مديرو صناديق التحوط يحصلون على أموال طائلة برغم أزمة الأسواق

25 منهم حصلوا على 12 مليار دولار في 2008

TT

ربما تكون الأزمة المالية قد أتت على جزء كبير من ثروة وول ستريت، لكن مجموعة منتقاة من مديري صناديق التحوط تمكنت من الاحتفاظ بلمسة ذهبية. مع تحرك الأسواق والاقتصاديات الكبرى باتجاه الانخفاض العام الماضي، حصل 25 من كبار مديري صناديق التحوط على إجمالي دخل بلغ 11.6 مليار دولار، طبقا للترتيب السنوي لأكبر رؤساء صناديق التحوط من حيث الأجر الوارد بمجلة «ألفا» في عددها الصادر ليوم أمس. وأشار التقرير إلى أن جيمس إتش سيمونز، بروفسير الرياضيات السابق الذي حقق مليارات الدولارات عاما تلو الآخر لصالح صندوق رينيسنس تكنولوجيز، تقاضى 2.5 مليار دولار عن إدارة استراتيجيات المضاربة المعتمدة على الحاسب الآلي. وجاء في الترتيب الثاني جون إيه بولسون، الذي حقق الثراء من خلال المضاربة داخل سوق العقارات، حيث جنى أموالا بلغت 2 مليار دولار. وحصل جورج سوروس، أحد الأسماء الثابتة في قائمة الأثرياء، على 1.1 مليار دولار. بطبيعة الحال، تأثرت العائدات التي حصل عليها هؤلاء الأشخاص جراء الظروف السيئة التي تمر بها الأسواق. خلال عام شهد تعرض صندوقين من كل ثلاثة صناديق تحوط لخسائر، تراجعت الأموال التي تقاضاها أمثال هؤلاء الأشخاص من كبار المديرين بمقدار عدة ملايين من الدولارات، وجاء إجمالي العائدات التي حصلوا عليها مكافئا لقرابة نصف الـ22.5 مليار دولار التي تقاضاها أكبر 25 مديرا عام 2007. ولا شك أن الأجور التي حصل عليها المديرون، التي جاءت مذهلة خلال أفضل الظروف الاقتصادية، تعد هائلة في عام بلغت خسائر صناديق التحوط 18% في المتوسط، وعمد المستثمرون إلى سحب أموالهم على نحو جماعي. وتشهد الفترة الحالية تصاعدا في الرقابة الحكومية على إجمالي الرواتب والأجور داخل وول ستريت والأدوار التي تضطلع بها مختلف المؤسسات داخل الأسواق المالية. وتواجه صناديق التحوط مقترحات بفرض ضرائب جديدة على مكاسبها. وفي تصريح أدلى به الثلاثاء، قال وزير الخزانة، تيموثي إف غيتنر، إنه سيسعى للحصول على سلطات أوسع فيما يخص تنظيم صناديق التحوط. من ناحية أخرى، شكك بعض من وردت أسماؤهم بالقائمة سالفة الذكر في تقديرات مجلة «ألفا»، التي تتضمن الزيادات التي تطرأ على قيمة الاستثمارات الشخصية للمديرين داخل الصناديق التي يتولون رئاستها. إلا أنه لم يقدم أي منهم تقديرات مختلفة فيما يخص العلاوات التي حصلوا عليها أو الثروات المتنامية داخل صناديقهم. ومن أجل الانضمام إلى قائمة الأعلى أجرا، تعين على مدير صندوق تحوط الحصول على 75 مليون دولار، بانخفاض حاد عن مستوى الـ360 مليون دولار المرتبط بأعلى 25 مديرا من حيث الأجر خلال عام 2007. ومع ذلك، وفي خضم الأزمة المالية الراهنة، ظل إجمالي الرواتب لأكبر 25 مديرا لصناديق التحوط من حيث الأجر أعلى من كل عام سابق لعام 2006. من ناحيته، قال روبرت سلوان، الشريك الإداري لدى «إس ثري بارتنرز»، وهي شركة معنية بإدارة المخاطر في صناديق التحوط، إن «العصر الذهبي لصناديق التحوط ولى، لكن لا تزال الأرباح المترتبة على العمل بها أكبر ثلاثة أضعاف من العمل بصندوق استثماري ومعظم المؤسسات الأخرى بوول ستريت». وفي إطار لقاء أجري معه، قال بولسون ـ الذي تراجعت عائداته عام 2008 عن التقدير الذي طرحته مجلة «ألفا» لعائداته عام 2007 وبلغ 3.7 مليار دولار ـ إن ارتفاع أجره يرجع في الجزء الأكبر منه إلى كونه أكبر مستثمر داخل الصندوق الذي يتولى إدارته. وأضاف أنه لا يحصل على علاوات، موضحا أن صناديق المعاشات والأوقاف والمؤسسات الأخرى التي تستثمر في الصندوق الذي يديره لا تأبه إلى الانخفاض الحاد في الأرباح الذي يتحمله وفريق العمل المعاون له. وأكد أنه «خلال عام خسرت كافة الاستثمارات الأخرى، أصبحنا أشبه بواحة». واستطرد بأنه «لدينا مستثمرون استثمروا أموالهم لدى مادوف، وليس بإمكانهم توجيه الشكر الكافي لي»، في إشارة إلى المستثمر برنارد إل مادوف. ورغم تركز الأضواء عليها، فإن هذا النمط من مديري صناديق التحوط وغيرهم ممن تمكنوا من الخروج من العام الماضي