تزايد عمليات مقايضة البضائع والخدمات مع اشتداد الأزمة الاقتصادية العالمية

تنامي المواقع والمؤسسات التي تروج للعمليات التجارية التي لا يستخدم فيها الدفع نقدا

TT

في المرة المقبلة التي يحتاج فيها كيفان كوين إلى تنظيف حوضه، لن يكون عليه الدفع نقدا. ولكن بدلا من ذلك سوف يأخذ السبّاك وعائلته في رحلة على قاربه.يقول كوين، الذي يبلغ من العمر 49 عاما:«في هذا المناخ الذي يشعر فيه الجميع بالقلق على ما لديهم من مال، فإن هذه الفكرة لها صدى كبير.» وكوين هو أب لثلاثة أبناء، وقد عثر على السبّاك على موقع swapaskill.com، وهو موقع مقايضة في بريطانيا.«إنها طريقة جيدة لتنفيذ الأشياء من دون أن تحتاج إلى الدفع نقدا.» وتشهد عملية المقايضة تناميا ملحوظا في الوقت الذي أتت فيه الأزمة المالية العالمية على النقد في كافة أنحاء العالم. وثمة تنامٍ في عدد المواقع الإلكترونية والمؤسسات التجارية التي تروج للعمليات التجارية لا يستخدم فيها الدفع نقدا، بدءا من نيو هامبشير مرورا بنيوزلندا ووصولا إلى سري لانكا، في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات البطالة ويكابد الملايين من أجل دفع الفواتير الخاصة بهم. ويقول رون وينتي، وهو من رابطة التجارة التبادلية الدولية التي تتخذ من بورتسماوث بولاية فيرجينيا مقرا لها: «هذا الأمر على أشده في الوقت الحالي.»ويقول إنه يحدث كل عام ما تصل قيمته إلى 12 مليار دولار في صورة مقايضة أنشطة تجارية في مختلف أنحاء العالم وأن أكثر من 250,000 مؤسسة تجارية في الولايات المتحدة قد مارست عمليات مقايضة للبضائع والخدمات خلال العام الماضي. ويشير وينتي إلى أن الركود المتنامي حاليا قد أوجد اهتماما متجددا بهذه التجارة العتيقة، كما أنه يعزز من عمليات المقايضة بين الأفراد التي تحدث من خلال مواقع على الشبكة العنكبوتية ومن خلال الشبكات التي تربط بين الأفراد في مختلف أنحاء العالم. ويقول متحدث باسم «كرايجس لست»، وهي خدمة إعلانية على شبكة الإنترنت، إن عمليات المقاضية قد تضاعفت على الموقع خلال العام الماضي. وتضمنت عمليات المقايضة المقترحة على موقع « كرايجس لست» داخل منطقة واشنطن خلال الأسبوع الجاري خدمات محاسبية مقابل الحصول على طعام، كما عرضت امرأة قضاء أسبوع في منزلها في هيلتون هيد مقابل القيام بعملية أسنان لزوجها. ويقول نيكول ويدن، مؤسس «سوابا سكل» التي سوف يتم تدشينها قريبا في واشنطن ومدن أخرى في مختلف أرجاء الولايات المتحدة: «من الواضح أن الناس يبحثون عن وسائل أخرى للحصول على ما يريدون من دون الدفع مقابل ذلك.» ويضيف ويدن: «يبعد المزاج العام بصورة تدريجية عن ثقافة الإنفاق، الناس تفكر في الأمر وتبحث إذا ما كنت ثمة وسيلة أخرى لتنفيذ الأشياء.» ويوجد على موقع U-excahge.com قائمة بأسماء أشخاص يبحثون عن مقايضين في أكثر من 80 دولة. ويوجد في موقع swapthing.com ، ومقره بولاية كاليفورنيا، أكثر من 3.4 مليون بندا أمام المقايضين. وتحظى مواقع، على غرار موقع Homeexchange.com بشعبية متزايدة يوما بعد آخر بين هؤلاء الذين لا يريدون الدفع، مقابل منازل يقضون فيها فترة الإجازة، فيما تروج مواقع أخرى للناس الذين يحتاجون إلى إشباع احتياجاتهم الحياتية اليومية من دون استخدام الدفع نقدا أو كروت الائتمان. قام أحدهم في إنجلترا أخيرا بمقاضية العديد من أجهزة التلفون الجوال القديمة مقابلة دراجة بخارية مستعملة، فيما قام آخرون بمقايضة العمل في بستان برعاية الطفل. كما أنهم يقومون بمقايضة المهارات بدءاً من العلاج البدني إلى إعطاء دروس في اللغة الفرنسية إلى امرأة تعرض خدمات مثل «السكرتارية». ومتروك للمقايضين أن يقرروا ما إذا كان هذا العرض يتسم بالعدالة أم لا وكيف سوف يتم توصيل وتبادل البضائع والخدمات. ويقول بول كاي، وهو مؤسس موقع swapz.co.uk ، إن الزيادة «الكبيرة» في نشاطه تعكس رغبة أقل في القيام بالمعاملات التجارية التي ترتبط بالتجارة مقارنة بتلك المرتبطة بالعلاقات بين الأفراد. ويضيف كاي: «إنها روح جديدة تسري بين الناس، لقد شهدتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث اشتد الوضع من الناحية الاقتصادية.» وفي الوقت الذي ترتفع فيه معدلات البطالة في الولايات المتحدة وبريطانيا بصورة كبيرة، يقول بعض الناس إن المقاضية هي السبيل الوحيد للعيش. يقول زيد إبستين، الذي يبلغ من العمر 25 عاما وكان يملك مؤسسة يقوم من خلالها بترميم المنازل التاريخية في ولاية أيوا حتى مايو (أيار) عندما أجبر على إغلاق المؤسسة بعد أن زادت وطأة الأزمة الاقتصادية: «استخدم مواقع المقايضة الإلكترونية لأرى ما يمكن أن نقوم به كي نبقى على قيد الحياة.» وأضاف إبستين، خلال مقابلة أجريت معه عن طريق التلفون، إنه ليس في استطاعته الحصول على وظيفة منذ أن علق نشاطه، وأنه انتقل مع زوجته إلى ولاية كاليفورنيا بحثا عن وظائف. ويشير إلى قام بالعديد من عمليات المقايضة التي عثر عليها على « كرايجس لست». قام إبستين بكسوة حجرة بالحصي، مقابل الحصول على بعض الأدوات وقام بصب أرضية خراسانية نظير تركيب موتور جديد في سيارته، كما أنه ساعد أحدهم على تأسيس نظام التلفزيون والستريو، مقابل الحصول على وجبة. ويقول إبستين، الذي يدرس حاليا للحصول على درجة في الهندسة الكهربية: «في الوقت الحالي، هذا ما يقوم به الناس كي يتمكنوا من التعامل مع الوضع الراهن.» ويضيف: «إذا أردت تركيب صنبور لديك وتعلم شيئا عن ميكانيكا السيارات، فهناك بالتأكيد سباك في مكان ما لا عمل لديه ولديه شيء في سيارته يحتاج إلى إصلاحه.» ويقول كوين، صاحب القارب، إنه يحصل على راتب جيد من عمله كمدير مشروع لصالح شركة طيران وقبل عامين قرر شراء قارب له. ويضيف كوين، الذي أشار إلى أن شراء مركب يبلغ 36 قدما قد أتى على الكثير من المال الذي كان لديه الذي أصبح أقل كثيرا:«يظن الناس أن لديك الكثير من المال إذا كان لديك قارب. لا يجب أن تكون على وشك الإفلاس كي تقوم بمقايضة الحرف.» وتقول جودي برجر، التي أسست موقع hatsmineisyours.com وهو موقع مقايضة في ببريطانيا ويركز على الموضة، إن موقعها يستخدمه 22,000 مستخدم من مختلف أنحاء العالم. وتضيف أن مستخدمي موقعها يقايضون حوالي 1000 بند في الأسبوع وأن موقعها قد أقل شبها بموقع «إي باي» وأكثر شبها بموقع «فيس بوك»، حيث يقوم المقايضون ببناء علاقات مع مجموعات من المقايضين الذين لديهم اهتمامات مشابهة. وتشير إلى أن الكثير من المستخدمين، ولاسيما من بين النساء، يقمن ثنائيات مع أخريات لديها نفس المقاس والذوق في الموضة ويقمن بصورة مستمرة بتجديد خزائن الملابس لديهن بالتبادل مع بعضهن بعضا. وقول برجر: إنه في ظل المناخ الاقتصاد الحالي، فإن عمليات المقايضة من دون دفع نقدية تسمح لمدمني التسوق الحصول على منفذ أرخص ثمنا لما اعتادوا عليه. وتضيف: «يقولون لقد وفت هذا القدر من المال خلال العام الحالي لم أنفقه على الملابس». حقا إنها طريقة جديدة للتسوق.» وقد قام سيمون روبرتز، 42 عاما من نوتينغام بإنجلترا، إلى تحويل المقايضة إلى نشاط تجاري. وكان لدى روبرتز في فبراير (شباط) 2008 شاحنة فورد قديمة تبلغ قيمتها 400 دولار تقريبا. لم يكن يعمل وكان في حاجة إلى المال، وبينما كان يتصفح شبكة الانترنت، وجد موقع «Swapz». قام روبرتز بمبادلة شاحنته بسيارة رياضية تبلغ قيمتها 3,000 دولار، ويعلق على ذلك قائلا: إن مالك السيارة الرياضية في حاجة إلى شاحنة وكان لديه رغبة في إتمام هذه المبادلة غير المتوازنة. ويضيف: «لا يهم ما لديك، وما هي تكلفته، ولكن ما يهم هو ما يرد الشخص الآخر دفعه.» ويقول روبرتز إنه منذ هذا التاريخ قام بـ39 عملية مقايضة، ويقدر أن ما لديه تبلغ قيمته أكثر مما كان لديه عند بدء هذا النشاط بأكثر من 30,000 دولارا. وفي الوقت الحالي، لدى روبرتز شركة حصل عليها مقابل شاحنة فارهة رباعية الدفع، كما أنه يمتلك سيارة مرسيدس بنز و12,000 دولار. ويقول إنه حصل على المال من بين سيارة، واحتفظ بمعظم ثمن البيع واستخدم القليل لشراء سيارة رخيصة الثمن وبدء المقايضة من جديد.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»