دموع وتوديع حميم بين محافظي «مؤسسة النقد» السابق والجديد

السياري: اتفاق لإنشاء أكاديمية مالية متخصصة مع «هيئة السوق»

السياري محافظ مؤسسة النقد السابق (يمين) وبجانبه الدكتور محمد الجاسر المحافظ الجديد وبينهما مجسم المبنى الرئيسي للمؤسسة (تصوير: أحمد يسري)
TT

حمل الحفل التكريمي لوداع حمد السياري المحافظ السابق لمؤسسة النقد العربي السعودي، صورا من العواطف والمشاعر المتبادلة مع الدكتور محمد الجاسر المحافظ الجديد، تجلت في الحفل الذي أقامته المؤسسة ليلة أول من أمس، بمقرها الرئيسي في العاصمة السعودية.

وسمى الجاسر، الذي بدأ مهام منصبه الجديد رسميا كمحافظ لـ«مؤسسة النقد» مطلع الشهر الجاري، حمد السياري المحافظ السابق بـ«أخي» و«أستاذي»، بينما لزم إلى وصفه بـ«معالي الشيخ حمد» في أكثر من موضع خلال كلمته المكتوبة والشفوية.

وتوّج الجاسر مشاعره وعواطفه تجاه السياري، عندما لم يستطع إكمال الجزء الأخير من كلمته الوداعية، فتلعثم ولم يستطع نطق عبارات التوديع، بعد أن ساحت دمعة سريعة من عينه. وروى الجاسر بعض الحكايات في مديح السياري، الذي يخلفه بعد أن قضى أكثر من 26 عاما محافظا لمؤسسة النقد، ليقول عنه: «ونحن إذ نكرمه فإننا نكرّم مبادئ الإخلاص للوطن».

وأضاف الجاسر أنه تعلم منه الكثير منذ أولى لحظات تعرفه به، عندما قابله في مكتبه بالمؤسسة خلال عام 1982، ضمن فريق عمل من وزارة المالية لبعثة النقد الدولي، في وقت طالته تحذيرات البعض من عدم الاقتراب منه لأنه كثير التساؤلات.

لكن الجاسر ـ على حد تعبيره ـ استفاد كثيرا منه؛ حيث لا ينسى عندما تساءل مليا عند نشر إحدى المجلات العالمية في الثالث من يونيو (حزيران) من عام 1989 ملف «الانشطار البارد» وتوقع بوجود مصدر رخيص بديلا عن النفط.

يضيف الجاسر بأن السياري كان لا يبخل عليه بالأفكار، ويشجع على التفكير الحر المنضبط، وذلك نابع من تجربة طويلة، وتأهيل بدأه بالعلوم الشرعية، وكفاءة مستمدة من دراسة أكاديمية ومهنية اقتصادية، وحنكة إدارية ساهمت في تجاوز «مؤسسة النقد» عددا من الأزمات، كان منها تراجع أسعار النفط منتصف الثمانينات، وأزمة تحرير الكويت، والأزمة المالية الآسيوية، وأزمة الحادي عشر من سبتمبر، وأزمة الحرب على العراق، وانتهاء بالأزمة المالية العالمية.

من ناحيته، ابتهج السياري بالمنجزات التي تحققت عندما كان محافظا، وحتى تسليمه المهمة لخلفه، مؤكدا أنه يغادر المؤسسة حاليا وسط وجود بيئة اقتصادية صحية تعزز الثقة وتشجع على الاستثمار وتزيد التدفقات وتحفز التجارة، مشيرا إلى أن احتياطات المؤسسة بلغت 176 مليار ريال عام 1987، لتصبح حاليا 1.3 تريليون دولار خلال العام الماضي 2008.

ولفت السياري إلى أن بلاده حققت أعلى فائض تاريخي خلال العام المنصرم بـ 34 في المائة، ونجحت في تجاوز وتخطي الكثير من الأزمات، موضحا أن العمل استمر وصولا إلى الكوادر البشرية وتنميتها وتطوير مهاراتها، مفصحا أنه تم الاتفاق مع هيئة السوق المالية لإنشاء أكاديمية مالية متخصصة لتنمية المهارات الفردية.

وغادر السياري بعد أن ملأ عيون الحاضرين لتوديعه بابتساماته الآسرة البريئة، وسط قبلات بعض الموظفين والعاملين في المؤسسة على رأسه وجبينه، حاملا في يديه مجسما للمبنى الرئيسي لمؤسسة النقد العربي السعودي وبعض اللوحات التشكيلية التي رسمت لأجله.