يوسف بطرس غالي لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق على مضاعفة موارد الصندوق الدولي لنصف تريليون دولار

وزير المالية المصري: أزمة الثلاثينات عولجت بسياسات خاطئة.. والحالية سياساتها صحيحة

يوسف بطرس غالي
TT

أكد الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية المصري، الذي حضر اجتماعات وزراء مالية مجموعة العشرين في هورشام في بريطانيا أول من أمس، بوصفه رئيسا للجنة المالية والنقدية الدولية في صندوق النقد الدولي، أن هناك اتفاقا على مضاعفة موارد الصندوق إلى نحو 500 مليار دولار من أجل تقديم التمويل اللازم للدول المحتاجة في مواجهة الأزمة المالية العالمية التي عصفت ببعض الاقتصادات، خاصة في الدول النامية.

وكان وزراء مالية مجموعة العشرين الذين يحضرون القمة على مستوى القادة في لندن في أوائل الشهر المقبل، قد اتفقوا أمس على زيادة موارد الصندوق واتخاذ كل التدابير اللازمة لتحفيز الاقتصاد العالمي في مواجهة الأزمة وسط توقعات بنمو بالسالب هذا العام في معظم الاقتصادات الصناعية الكبرى وتحذيرات من البنك الدولي بأن عام 2009 سيكون عاما شديد الخطورة.

يذكر أن يوسف بطرس غالي هو أول مسؤول من دولة ناشئة ينتخب في أواخر العام الماضي ليرأس اللجنة المالية والنقدية الدولية، وذلك في خطوة جاءت في إطار فتح المستويات العليا لمناصب صنع السياسة في صندوق النقد الدولي أمام الاقتصادات الناشئة، إذ إن هذا المنصب كان دائما يذهب لدولة أوروبية منذ إنشاء صندوق النقد الدولي بعد الحرب العالمية الثانية.

وقال يوسف بطرس غالي في مقابلة مع «الشرق الأوسط» في لندن أمس، إن هذه الموارد الإضافية ستكون متاحة للدول، خاصة من الاقتصادات الناشئة التي ووجهت بمشاكل في التمويل نتيجة الأزمة المالية الدولية، مؤكدا أن هناك التزامات من قبل الدول التي اجتمعت أول من أمس بتقديم الموارد الإضافية إلى الصندوق حتى يستطيع أن يمارس دوره في إنعاش الاقتصاد العالمي. وكانت اليابان تعهدت بتقديم 100 مليار دولار للصندوق، وكذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بمبلغ مماثل، في حين هناك جهود لإقناع الدول ذات الاحتياطيات المالية الكبيرة مثل الصين بتقديم أموال مع إشارات من قبل مسؤولين ماليين إلى الحاجة لمضاعفة موارد الصندوق أكثر من مرة إلى ما يتجاوز الـ700 مليار دولار.

وأكد غالي ردا على سؤال، أن هناك حاجة إلى قواعد إقراض جديدة من قبل الصندوق للدول المقترضة في ضوء أن ظروف الأزمة المالية الحالية غير عادية، وبالتالي فإن قواعد الإقراض المعتادة السابقة لا تصلح معها، مشيرا بذلك إلى تخفيف الضوابط ومعايير السياسات التي كان يطالب بها الصندوق سابقا، فيما يعرف بوصفاته الاقتصادية في مجال السياسة النقدية للدول عند لجوئها له للحصول على تسهيلات ائتمان وقروض. وقال انه طرح في الاجتماعات ضرورة أن تكون هناك سياسات إقراض جديدة في مواجهة الأزمة الحالية.

وحول سؤال آخر عن الكيفية التي يمكن بها للصندوق ضمان استرداد القروض التي يمنحها فيما إذا خفف معاييره السابقة قال، إن الصندوق لن يقوم بإقراض دول لا تسدد ديونها وهناك قواعد لذلك، وعدم الالتزام يعني عدم القدرة على الحصول على تمويل مستقبلا من المؤسسات المالية الدولية.

وبشأن معايير الرقابة الدولية على المصارف والمؤسسات المالية، والحديث عن اتجاه لوضع ضوابط على صناديق التحوط التي تحرك أموالا هائلة وعمليات المشتقات المالية، نفى أن يؤدي مثل هذا الاتجاه على المستوى العالمي إلى الحد من كبح التطور الذي شهدته الأسواق المالية في السنوات الماضية، أو أن يكون هناك اتجاه لإنشاء جهاز دولي معني بمراقبة هذه العمليات. وقال إن المقترح هو التنسيق بين الدول في المعلومات والبيانات حتى لا يحدث وضع مثل الذي أدى إلى الأزمة الحالية، كما أيد سياسات التحفيز التي قررتها مجموعة من الدول الصناعية وفي مجموعة العشرين للمساعدة على إنعاش النمو مجددا. وردا على سؤال آخر عن رؤيته للازمة الحالية وما إذا كانت تشبه أزمة الثلاثينات (الكساد الكبير الذي أعقبته الحرب العالمية الثانية)، قال إنها أزمة مختلفة، فالركود في الثلاثينات صاحبته سياسات اقتصادية ومالية خاطئة أدت إلى تفاقمها، وذلك في إشارة إلى النزعات الحمائية التي ظهرت في ذلك الوقت وسياسات أخرى. وقال إن الوضع مختلف في الأزمة الحالية، لأن السياسات التي تواجه بها سياسات صحيحة تتفادى أخطاء الماضي. وكانت مجموعة العشرين قد أكدت أكثر من مرة منذ قمتها في نهاية العام الماضي على تفادي الانزلاق إلى السياسات الحمائية التي قد تضر أكثر بحركة التجارة الدولية وتزيد من حدة الركود. وعادت إلى تأكيد ذلك قبل العشرين المقبلة في لندن.

وتوقع الدكتور يوسف بطرس غالي أن تأخذ الأزمة الحالية نحو عام ونصف العام، رافضا النظرية التي يطرحها بعض الاقتصاديين بأنها قد تأخذ 10 سنوات من أجل عودة النمو من جديد.

وحول المنطقة العربية ومدى تأثرها بالأزمة، أشار إلى أن الجميع متأثر، فالأزمة عالمية وستتأثر معدلات النمو بنسب متفاوتة، لكنه أكد أن النمو لن يكون بالسالب، أي يحدث انكماش لدى سؤاله عن الاقتصاد المصري، كما أكد أن الاقتصاد المصري لن يكون في حاجة إلى اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن وضع المؤسسات المالية والجهاز المصرفي جيد من حيث السيولة، ومتوقعا في الوقت ذاته أن تتجه أسعار الفائدة إلى الانخفاض. وقال إنه لا يعلم بحالات لاقتصادات عربية قد تحتاج إلى اللجوء لتوفير موارد مالية من الصندوق الدولي في الأزمة الحالية. وفيما يتعلق بما يمكن اتخاذه من إجراءات لتخفيف حدة تأثير الأزمة العالمية، أشار إلى محاولة تنشيط الاستهلاك المحلي لتصريف المنتجات التي كانت تتجه إلى الخارج، وإن كان لم ينف في الوقت ذاته أن تأثيرات الأزمة ستشمل سوق العمل والوظائف.