محافظ «المركزي البحريني» لـ «الشرق الأوسط»: الوقت المتبقي لا يكفي لإصدار العملة الخليجية في 2010

الجاسر: عرضنا سيولة على المصارف السعودية ورفضتها «لأن ملاءتها جيدة»

TT

قال محافظ المصرف المركزي البحريني لـ«الشرق الأوسط» إن البرنامج الزمني الحالي للعملة الخليجية الموحدة «لا يكفي لإطلاقها في موعدها المقرر 2010»، مؤكداً في الوقت ذاته أن تفاصيل جدول إطلاق العملة «يقرره المجلس النقدي».

غير أن المحافظ البحريني رشيد المعراج تحفظ على تسمية هذه الخطوة بأنها تأجيل لإطلاق العملة، وقال «عندما نتحدث عن تأجيل فكأنما نقول إن هناك عقبات أمام العملة، أو أن إطلاقها محفوف بالمخاطر.. كلا، ما أستطيع قوله إن الأمور تسير على ما يرام والإجراءات المصاحبة لها تسير بشكل جيد، لكن واقعياً الوقت المتبقي حتى نهاية العام (نحو تسعة أشهر) قد لا يكفي لاستيفاء باقي متطلبات إطلاق العملة».

وقال المعراج الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» بُعيد مشاركته في المؤتمر المصرفي التاسع، الذي استضاف أمس جلسة نقاش موسعة لمحافظي المصارف المركزية الخليجية الستة، «نحن بانتظار تصديق الدول الخليجية على اتفاقية الاتحاد النقدي التي أقرتها قمة مسقط، وكما تعلمون فإن مثل هذا التصديق قد يستغرق وقتاً، باعتبار أن المجالس التشريعية هي المسؤولة عنه، ثم تأتي مرحلة إنشاء المجلس النقدي الذي سيشكل المصرف المركزي الخليجي الذي بدوره سيطلق العملة، كل هذه الخطوات تسير وفق المعتاد ولا يوجد أي تغيير في هذه الخطط».

وبحسب البرنامج الزمني للاتحاد النقدي، يفترض أن تطلق العملة الخليجية الموحدة في عام 2010. بعد أن تقوم الدول الخليجية الخمس (بعد انسحاب عمان) بالتصديق على الاتحاد النقدي وإقامة المجلس النقدي في موعد أقصاه نهاية العام الجاري 2009.

ومن أبرز المهام الرئيسية، التي سيضطلع بها المجلس النقدي المنتظر، تنسيق السياسات النقدية وسياسات أسعار الصرف للعملات الوطنية وتحديد الإطار القانوني والتنظيمي للبنك المركزي وتطوير الأنظمة الإحصائية والتأكد من جاهزية نظم المدفوعات للتعامل مع العملة الموحدة والإعداد لإصدار أوراق النقد والمصكوكات المعدنية للعملة الموحدة وتمديد البرنامج الزمني لإصدار العملة الموحدة وطرحها للتداول في ضوء ذلك.

ويقول محافظ البنك المركزي البحريني «نحن بحاجة لمزيد من الوقت حتى يتم إنهاء كافة المتطلبات الإجرائية والفنية لإصدار العملة.. نريد تقريب التشريعات في الدول المنضمة تحت لواء العملة الموحدة».

ويضيف المسؤول البحريني «تجاوزنا مرحلة مهمة في إطلاق العملة عبر المضي قدماً في الجدول الزمني.. لكن الوقت يداهمنا ولا تزال بعض المتطلبات تحتاج لمزيد من الوقت.. أعتقد أن ما أنجزناه يعد أمراً إيجابياً».

ولفت المعراج إلى ضرورة أن يرى الشارع الخليجي الجانب الإيجابي من المراحل المنجزة من العملة الخليجية الموحدة، قائلا «من الضروري أن لا نتوقف فقط عند عدم إمكانية إطلاق العملة في موعدها المحدد في مطلع 2010.. المهم أننا سائرون لإطلاق العملة ولا عوائق أمامنا».

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول الوقت الذي يراه كافياً لإنهاء البرنامج الزمني، قال رشيد المعراج «لا أستطيع القول بدقة كم هي هذه الفترة، ما يقررها كيفية إنجاز المراحل المتبقية.. ما أراه أن الجميع يتجه لتسريع الخطوات المتبقية لإصدار العملة».