بأموال نقدية في أيديهم يمثل فئة المستثمرين الذين تأمل الحكومة الفيدرالية في أن يتدخلوا ويشتروا الأصول المتعثرة من المصارف. كما أن أكثر المديرين ثراءً يتمتعون بأفضل وضع ممكن يؤهلهم للاستفادة من الظروف الاقتصادية العصيبة لبناء ثروات لهم. في هذا الصدد، أشار كيث آر مكلوف، الرئيس التنفيذي لشركة «رسرتش إيدج»، في نيو هافين المعنية بتقديم التحليلات المتعلقة بالمضاربة إلى صناديق التحوط، إلى أن «من يملك المستقبل هم الأفراد أمثال جون بولسون والآخرين الذين وردت أسماؤهم بقائمة ألفا. وتكمن المفارقة في أننا سنستجدي رأس المال من نفس الأشخاص الذين حاولنا الحط من قدرهم». إلا أن بولسون قال إنه لا ينوي المشاركة في البرنامج الاستثماري العام ـ الخاص الجديد. وأشار أحد مديري صناديق التحوط الذين وردت أسماؤهم بالقائمة، بول تورادجي، إلى أنه يتفهم موجة الغضب العام ضد الأشخاص الذين يتلقون أجورا كبيرة بغض النظر عما إذا كانوا حققوا مكاسب لعملائهم. وأكد أنه «مقابل كل دولار حققناه، حصل عملاؤنا على عدة دولارات». وطبقا لقائمة «ألفا» تقاضى تورداجي هذا العام مبلغا أعلى مما تقاضاه عام 2007 بمقدار 140 مليون دولار، وهو أمر نادر الحدوث في عالم صناديق التحوط. في العام الماضي، على سبيل المثال، تمكن تورداجي من الانتباه إلى فقاعة السلع مبكرا وحذر مستثمريه، الذين تضمنوا صناديق معاشات وأوقاف، ما جنبهم التعرض لخسائر. وحققت بعض صناديق التحوط مكاسب بالغة لدرجة ظهور اثنين من مسؤوليها بقائمة «ألفا». على سبيل المثال، في الوقت الذي استحوذ سيمونز من رينيسنس تكنولوجيز على المركز الأول بالقائمة، احتل أيضا أحد شركائه، هنري بي لوفر، مكانا بالقائمة بعائدات بلغت 125 مليون دولار. ورفض متحدث رسمي باسم سيمونز التعليق على هذا الأمر. أيضا، لم يستجب جون دي أرنولد، أحد المضاربين بسوق الطاقة وهو في مطلع الثلاثينات من العمر، وجاء في المرتبة الثالثة في القائمة بعائدات بلغت 1.5 مليار دولار، لطلب بالإدلاء بتعليق. في الإطار ذاته، قال مايكل فيتشون، المتحدث الرسمي باسم جورج سوروس، إن رئيسه تبرع بما يزيد على نصف عائداته خلال عام 2008. وقال متحدث رسمي باسم رايموند تي داليو، الذي يقال إنه جني 780 مليون دولار، إن رئيسه حقق مكاسب ضخمة لأنه توقع حدوث الأزمة. الملاحظ أن اثنين من المديرين الثلاثة الذين احتلوا المرتبة التاسعة بالقائمة، عند مستوى 250 مليون دولار، مقيمون في بريطانيا، وهما: دايفيد هاردنغ من شركة «وينتون كالبيتال»، وألان هوارد من «بريفن هوارد أسيت مانيجمنت». وجاء موظف آخر بشركة «بريفن هوارد أسيت مانيجمنت»، وهو كريستوفر روكوس، في القائمة. وقال هاردنغ، الذي يتولى إدارة «وينتون كالبيتال»، إن جزءا من نجاحه العام الماضي يعود إلى الحظ، بينما يعود جزء آخر إلى الخبرة التي حصل عليها عبر 25 عاما من العمل الدءوب التي انتهج خلالها نمطا فريدا من المضاربة جابه الكثير من الاعتراضات. وأكد هاردنغ، الذي أبدى تشككه في إمكانية العثور على الكثير من الأشخاص لديهم الاستعداد أو القدرة على الاضطلاع بوظيفته، أن «من الرائع التمتع بحياة ذهبية وهدف للسعي وراء تحقيقه، وسبب للذهاب إلى العمل. وبطبيعة الحال لم أكن لأختار العمل في المضاربة بمجال البيع الآجل لو لم تكن لدي رغبة في جني الكثير من المال». أما جون آر تايلور، مدير صندوق التحوط الثالث في المرتبة التاسعة بالقائمة، فقال إنه حتى صناديق التحوط التي حققت مكاسب، عليها الاعتراف بأنها استفادت مبالغ الإنقاذ المالي التي قدمتها الحكومة للنظام المصرفي. وأضاف تايلور، الذي يدير صندوق «إف إكس كنسبتس» منذ الثمانينات: «نشكر الحكومة، لأنه لولا تدخلها، لم يكن سيصبح أمامنا أي شخص لنتعامل معه». لكنه استطرد بأنه لا يشعر بالامتنان لوجوده على قائمة «ألفا»، التي قال إنها بالغت في تقدير أجره بمقدار خمسة أضعاف. وأشار تايلور إلى أن آخر عام تسلطت عليه الأضواء كان 1993، الذي سبق أسوأ عام مر به نشاطه المالي على الإطلاق. وقال: «سنمنى حتما بالفشل العام القادم إذا كتبتم عنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»