لندن: مقترحات للحد من الإفراط في الإقراض

البطالة في بريطانيا تتجاوز حاجز المليوني شخص

معدلات البطالة في بريطانيا الأعلى منذ عام 1997 (أ. ب)
TT

أعلنت هيئة الخدمات المالية (إف.إس.إيه) في بريطانيا أمس مقترحات موجهة للتدقيق في الإجراءات البنكية في البلاد لمنع تكرار أزمة مالية مثل التي حدثت. وقدم اللورد تيرنر، رئيس الهيئة، مقترحات عويصة، حول الإقراض وساعية للحد من إمكانيات البنوك لأخذ قرارات محفوفة بالمخاطر. وتضمنت الاقتراحات الجديدة الحد من إفراط البنوك في الإقراض خلال الأعوام الرابحة والمزدهرة اقتصادياً، بالإضافة إلى إجراءات أكثر حزماً على صناديق التحوط. وأشار اللورد تيرنر في تقريره إلى أن العديد من الجوانب المالية يجب أن تتم مراجعتها، وكانت المكافآت البنكية من أهم تلك الجوانب، بالإضافة إلى الفصل في المعاملات البنكية بين الهيئات الصغيرة والتجزئة والأشخاص والاستثمارات البنكية الأكثر خطورة. وذكر تيرنر في تقريره ذي الطابع المنفرد أن المقترحات الجديدة تتطلب نظام مراقبة أوروبياً صلباً، منوهاً لاجتماع العشرين الشهر المقبل بوضع ترتيبات غليظة تمكّن النظام من الكشف عن المخاطر التي تؤثر على التوازن في الاقتصاد العالمي.

وارتفعت أعداد المطالبين بإعانات البطالة في بريطانيا إلى أعداد قياسية خلال الشهر الماضي، وتراجعت الأجور لأول مرة منذ عام 1991 في يناير (كانون الثاني) ويخشى المحللون من أن تزداد الأوضاع سوءا.

وأظهرت بيانات رسمية صدرت أمس ان مقياس منظمة العمل الدولية للبطالة المعترف به دوليا تجاوز مستوى اثنين مليون في يناير ليصل بمعدل البطالة الى 6.5 في المائة وهو أعلى معدل منذ 1997.

وجاءت أغلب البيانات القاتمة أسوأ من المتوقع مما يشير الى ان الكساد البريطاني قد يخرج أعدادا أكبر مما كان متوقعا من قبل من عملها، ويدفع مؤشر أسهم الشركات البريطانية الكبرى والجنيه الاسترليني الى الانخفاض.

وقال جورج باكلي كبير الاقتصاديين المختصين ببريطانيا في دويتشه بنك «انه أسوأ تقرير عمالة نشهده على الإطلاق». وقال مكتب الاحصاءات الوطنية، ان عدد المطالبين بإعانات البطالة ارتفع بمقدار 138400 في فبراير(شباط) أي نحو مثلي المتوقع وهو أكبر ارتفاع منذ بدء حساب البيانات المقارنة في عام 1971. وبلغ المعدل 4.3 في المائة وهو الاعلى منذ عام 1999.

وطبقا لوكالة داو جونز فان الارتفاع في عدد طلبات التعويضات للشهر الـ13 على التوالي هو أعلى حتى الآن من تقديرات الأسواق التي توقعت أن لا يزيد هذا العدد عن 87500 شخص.

وقال هاورد ارتشر كبير الخبراء الاقتصاديين الاوروبيين في معهد «اي اتش اس غلوبال انسايت» ان «بيانات البطالة فظيعة حقا وتؤكد المخاوف من احتمال وجود ركود عميق وطويل» في بريطانيا.

واضاف ان «معدلات البطالة تجاوزت حاجز المليونين بسهولة، ويبدو انها تتجه نحو 3 ملايين بسرعة كبيرة خلال الاشهر القليلة المقبلة مع انكماش الاقتصاد بشكل حاد ومع سعي الشركات الى تقليص تكاليفها».

وفي محاولة لتغيير الوضع الراهن قام البنك المركزي البريطاني خلال الاشهر الاخيرة بخفض معدلات الفائدة محليا الى نسبة قياسية وصلت الى 0.5 في المائة.

وصوتت لجنة السياسة النقدية في المركزي البريطاني بالاجماع لخفض تكاليف الاقتراض وذلك بعد دقائق من اجتماعها أمس.

وصوت صانعو السياسة كذلك في البنك المركزي بالاجماع على ضخ مبلغ 75 مليار جنيه استرليني (106 مليارات دولار) في السوق لإنعاش الاقتصاد وإعادة التوازن مرة أخرى. ولارتفاع البطالة أثر كبير في الاجور، ففي يناير انخفضت الاجور بمعدل سنوي بلغ 0.2 في المائة في أول انخفاض منذ عام 1991 عندما بدأ حساب هذا البيان مع غياب العلاوات في البنوك. وارتفع مؤشر منظمة العمل الدولية الاوسع نطاقا بمقدار 165 الفا في ثلاثة أشهر حتى يناير الى 2.029 مليون وهو أعلى مستوى منذ تولي حزب العمال السلطة قبل 12 عاما.

واشارت البيانات الى ان «عدد العاطلين عن العمل ازداد بمقدار 165 ألفا مقارنة مع الفصل السابق، 421 ألفا عن العام الذي سبق ليصل الى 2.3 مليون شخص».

وارتفع عدد المطالبين بالتعويضات بنحو 138400 شخص في فبراير وهو اعلى رقم منذ عام 1971 في الوقت الذي تعاني بريطانيا من الانكماش للمرة الاولى منذ 18عاما.

ومن ضمن المحاولات البريطانية المتتالية للتخلص من اسوأ ازمة اقتصادية خلال عقود أصدر المركزي البريطاني طلبا للخزانة البريطانية بطباعة نقود جديدة في اجراءات اطلق عليها «التخفيف الكمي» وسط محاولتها تشجيع الإقراض.

ويقوم البنك المركزي بشراء السندات الحكومية من البنوك المركزية على امل ان تبدأ المؤسسات المالية مرة اخرى الاقراض بمبالغ كبيرة للشركات والافراد بعد ان امتنعت عن ذلك منذ اندلاع ازمة الرهن العقاري عام 2007.

ومع انخفاض معدلات الفائدة البريطانية يعتبر التخفيف الكمي الخيار الثاني ويستند الى التجربة اليابانية في التسعينات من القرن الماضي عندما قامت الحكومة بطبع اوراق نقدية خاصة بها.

ويتم اصدار هذه النقود الكترونيا، الا ان هذه العملية لها نفس مفعول طبع اوراق نقدية لانها توسع الامدادات النقدية وتعزز ميزان مدفوعات البنوك والمؤسسات.