أميركا: «إيه آي جي» تدفع الملايين مكافآت لموظفيها.. على حساب أموال دافعي الضرائب

على الرغم من المواجهة المكشوفة بشأنها بين رئيسها ووزير الخزانة

TT

على الرغم من المواجهة التي حدثت يوم الأربعاء بين الرئيس التنفيذي لعملاق التأمين الأميركي «المجموعة الدولية الأميركية» (أيه أي جي) ووزير الخزانة تيموثي غيتنر، سوف تقوم المجموعة بدفع مئات الملايين من الدولارات في صورة مكافآت ومدفوعات تمديد للموظفين. ولكن، وافقت المجموعة على مراجعة المدفوعات التي سوف تعطى لبعض المسؤولين التنفيذيين بعد ما أسماه رئيس المجموعة إدوارد ليدي محادثة «صعبة». وقد أثارت المكافآت وغيرها من المدفوعات غضب مسؤولين حكوميين، تعهدوا بتقديم 170 مليار دولار للمجموعة، كي تستطيع متابعة أعمالها، وهذا الرقم أكبر كثيرا من المبالغ التي قُدّمت إلى أي مؤسسة مالية أخرى. وقد طفت هذه القضية على السطح، عندما اتصل غيتنر بليدي وأخبره أن هذه المدفوعات غير مقبولة ويجب إعادة النظر فيها، حسبما قاله مسؤول في الإدارة لم يكن مخولا بالتعليق على المحادثة التي أجراها وزير الخزانة. وفي خطاب وجهه إلى غيتنر أمس، وافق ليدي على إعادة هيكلة بعض المدفوعات، ولكنه أشار إلى أن لديه «مخاوف كبيرة» بخصوص أثر ذلك على قدرة الشركة على الحفاظ على طاقمها الموهوب «إذا رأى الموظفون أن رواتبهم سوف تكون عرضة لتعديلات مستمرة وعشوائية من قبل الخزانة الأميركية». وخلص محامون في وزارة الخزانة والمجموعة الدولية الأميركية إلى أن المجموعة سوف تخاطر بمواجهة دعوى قضائية، إذا أسقطت مدفوعات التمديد في «فاينانشال برودكتس» التابعة للمجموعة، وكانت« أيه أي جي» قد تعهدت قبل أن تبدأ الحكومة في عملية إنقاذها في سبتمبر (أيلول)، بأن الموظفين سوف يحصلون على أكثر من 400 مليون دولار في مدفوعات تمديد خلال العامين الجاري والمقبل. وكتب ليدي: «لا أحب هذه الترتيبات، ومن الصعب أن أقول لك أن علينا الإبقاء عليهم».

وفي نفس الوقت، قالت المجموعة في وثائق قدمتها إلى وزارة الخزانة، إن أي خطوات من شأنها أن تدفع المتخصصين في «فاينانشال برودكتس» إلى ترك العمل، يمكن أن تضع مخاطر أكبر أمام الحكومة الأميركية، وسبب ذلك المخاطر التي ما زالت تحدق بسبب المحفظة التي تبلغ قيمتها 1.6 تريليون دولار، وما بها من مشتقات معقدة يعمل هؤلاء الموظفون على التخلص منها. ووافق أرفع سبعة مسؤولين تنفيذيين في المجموعة، ومن بينهم ليدي، في نوفمبر (تشرين الثاني) على عدم الحصول على مكافآتهم خلال العام الجاري. وفي الأسبوع الماضي، وافقت المجموعة على إعادة هيكلة المكافآت الخاصة بأرفع 43 مسؤولا، بعد السبعة، في المجموعة، حيث سيحصلون على نصف المكافآت التي تبلغ في مجملها 9.6 مليون دولار، حسبما قاله المسؤول في الإدارة. ومن المقرر صرف ربع القيمة في الخامس عشر من يوليو (تموز)، فيما يصرف الباقي في الخامس عشر من سبتمبر (أيلول). ولكن، سوف تعتمد الدفعتان الأخيرتان على ما إذا كانت المجموعة تحقق تقدما في إعادة هيكلة نشاطها بأموال الإنقاذ التي حصلت عليها، والتي تأتي من دافعي الضرائب الأميركيين. ويقول مسؤولون في الإدارة، إنه علاوة على ذلك، يخطط مسؤولون فيدراليون إلى استعادة بعض من هذه المكافآت ومدفوعات التمديد خلال عملية إعادة هيكلة المؤسسة. وتولّى مسؤولون في وزارة الخزانة والاحتياطي الفيدرالي ذمام الأمور في مجموعة «أيه أي جي» في الخريف، خشية أن يبلغ تعثر المجموعة، التي تمثل واحدة من أنجح الكيانات في العالم، في غمار الأزمة الاقتصادية العالمية، درجة تنتج عنها عواقب كارثية.

