد في حين يجبذ اخرون الابقاء على القيود الحالية. وأضاف الشيخ أحمد العبد الله الصباح أن خفض الانتاج بدرجة أكبر ممكن لبعض الحكومات، لكنه صعب لاخرى نظرا لالتزاماتها على صعيد الميزانية. لكنه قال في تصريحاته للوكالة الرسمية انه حتى خفض حاد في انتاج أوبك قد لا يكون كافيا لرفع الاسعار الى المستوى الذي تفضله المنظمة قرب 70 دولارا نظرا للتراجع في الطلب على الخام. ونسبت الوكالة الى الوزير قوله ان ذاك السعر «في الوقت الراهن يبقى هدفا صعب المنال بسبب تداعيات الازمة المالية العالمية والركود الاقتصادي.. حتى لو خفضت المنظمة من المعروض بكميات كبيرة، فان الاسعار لن تعود الى مستوياتها السابقة بسبب التراجع الكبير في الطلب على الخام». وقال متحدثا قبيل اجتماع أوبك اليوم ان نسبة التزام أعضاء المنظمة بتخفيضات الانتاج المتفق عليها تبلغ 80 في المائة وان هذا «أمر مشجع جدا». ولم يحدد أي الموقفين تؤيده الكويت داخل المنظمة. وقال الوزير «الكويت تدعم القرار الجماعي وما يصب أولا وأخيرا في مصلحة المنظمة ودولها ويعمل على تحقيق الاستقرار في السوق خدمة لمصالح المنتجين والمستهلكين على السواء».

من ناحيته قال وزير النفط الايراني غلام حسين نزاري أمس في فيينا انه «هناك اكثر مما ينبغي من النفط» في الاسواق. وردا على سؤال بشأن الوضع في الاسواق النفطية قال الوزير «بالتأكيد هناك اكثر مما ينبغي من النفط» في هذه الاسواق. وتعاني ايران ثاني اكبر منتج للنفط في اوبك بنحو اربعة ملايين برميل يوميا، من تراجع اسعار النفط. وتعتمد ميزانية الدولة الايرانية بنسبة تفوق 50 في المائة، على صادرات النفط ويضع تراجع سعر الذهب الاسود طهران في وضع اقتصادي صعب. غير ان الوزير الايراني لم يوضح بحسب وكالة الصحافة الفرنسية ما اذا كانت بلاده ستدعو خلال اجتماع الاحد الى خفض جديد للانتاج. واحترم اعضاء اوبك بنسبة 80 في المائة قرارات خفض الانتاج. وقد يصر اجتماع الاحد على ضرورة احترام قرارات اجتماع وهران بالجزائر في ديسمبر(كانون الاول) الماضي، بنسبة مائة في المائة.وصرح وزير النفط الفنزويلي رافائيل راميريز أول من أمس الجمعة انه سيتم العمل على التقيد الكامل بتخفيضات الانتاج التي تم التعهد بها. وقال راميريز لدى وصوله الى العاصمة النمساوية ان اعضاء منظمة اوبك اظهروا «مستوى عاليا من الاحترام»، لكننا «سنعمل لاحترام كامل» للتعهدات التي قطعت بشأن تخفيض الانتاج. من جهته قال وزير النفط القطري عبد الله العطية أمس ان وزراء منظمة أوبك سيناقشون في اجتماعهم اليوم الالتزام الكامل بالقيود القائمة قبل أن يبحثوا اجراء المزيد من تخفيضات الانتاج. وأبلغ العطية الصحافيين لدى وصوله فيينا «أولا ينبغي أن نراجع الالتزام ثم نناقش ما ينبغي أن نقوم به في المستقبل». وتابع «أريد أن أرى التزاما بنسبة 100 في المائة» مضيفا، أن الالتزام يعادل خفضا جديدا «لكن غير مباشر».

وتخفيضات الانتاج المتفق عليها منذ سبتمبر ( ايلول) الماضي هي الاعمق والاسرع حتى الان، ومعدل الالتزام بها عند مستوى مرتفع تاريخيا. وقد ساعدت على انتشال الاسعار من مستوى منخفض عند 32.40 دولار في ديسمبر الى حوالي 46 دولارا الان للخام الاميركي وهو مستوى دون مستوى العام الماضي بأكثر من 100 دولار. لكن المخزونات لا تزال وفيرة وقد تشهد مزيدا من الارتفاع من جراء ضعف الطلب، لا سيما مع اقتراب الربع الثاني من العام عندما يتراجع عادة استهلاك الوقود الى أدنى مستوياته بعد انقضاء فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي. وبحسب «رويترز» كانت بي.اف.سي انرجي، التي تتخذ من واشنطن مقرا قالت ان «مسار التحرك الارجح (لمنظمة أوبك) سيكون خفضا جديدا في الاهداف الرسمية». وستأخذ أوبك في الحسبان انهيار الاسعار، الذي حدث في أواخر التسعينات عندما انخفض سعر النفط صوب عشرة دولارات للبرميل. كان تطبيق تخفيضات أوبك في ذلك الوقت يجري ببطء أكبر من هذه المرة ولم تستقر الاسعار لاكثر من عام. وفي ذلك الوقت كان الطلب على النفط مستقرا، لكن من المتوقع انكماشه مليون برميل يوميا على الاقل هذا العام مقارنة مع 2008، كما أن الاقتصاد العالمي أضعف بكثير. وفرق اخر أن امدادات الدول غير الاعضاء في أوبك تتراجع بسبب ضعف الاستثمار وتقادم حقول كثيرة. ويعني هذا أن تعاون الدول من خارج أوبك مع تخفيضات انتاج المنظمة سيكون نظريا بدرجة كبيرة. رغم هذا، دعا بعض وزراء أوبك روسيا أكبر بلد منتج للنفط خارج المنظمة الى المشاركة. وترسل موسكو وفدا رفيعا يضم ايجور سيشين نائب رئيس الوزراء وسيرجي شماتكو وزير الطاقة لحضور اجتماع أوبك بصفة مراقبين.