تقرير: حكومات مجلس التعاون الخليجي تلجأ إلى سوق السندات

قال إن معظم دول الخليج قد تشهد عجزاً طفيفاً في الحسابات الجارية

TT

أكد تقرير حديث أن معظم حكومات مجلس التعاون لدول الخليج العربية أعلنت مؤخراً، عن خطط لإصدار سندات سيادية، حيث أشارت كل من الكويت وأبوظبي ودبي وقطر والبحرين أنها تعتزم إصدار سندات خلال الشهور المقبلة بقيمة إجمالية تبلغ عدة مليارات من الدولارات. وقد اقتصر إصدار السندات الحكومية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في السنوات الأخيرة على البحرين وعمان في ضوء الفوائض الهائلة المتراكمة نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار النفط. وبحسب التقرير الصادر عن مؤسسة «آر ـ جي ـ إي مونيتور» للتحليلات الاقتصادية والمالية العالمية، فإن بعض الدول وشبه الدول مثل أبوظبي ليست لديها تصنيفات ائتمانية، ومعظم إصدارات السندات المحدودة كانت تتم من خلال شركات مرتبطة بالحكومة في مختلف دول المنطقة. ولكن مع الانقلاب في أوضاع الأموال الساخنة، علاوة على الخسائر المتواصلة في أسواق الأسهم في المنطقة، ارتفعت تكلفة الاقتراض طويل المدى ارتفاعاً حاداً، مما يبرز خطورة الاعتماد على تمويل خارجي حتى في ظل بدء الإيرادات الجديدة في الانخفاض، علاوة على الانخفاض الحاد في عوائد الاستثمار وإيرادات النفط. وأوضح التقرير أنه مع توقع نمو التمويل الخارجي بوتيرة أبطأ في مواجهة استمرار أزمة السيولة العالمية، لم يعد لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خيار آخر إلا محاولة استكشاف مصادر أخرى للتمويل للاستفادة من الأموال العاطلة في المنطقة ومن مستثمرين أجانب يبحثون عن مخاطر ائتمانية أكثر أماناً نسبياً.

وأكد التقرير على أهمية تطوير سوق السندات باعتبارها أحد الأعمدة المهمة للتنمية المالية، مستشهداً بما كتبه روبن ويجلزوورث في هذا الشأن بصحيفة «فاينانشال تايمز» حيث قال: «إن إصدارات السندات الناجحة يمكنها أن تسهم في إنشاء منحنى عائد إقليمي وتشكل أساساً لحدوث زيادة في إصدار سندات الشركات التي تم تطويرها بدرجة ضئيلة في المنطقة. وهذا بدوره من شأنه أن يقلل الحاجة إلى اعتماد قطاع الشركات على التمويل المصرفي لسد احتياجاته التمويلية، وهو النظام الذي كان متبعاً فيما مضى».

ومقارنة بالمناطق الأخرى، كان المصدر الرئيسي لجمع رأس مال الشركات يتمثل في البنوك، وحصة متزايدة من الأسهم، ونسبة ضئيلة نسبياً (تعادل 10 في المائة أو نحو ذلك) من السندات.

وأشار التقرير إلى أن هذا النوع من السندات السيادية يعتبر في الوقت الحالي بالطبع أداة جديدة للاستفادة من التمويل الخارجي في المقام الأول، والذي يمكن أن يأتي بتكلفة كبيرة. ويزيد عائد سندات أبوظبي ذات أجل 5 سنوات 400 نقطة أساس على عائد سندات الخزانة الأميركية، في حين يزيد عائد السندات ذات أجل 10 سنوات 420 نقطة أساس، وهو ما يصفه بعض المحللين من أمثال محيي الدين قرنفل ـ كما نقل عنه في خدمة بلومبيرج ـ بالعائد السخي. ولكن هذا الفعل ربما يكون ضرورياً لتحقيق الجاذبية لإصدار السندات، ولا سيما إذا أخذنا في اعتبارنا أن هذا الإصدار ربما يكون الأول من عدة إصدارات؛ فأبوظبي يمكن أن تصدر ما قيمته 10 مليارات دولار من السندات، مما يعني أن الإصدارات المخططة التي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار مجرد الثلث فقط. وأبان التقرير أنه من الممكن أن يأتي الإصدار السيادي على حساب إصدارات الشركات على المدى القصير. وعلى هذا النحو تتبع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الاتجاهات العالمية، ويعوّض الحجم الهائل من إصدارات السندات السيادية في الاقتصادات المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وغيرها الكثير، التراجع في إصدارات الشركات رغم أن هذا الفعل ييسّر الجهود الحكومية لتوفير مزيد من السيولة والاستثمارات لتعويض الانكماش في طلب القطاع الخاص. وأفاد التقرير أن بمقدور جمع رأس المال السيادي أن يمكّن الحكومات من النهوض لتقديم يد المساعدة للشركات المرتبطة بالدولة والتي تفتقر إلى النقدية، وذلك كما فعلت حكومة دبي. وقد استخدمت الحكومات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من قبل بعض مدخراتها السابقة لتوفير رأس المال لمثل هذه الشركات.