وفي مقابل المساعدات الحكومية، استحوذت الحكومة على حصة ملكية قدرها 80 في المائة من المجموعة. وقام وزير الخزانة السابق هنري بولسون بتعيين ليدي ليتولى مسؤولية المجموعة. ومنذ ذلك الحين، تضخمت حزمة الإنقاذ. وكانت إدارتا بوش وأوباما يحدوهما التردد إزاء تأميم الشركة بصورة كاملة وصريحة، على الرغم من أن ذلك كان يمكن أن يجنبهم الخلاف الحالي بخصوص المكافآت. ويقول مسؤولون في المجموعة الدولية الأميركية إن الخلاف بشأن المكافآت ومدفوعات التمديد استمر على مدار عدة أشهر. وخلال العام الماضي، كانت المجموعة تعلن بصورة مستمرة عن هذه المدفوعات في إعلانات مالية علنية. ولكن في الوقت الذي أثار فيه المشرعون الكثير من اللغط بشأن تفاصيل هذه المدفوعات، زاد الغضب داخل الكونغرس، وتخطاه. وعلى الرغم من أن «فاينانشال برودكتس» ماضية في صرف المدفوعات، يقول ليدي، إن المجموعة سوف تسعى إلى تقليل مدفوعات التمديد المستقبلية بمعدل 30 في المائة على الأقل. كما وافق أعلى 25 موظفا في «فاينانشال برودكتس» يحصلون على رواتب على تقليل رواتبهم إلى 1 دولار المدة الباقية من 2009، حسب ما كتبه ليدي. ومن المقرر أن تقلل الرواتب التي تصرف لباقي الموظفين بمقدار 10 في المائة. ويشار إلى أن إدارة أوباما أبدت حساسية إزاء الطريقة المتساهلة التي تتعامل بها الشركات التي تحصل على مساعدات حكومية. وقد أثار ما ينفق على الطائرات والأثاث المكتبي الفخم والمكافآت، التي لا تكون، دوما، جزءا كبيرا من نفقات المؤسسة، الحنق لدى الرأي العام وأثّر ذلك على نظرته إلى جهود الإنقاذ المالي، في الوقت الذي تنظر فيه الحكومة في طلب تقدمه للكونغرس من أجل الحصول على المزيد من مليارات الدولارات لمساعدة المصارف. ويقول مسؤولون في «أيه أي جي» إن بعض المكافآت المقبلة سوف تكون متواضعة نسبيا بمجرد تقسيمها على الموظفين. ويحصل نحو 4,700 شخص في وحدة التأمين الدولية بالمجموعة على 600 مليون دولار في صورة مدفوعات تمديد. علاوة على ذلك، من المقرر أن يذهب 121 مليون دولار في صورة مكافآت مؤسساتية إلى أكثر من 6,400 شخص، بمتوسط 19,000 دولار، حسبما أفادت به المجموعة. ويقول مسؤول تنفيذي في المجموعة، ليس مخولا للحديث في هذا الموضوع: «هذه ليست مكافآت وول ستريت. هذه شركة تأمين». وأشار المسؤول التنفيذي إلى أن علاوات التمديد في «فاينانشال برودكتس» كانت مطبقة في بداية 2008، في وقت لم تكن المجموعة قد عانت مما تعانيه الآن. وأضاف: «كانوا على علم بأنه ستكون هناك مشاكل، وظنوا أنه يمكنهم ترويض العاصفة، ولكنهم قدّروا أنهم في حاجة إلى إبقاء الموظفين، كانوا يشعرون بالقلق».

ولكن، بالطبع تغير كل شيء، حيث أخذت «فاينانشال برودكتس» تسجل المزيد والمزيد من الخسائر، ودفعت بالمجموعة إلى أزمة مالية لم تتعاف منها حتى الآن. ويقول مسؤولون في المجموعة إنه منذ هذا الانهيار خسر الكثير من الموظفين في «فاينانشال برودكتس» قرابة ثلثي ما يتقاضونه، في إطار خطة ترحيل الرواتب التي طبقتها الشركة، يتم خلالها توزيع المكافآت على مدى عدة أعوام، ويعتمد ذلك على معدل الربحية لدى الشركة. وهذه الخصومات الأخيرة تجعل من المحتمل أن يترك المزيد من الموظفين المجموعة قبل أن تتداعى المجموعة وتغلق أبوابها.

وكتب ليدي في خطاب الشهر الماضي: «هؤلاء الموظفون متخصصون على مستوى عال، كما أنهم جزء من الأنشطة التي تتحكم في مليارات الدولارات من العوائد والأموال التي سيتطلب إعادتها إلى دافع الضرائب الأميركي». وأضاف: «يدرك منافسونا قيمة المسؤولين التنفيذيين البارزين الذين يعملون لدينا، وبالفعل نحن على وعي بأنهم سيرغبون في جذب معظم القيادات الخبيرة لدينا».وبمرور الوقت، نمت كمية مدفوعات التمديد وعدد الحاصلين عليها في المجموعة الدولية الأميركية. ومنذ أن تولت إدارة أوباما عملية الإنقاذ داخل المجموعة، وهي تفرض قواعد تعويضات أكثر حزما، وتحظر المظلة الذهبية التي تدفع للمسؤولين التنفيذيين.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»