الأزمة الاقتصادية العالمية تعيد الحياة إلى علم الاقتصاد المعروف بـ «الممل»

فريدي ماك وفاني ماي ووارين بافيت وبن برنانكي.. أسماء تتصدر عناوين الأخبار

أصبحت المصطلحات الاقتصادية دارجة في حياتنا اليومية بعد الأزمة المالية العالمية (أ. ب)
TT

كان لوقع الأزمة المالية العالمية مفعول السحر على ذلك العلم «الممل» المعروف باسم الاقتصاد. ومن أنكوراج إلى أنقرة، تراجعت قضية الاحتباس الحراري عن صدارة المشهد العالمي، لتحل محلها قضايا الديون المعدومة، وحزم تحفيز الاقتصاد، وتأمين الوظائف، وأسعار الفائدة.

كما ظهرت مجموعة جديدة من الشخصيات لتتصدر عناوين الأخبار، ويبدو أن نجوم الرياضة وبيوت الأزياء تواروا مؤقتا، لتحل محلهم أسماء مثل فريدي ماك وفاني ماي ووارين بافيت وبن برنانكي.

وبحسب وكالة «الصحافة الألمانية»، استمع بإنصات إلى إحدى المحادثات، وستشعر بالذهول من طبيعة الحديث.

الحديث ليس عن فرص فوز الدراج الأميركي الشهير لانس أرمسترونغ، بجولة أخرى من سباق الدراجات الشهير «تور دي فرانس»، ولا عما إذا كانت باكستان دولة فاشلة، بل الحديث عن البنوك الغارقة في الديون، المشكوك في تحصيلها أو ما يطلق عليها أحيانا «الديون المعدومة»، عن التناقض الاقتصادي، وكيف أن تراجع حجم الواردات سيؤثر على الحساب الجاري لميزان المدفوعات.

وهناك بعض المصطلحات التي أصبحت دارجة في حياتنا اليومية مثل الأزمة المالية العالمية، ومجموعة العشرين، وهي مجموعة تضم أكبر 20 دولة في العالم من حيث حجم الاقتصاد وإجمالي الناتج المحلي، الذي يقيس قيمة ما تنتجه الدولة من سلع وخدمات.

وثمة أفكار معقدة: الفارق بين العرض والطلب، أن السياسة النقدية تتعلق بأسعار الصرف، بينما تتعلق السياسة المالية بالإنفاق الحكومي، وان انخفاض أسعار الفائدة ليس بالنبأ السار للكافة.

كان كل ما يلفت انتباهنا قبل انهيار القطاع المصرفي والمالي يرتبط بالتكنولوجيا، وآخر ما تتحفنا به من أفكار ومنتجات.

الأرقام التي لم نكن نستخدمها سوى في قياس ما يتعلق بالنظام الشمسي، نستحضرها الآن بين الفينة والأخرى لنحصي حجم ديوننا، إنها ليست ملايين أو مليارات فحسب، بل تريليونات.

الإحصائيات التي كنا نعدها غير طبيعية أو استثنائية في الماضي، الولايات المتحدة تخسر 651 ألف وظيفة في فبراير (شباط) وحده، صارت الآن عادية بسبب حجم التراجع. لقد أفسد علم الاقتصاد علينا كل شيء. رئيس الوزراء الأسترالي كيفين رود، تولى المنصب وهو يقول: إن التغير المناخي أكبر تحد يواجه العالم في زمننا المعاصر. والآن يقول: «إنه أكبر تراجع متزامن يشهده الاقتصاد العالمي في زمننا المعاصر».

سرعان ما ألقى رود، ذلك الرجل سريع التعلم بالبيئة خلف ظهره، عندما انفجرت الأزمة الاقتصادية، ويمكنه الآن الاختيار بين المصطلحات لينتقي أفضلها. غير أن وزير الخزانة الأسترالي وين سوان، لم يكن يتمتع بالسرعة نفسها في إدراك ما يحدث.

سوان، الذي يحمل حقيبة وزارية في المجال الاقتصادي، تعرض لسخرية ونقد كبيرين، لأنه لم يكن يعرف مصطلح «نايرو»، ويعني معدل البطالة غير المحفز للتضخم، الذي يعده بعض الاقتصاديين مقياسا لمستوى البطالة، الذي يسمح بالسيطرة على ارتفاع الأسعار.

وارين بافيت (78 عاما)، ملياردير أميركي، ذاع صيته في أنحاء العالم لبعد نظره كمستثمر، الرجل يتجنب الرطانة بمصطلحات معقدة في خطاباته الدورية، التي يرسلها لحملة الأسهم في «بيركشير هيثاواي إنك»، الشركة الاستثمارية التي يديرها. فبدلا من أن يقول: إنه يتوقع «نموا سلبيا»، تجد الرجل الذي يطلق عليه «حكيم أوماها»، يتحدث عن الاقتصاد الأميركي قائلا: إنه «سقط من فوق جرف شاهق».

كان من بين تصريحات الرجل، التي لا يشوبها الغموض والإبهام، تقييمه الذي قال فيه: «إن الاقتصاد ليس الوحيد الذي تباطأ بشكل حاد، بل إن الناس غيروا عاداتهم بشكل لم أشهده من قبل».

أما لو تقمص بافيت، وهو ثاني أغنى رجل في العالم، شخصية عالم الاقتصاد، فإنه كان سيعبر عن الموقف الاقتصادي الراهن بالقول: «إن انخفاض الطلب المتراكم، كان عنصر تقييد لبنود الإنفاق غير الاختيارية» فهل فهمت من هذا شيئا؟ إن العلم باللغة يعطي صاحبه نوعا من الشهرة. لكن بالنسبة لشخصية مثل بافيت، يكفي أن يعرف المرء أنه لا يوجد في الاقتصاد شييء دون مقابل.