وأوضح المعراج أنه من المهم بعد إقرار قمة مسقط اتفاقية الاتحاد النقدي التي تشكل إطاراً قانونياً أن يتم إنشاء المجلس النقدي الذي سوف يتولى الخطوات التنفيذية للاتحاد.

وكان محافظو المصارف المركزية قد شاركوا في جلسة حوارية في المؤتمر المصرفي بالمنامة أمس، وكان لافتاً أن أياً من المحافظين الستة لم يتحدث عن أي تأجيل محتمل لإطلاق العملة الخليجية المشتركة.

لكن محافظ المصرف المركزي السعودي محمد الجاسر قال إن «الخوف هو أن يتم إغفال ما تحقق في إطار العملة الموحدة خلال الفترة الماضية».

وأشار إلى أن جهود التقارب الاقتصادي تجري على قدم وساق، مشيراً إلى انتقال العمالة بين دول مجلس التعاون والانتقال بالبطاقة الشخصية بدلا من الجواز وربط صناديق التقاعد.

وكرر الجاسر حديث المحافظين المركزيين بأن العملة الموحدة تحتاج إلى سلسلة من الخطوات يجب أن تتم تباعاً للوصول إلى الوحدة النقدية التي ستشكل الحماية الأولى لأي أزمة مالية وللاطمئنان على الاستقرار المستقبلي.

وأكد الجاسر أهمية ألا يتم التقليل من شأن الاتفاقيات التي وقعت عليها قمة دول مجلس التعاون الأخيرة، موضحاً أن ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأميركي له أثر سلبي على الفرص المتاحة للسياسات النقدية والمالية «ولكن هذا لا يعني أن الربط يلغي كل إمكانات التمتع بالاستقلالية النقدية».

وأوضح الجاسر أن السعودية رفعت نسبة الإقراض من فبراير (شباط) 2008 إلى فبراير من العام الجاري، بنسبة 15% كما أن ربحية البنوك التجارية في المنطقة جيدة وكذلك رساميل تلك البنوك.

ولفت إلى أن المشكلة الوحيدة هي خفض قيمة وحجم الصادرات، وهذا يحتاج إلى إعادة الحسابات وكذلك الاستثمارات مثل البتروكيماويات كما يتطلب الأمر إعادة الحسابات في مجال السيولة.

وفي حديث حول ما يثار عن وجود «شح في السيولة» في القطاع المصرفي السعودي، قال الجاسر إن البنك المركزي حاول تزويد البنوك التجارية في السعودية بسيولة وإن البنوك رفضتها لأن ملاءتها جيدة.

من جهته، وصف محافظ المصرف المركزي الكويتي، سالم الصباح، ما يثار حول إطلاق العملة بأنه خلط كبير، وقال إن الاتحاد النقدي الخليجي يهدف إلى قيام مجلس نقدي موحد وإنشاء المصرف المركزي الخليجي الموحد «مما يستوجب إيجاد إجراءات وتشريعات موحدة وإنشاء مؤسسات وأنظمة مصرفية متوائمة على مستوى الخليج ومن ثم سيلي ذلك إطلاق العملة الخليجية».

أما محافظ البنك المركزي الإماراتي سلطان السويدي فقد قال خلال جلسة المحافظين إن خطوات الاتحاد النقدي انطلقت منذ فترة وإن دول مجلس التعاون ستواصل المشوار لتحقيق الاتحاد النقدي.

وأشار إلى أن هذا الاتحاد لا يعني العملة الورقية أو المعدنية فحسب «لكن هو تحقيق العملية الحسابية التي تستخدم في المدفوعات بين دول التعاون ومن ثم الدفع الإلكتروني بين هذه الدول وأخيراً إصدار العملة الموحدة».

وأكد السويدي أن العملية الحسابية النقدية يجب أن تضع آلية ترسم السياسة النقدية ولربما تربط هذه العملة بعملات دول التعاون بعملة واحدة كالدولار أو عملات أخرى، مشيراً إلى أن هذا الأمر لن يتم إلا بعد استكمال ترتيبات المؤسسات القانونية واستعداد الدول لتحقيق السوق المشتركة وهو ما لن يحصل من دون العملة الموحدة.