المافيا الإيطالية المستفيد الأكبر من الأزمة المالية الدولية

الكومورو والندرانجيتا والكوسا نوسترا تلتهم مخصصات الاتحاد الأوروبي لإيطاليا

TT

أدت الأزمة المالية العالمية عام 1929، إلى صعود «الفوهرر» أدولف هتلر و«الدوتشي» بينيتو موسوليني في الثلاثينات. وإذا كانت النازية الألمانية والفاشية الإيطالية من أوائل المستفيدين سياسيا من الأزمة، فإن المافيا الإيطالية كانت المستفيد الاقتصادي الأكبر على المستوى العالمي.

هذا ما حذر منه في الأقل ايفان لو بيللو، رئيس غرفة صناعة وتجارة صقلية، في حديث له مع الراديو الألماني«دويتشلاند فونك». وقال لو بيللو إن زعماء المافيا اشتروا في ثلاثينات القرن الماضي في الولايات المتحدة أغلى الأملاك العقارية وأفضل الشركات التي شكلت فيما بعد عصب الاقتصاد المافيوي. واعتبر لو بيللو الأزمة المالية الحالية فرصة نادرة للمافيا لغسيل العملة وتحويل الفائض المالي الموجود بين أيديها إلى عقارات ومصانع وشركات.

وإذ تخصص السلطات الأوروبية مبلغ 20 مليار يورو من المساعدات البنيوية إلى إيطاليا حتى عام 2013 تخشى غرفة تجارة وصناعة صقلية أن يتسرب الكثير من هذه الأموال إلى جيوب عائلات المافيا المهيمنة على الاقتصاد. وكشفت السلطات الإيطالية أن حجم التلاعب والفساد بالأموال الأوروبية في صقلية وحدها يعادل الفساد الإيطالي في كافة المناطق الأخرى 3 مرات. وانتقد عالم البحار الإيطالي انتونيو دي ناتالة مشروع جسر معلق، هو الأكبر من نوعه في العالم، ينوي رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني تنفيذه قرب مدينة ميسينا. ولم ينتقد دي ناتالة تأثيرات المشروع على البيئة البحرية فقط لأنه اعتبر المافيا المستفيد الأكبر من هذا المشروع. وقال الباحث إن الحكومة الإيطالية قدرت كلفة بناء الجسر بين 8-15 مليار يورو وتركت بذلك المجال واسعا للتلاعب والفساد.

وفي حين تعاني الدولة الإيطالية، وخصوصا في الجنوب، من ضعف الإمكانيات المادية وتعجز عن مساعدة أو قرض المواطن، تقدم المافيا قروضا كبيرة للمحتاجين، وبأرباح عالية، وتفرض بذلك إتاواتها وإرادتها على الجميع. وتستفيد المافيا من تقديم القروض الكبيرة في وقت الأزمة المالية لشراء أملاك المديونين وبيعها لاحقا بعد انفراج الأزمة بأسعار هائلة.

وفي مقابلة مع صحيفة «يونغة فيلت» الألمانية حذر بيير غراسو، النائب الإيطالي العام، من تغلغل المافيا الإيطالية إلى عمق الاقتصاد الإيطالي. وقال غراسو، الذي قادت تحقيقاته في باليرمو إلى القبض على 1800 عضو في المافيا بين 1999-2005، إن المافيا تستغل الأزمة المالية لإغراق الصناعيين الإيطاليين بالقروض. وهذا يعني أنها ستسيطر بالتدريج على هذه المصانع من خلال القروض، والأرباح الكبيرة المفروضة على هذه القروض، وتجعل من أصحاب هذه المصانع «مديرين» واجهة.

وتكسب المافيا الإيطالية في زمن الأزمات بعدا اجتماعيا من خلال تحويلها لبعض ضحايا قروضها وإتاواتها، إلى أعضاء ناشطين فيها. وكشفت التحقيقات في الماضي أن المافيا ضمت بهذه الطريقة مئات المحامين والأطباء والقضاة ورجال الأعمال والصحافيين. والجدير بالذكر أن دراسة طبية لجامعة باليرمو أشارت أخيرا إلى أن الملفات الطبية لزعماء المافيا تكشف عن اضطرابات ظاهرة في الشخصية والقوى العقلية والبنية النفسية. وخلص جيرولمو دي فيرزو و 16 من زملائه الأطباء النفسيين إلى هذه النتائج بعد تحليل سجلات الأطباء حول 81 من زعماء المافيا. ويبدو أن «جنون» المافيا لا يمنعها أبدا من توظيف الأزمة المالية الدولية بذكاء لصالحها.