تخفيض أسعار الفنادق الهولندية بنسبة تصل إلى 80%

قطاع السياحة والفنادق تأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية

عربة ترام تمر بميدان دام في العاصمة الهولندية أمستردام (أ.ب)
TT

تأثر قطاع السياحة والفنادق في هولندا بالأزمة الاقتصادية والنقدية العالمية، مما دفع بعض الفنادق الكبرى إلى تخفيض أسعار الإقامة فيها بنسبة وصلت إلى ما يقرب من 80 في المائة في بعض الفنادق. ويأمل قطاع السياحة وأصحاب الفنادق في أن يكون لهذا التحرك نتائج إيجابية على حركة السياحة في موسم الربيع الذي بدأ بالفعل وقبل أيام قليلة من عطلة مدرسية في أوروبا. وهي العطلة التي مع نهاية الأسبوع الحالي وتستمر خمسة عشر يوما تحت عنوان «بعض الأخبار السارة وسط الظلام الاقتصادي». قالت وسائل إعلام هولندية: «إذا كنت سائحا تسعى لصفقة جيدة وسعر مناسب، فقد خفضت كبرى الفنادق بمدن البلاد، ومنها العاصمة الهولندية أمستردام، أسعار الغرف بها». وتضيف صحيفة «ديتيلغراف» الهولندية اليومية بالقول: «وبالنظر لكل من قطاع الأعمال والأسواق السياحية، فإن الغرفة التي كانت تتطلب دفع 250 يورو للمبيت لليلة واحدة، يجري الآن تأجيرها بأقل من 50 يورو. ومن يدري، فربما مع بداية الربيع قد تثمر فكرة خفض أسعار الغرف الفاخرة عن جذب السياح في آخر لحظة. وقبل سنوات قليلة فقط كانت هولندا بمثابة الطفل المعجزة، وسط قريناتها من الأقطار الأوربية، بمعدل بطالة منخفض، وأرقام نمو لا يمكن مجاراتها، ولكن الأزمة الاقتصادية قد أصابت هولندا بنفس القدر، الذي أصابت به الدول الأخرى المجاورة، ويعود ذلك لاعتماد هولندا في اقتصادها علي التصدير بشكل أساسي، حيث تلقى هذا القطاع الضربة الأكبر جراء الأزمة الاقتصادية.

وتقول إذاعة هولندا العالمية، إنه على الرغم من ذلك، فإن الحكومة الهولندية لم تشأ الانتظار، حتى يستعيد الاقتصاد العالمي، وبالتالي التصدير، عافيته، وبمثل ما فعلت ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية من قبل، وجب على لاهاي اتخاذ حزمة تدابير لمواجهة الأزمة، ولكن تقاليد الحكومات الائتلافية في هولندا، التي تتباعد فيها آراء الأحزاب المشكلة للائتلاف بشكل كبير، تشكل عقبة أساسية. فبعد محادثات ومشاورات مضنية، توصلت حكومة يسار الوسط برئاسة بالكيننده إلي اتفاق حول التدابير الواجب اتخاذها بشأن الأزمة، تدابير من الواضح أنها توفيق سياسي بين شركاء الحكم، الأمر الذي طبعها بالضعف مقارنة بجيران هولندا، ألمانيا، فرنسا وبريطانيا. وخصصت هولندا ستة مليارات يورو لتنشيط الاقتصاد والاستثمار في اقتصاد متجدد، بهذا يقتفي مجلس الوزراء الجيران الأوربيين، مثل علاوات البيئة المخصصة للأفراد الذين يشترون سيارات نظيفة، عدا ذلك لم يأت المجلس بجديد، سوي إنفاق المزيد من الأموال لخطط موجودة أصلا، مثل تحسين العزل الحراري للمساكن وطواحين الهواء. وألغيت ضرائب البيئة الإضافية علي تذاكر الطيران، وهو أمر سيعود بالنفع على مطار أمستردام سخيبهول لتحسين مكانته التنافسية، وكانت هولندا قد فرضت هذه الضرائب من جانب واحد، مما أدي بالمسافرين لتفادي مطار أمستردام، والسفر من مطارات أخري في دول الجوار.

وأوضحت الإذاعة: « تبدو حزمة الإجراءات الهولندية هزيلة بعض الشيء، فبريطانيا مثلا خصصت مبلغ خمسمائة مليون جنيه إسترليني لدعم التدريب، ألمانيا خصصت ثمانية عشر مليون يورو للبنية التحتية والتعليم، أما فرنسا فقد خصصت ما يقارب ستة مليارات لدعم القروض وصناعة السيارات. وفي هولندا تركز النقاش حول تمويل الدعم والبنود التي يمكن التوفير فيها، ولكن حتى في هذه النقاط تراجعت الحكومة نحو وصفات مجربة، ولم تجرؤ علي المس بمناطق أخرى تعتبر من المحرمات، مثل رفع سن المعاش من خمسة وستين إلي سبعة وستين عاما، الذي لم يتخذ قرار بشأنه بعد، إذ ستقرر النقابات سوية مع أصحاب العمل، الكيفية التي تظل بها المعاشات أمرا متيسر الدفع. ويتقاعد العاملون في ألمانيا في سن السابعة والستين، أما في المملكة المتحدة فسترفع سن المعاش تدريجيا إلي ثمانية وستين عاما. أما في فرنسا فإن سن المعاش لا تزال قضية سياسية مثيرة للاختلاف.

وكما في أوقات الركود السابقة، فإن تجميد الأجور يشكل واحدة من الوصفات المجربة كعماد في نطاق لخطة المالية. ففي ألمانيا، تواصل النقابات مطالبها بتحسين الأجور، ولو أنها تبدي بعض الليونة. أما الفرنسيون فيخرجون بشكل جماعي إلى الشارع للمطالبة بتحسين القوة الشرائية.، في حين تبقى النقابات الهولندية على تقليدها المتبع منذ زمن، وهو التريث. وتلتزم الحكومة في لاهاي بالصرامة التامة بخصوص ضبط الميزانية، يتفرع الجدل السياسي في المقام الأول على مسألة أساسية هي متى وكم سيتم توفيره. وفي نهاية المطاف، اتفق على خفض الميزانية بخمسة مليارات يورو، ولكن فقط بعد عام 2011 عندما ينتعش الاقتصاد كما هو مأمول. استبعدت التغييرات الكبيرة بخصوص المعاشات التقاعدية أو الخصم في قروض الرهن العقاري، من أجل تأسيس دعامة اقتصادية جديدة لإخراج هولندا من الأزمة. كما أن الخطط الجريئة والمبتكرة والاستثمار في البيئة، لم تجد طريقها لخطة الإنقاذ. يبدو الأمر وكأن هولندا لا تزال تنتظر أن يتحسن أداء الاقتصاد العالمي وتعود الصادرات إلى حيويتها. وفي غضون ذلك تحاول ضبط ميزانيتها على قدر الإمكان.