وجاء في التقرير أنه في حالة أبوظبي، سيكون هذا أول إصدار سيادي ـ أو بالأحرى شبه سيادي ـ بعد أن حصلت، مؤخراً، على تصنيف ائتماني (AA) من وكالة فيتش. ويشير بنك «إتش إس بي سي» إلى أن نجاح إصدار إمارة أبوظبي للسندات ربما يهدئ المخاوف بشأن قدرة أبوظبي على دعم دبي وتجنب بيع الأصول في الوقت الحالي. وقد تم توجيه معظم فائض إيرادات أبوظبي النفطية من خلال هيئة أبوظبي للاستثمار أو غيرها من الأوعية الاستثمارية واستثمارها في الأسهم والأصول البديلة وكذلك في الدخل الثابت.

وطرح التقرير سؤالا حول ما إذا كنا سنرى تصنيفاً سيادياً لدولة الإمارات العربية المتحدة ككل من وكالة ستاندرد أند بورز (الدولة حصلت قبل ذلك على تصنيف من موديز) بدلا من تصنيف أبوظبي وحدها. تجدر الإشارة إلى أن دبي ورأس الخيمة بدأتا في اتخاذ بعض الإجراءات للحصول على تصنيف سيادي لإصدار سندات في عام 2007. وقد أصدرت الإمارتان بالفعل سندات وصكوكاً (سندات إسلامية) في عام 2008 رغم أنهما لم تكونا قد حصلتا بعد على تصنيف ائتماني. وفي ظل التوقعات بإصدار مزيد من السندات السيادية، ربما تبدو مسألة الحصول على تصنيف سيادي عام هو الخطوة الطبيعية التالية في ضوء انخفاض أسعار النفط.

ولفت التحليل إلى أنه على الرغم من تخلّف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مجال السندات، لكنها ليست لوحدها في المنطقة التي تصدر السندات، حيث أعادت مصر مؤخراً فتح باب الاكتتاب في إصدار سندات مؤجل. وقال التحليل إن هذا الكم الكبير من الإصدارات يأتي في ظل تأجيل العديد من الأسواق الناشئة وشبه الناشئة ـ وخصوصاً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ـ لخططها الخاصة بإصدار السندات أو إلغائها، حيث سحبت كل من غانا ونيجيريا وتنزانيا أو أجلت بعضاً من إصداراتها المخططة. وفي وقت تبلغ فيه إصدارات السندات السيادية ـ ولا سيما في الاقتصادات المتقدمة ـ مستويات قياسية، يتجه الانتباه حالياً إلى الجدارة الائتمانية النسبية للعديد من الكيانات السيادية. ووفقاً للتقرير، رغم أن نطاقات الدين في الأسواق الناشئة فيما يتعلق بسندات الخزانة الأميركية ضاقت خلال الشهرين الأخيرين، فإنها مازالت أوسع منها منذ عام مضى. وأشار التقرير إلى أن التمويل الرخيص للكيانات السيادية ربما يكون في طريقه إلى الانتهاء، ولكن في ظل أرصدتها القوية من الأصول الصافية، سوف تظل المخاطر الائتمانية في الكيانات السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي العربي تبدو معقولة، على الأقل مقارنة ببعض نظرائها، كما يبدو التحرك في اتجاه تنويع طرق جمع الأموال خطوة جيدة بالنسبة لهذه الكيانات السيادية، ولا سيما إذا ساعدت على البدء في تطوير أسواق رأسمالية محلية.

آخر التطورات في أسواق السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

* أبوظبي أعلنت أبوظبي في مارس (آذار) 2009 أنها تعتزم إصدار نوعين من السندات المقومة بالدولار أحدهما بأجل 5 سنوات والآخر بأجل 10 سنوات.

* البحرين أعلنت البحرين في فبراير (شباط) 2009 أنها سوف تبيع سندات بقيمة إجمالية تصل إلى حوالي 800 مليون دولار لتمويل مشروعات عقارية. ومن المتوقع إصدار هذه السندات خلال الشهور القليلة المقبلة.

* دبي أطلقت دبي إصداراً للسندات في فبراير (شباط) 2009، وكانت الشريحة الأولى من الإصدار بقيمة 10 مليارات دولار وقد اكتتب فيها بالكامل المصرف المركزي للإمارات العربية المتحدة.

* الكويت أعلن البنك المركزي الكويتي في مارس (آذار) 2009 عن خططه لإصدار سندات خزانة بأجل عام واحد بقيمة 200 مليون دينار (680.7 مليون دولار) في 18 مارس (آذار).

* قطر تستعد قطر لبيع سندات بأجل 5 سنوات و10 سنوات وفي نهاية مارس (آذار) 2009 وفتحت باب التسجيل لإصدارها المقبل من السندات القياسية المقومة بالدولار والمكون من شريحتين وذلك عن طريق داو جونز.

* مصر قبل البنك المركزي المصري عروضاً بقيمة 3 مليارات جنيه مصري (535.6 مليون دولار) في مزاد لبيع سندات أعيد فتح باب الاكتتاب فيها وتم إصدارها في 24 فبراير (شباط).