تجربة ناجحة لمركز تجاري أميركي لمقاومة الركود

خدمات إضافية وتسهيلات تجذب المتسوقين

جذب مركز أميركانا في ضواحي لوس أنجليس، منذ افتتاحه في شهر مايو الماضي أكثر من 16 مليون شخص (لوس أنجليس تايمز)
TT

سيلحظ زوار مركز «أميركانا آت براند» في غليندال بعض التغييرات في المركز المبهر المقام في الهواء الطلق. فهناك أماكن مجانية لانتظار السيارات من أيام الاثنين إلى الخميس. وتقدم بعض المطاعم وجبات غذاء خاصة مجانية للأطفال. وتعلن اللافتات عن سوق مزارعين على الطراز الأوروبي الذي بدأ أمس وتعلن لافتات إعلانية كبيرة عن إيجار مجاني لوحدات سكنية فاخرة في المركز. وفي مشهد أصبح مألوفا في المراكز التجارية في جميع أنحاء البلاد، تروج نوافذ العرض في العديد من المحلات الراقية في مركز أميركانا لأحدث التخفيضات في الأسعار، مثل تلك اللافتة الموجودة خارج محل بيتر أليكساندر التي كتب عليها: «فلتهزم الركود، كل شيء هنا مجاني تقريبا!».

ويعد مركز أميركانا، الذي يضم محلات بيع ومطاعم وأماكن ترفيه بالإضافة إلى وحدات سكنية، أول مكان سكني متعدد الاستخدامات يملكه قطب المراكز التجارية ريك كاروزو. وقد افتتح المركز الذي تبلغ مساحته 15.5 فدان وتبلغ تكلفته 400 مليون دولار منذ عام في وقت كان الخطر يحيط فيه بالاقتصاد، وتعجب البعض مما إذا كان الركود سيعوق مشروعه الأكثر طموحا.

وعلى الرغم من الأوضاع الحالية، حقق مركز أميركانا، الذي افتتح منذ عام تقريبا نجاحا واضحا. ومثل «غروف»، مركز التسوق الفاخر في لوس أنجليس الذي يملكه كاروزو ايضا، غالبا ما يكون مركز أميركانا مزدحما، حيث يتجول الرواد على المساحة الخضراء المنمقة ويلتقطون صورا أمام نافورة على طراز لاس فيغاس. ومنذ تاريخ إقامة أميركانا القريب، كما يقول كاروزو، وقفت 1.5 مليون سيارة في أماكن الانتظار وسجل خروج نحو 16 مليون شخص، أو نحو 77 زيارة لكل فرد من سكانه الذين يبلغ عددهم تقريبا 207.000 ساكن.

وتعد محلات تشيز كيك فاكتوري وبينك بيري الموجودة في المركز من أفضل المحلات في هاتين السلسلتين الكبيرتين، على حد قول ممثلي شركاتهما. وتقول آمي وودز، نائبة رئيس التسويق في شركة باسيفيك ثياترس إن الإقبال على مجمع السينما قد «فاق التوقعات» وهو مستمر في الزيادة.

وقال كاروزو: «لا يمكن أن أكون أكثر سعادة لنجاح المركز». وأضاف أن الانتظار المجاني وسوق المزارعين يمثلان خدمة إضافية للعملاء، وليس استجابة لوجود مشكلات.

وليس من الواضح كيف تلعب شعبية المركز دورا بالنسبة لمحلات البيع بالتجزئة. ويقول العديد من العاملين في المحلات إن النشاط التجاري تباطأ قليلا وسط التراجع الاقتصادي، وهم قلقون من أن عروض المركز الأخرى تصرف الزوار عن الخبرات الشرائية.

وتقول جنيفر فولير، مساعدة المدير في محل فري بيبول للسيدات: «إنه يشبه ديزني لاند في عطلات نهاية الأسبوع. ويأتي الجميع إلى هنا لقيادة التروللي ورؤية النافورة، وربما لتناول الطعام، ولكن ليس للشراء».

وفي محل الأحذية الفاخرة ستيوارت فايزمان، حيث يبلغ ثمن زوج الأحذية ذات الكعب العالي عدة مئات من الدولارات، تقول كريستينا مارتيوسيان إن المحل يقدم تخفيضات على الأحذية والحقائب في محاولة لدفع عملية البيع. وتقول: «كل يوم مختلف. ففي أحد الأيام نكون مشغولين تماما، ولكن معظم الوقت تكون الحركة بطيئة. لم يكن الأمر بهذا الحجم من قبل، ونرجو أن يتحسن».

ومع اقتصاد المتسوقين، يواجه مركز أميركانا تحولا في عقلية المستهلك وهو ما يضر بصورة غير ملائمة بمحلات البيع الفاخرة. ومقارنة بأسعار المحلات متوسطة الأسعار مثل غليندال غاليريا في الشارع المقابل، تميل محلات أميركانا، مثل تيفاني أند كو وكيت سبيد وجوسي كوتور، إلى أن تكون أكبر ثمنا.

يقول ريتشارد غيس، أحد الشركاء في قسم نشاط العملاء في ديلويت آند تاتشي في لوس أنجليس: «عندما ذهبنا إلى هناك، بدت تجربة محلات البيع أقل رواجا. لا أعتقد أن المحلات في حد ذاتها أسعارها باهظة بإفراط، ولكن الجزء الذي تخصصت فيه من مجالات البيع أسوأ من أجزاء أخرى في السوق. ولا يشعر الناس حاليا بأنه من الجيد الاستعراض في الإنفاق».

وإحدى هؤلاء العملاء هي سارة كاناهواتي (37 عام).

وتذهب الأم التي العاطلة عن العمل من استوديو سيتي إلى المركز التجاري أسبوعيا من أجل سماع موسيقى حية ورحلة استمتاع باللعب مع ابنها إيثان الذي يبلغ من العمر 3 سنوات. ولكن بعد التوقف لتناول الطعام في واحد من العديد من المطاعم التي تقدم عروضا ذات وجبات مجانية للأطفال يوم الثلاثاء، نادرا ما تشتري كاناهواتي أي شيء أكثر من كتاب من مكتبة بارنز أند نوبل.

وتقول: «لا نحقق لأميركانا أي منفعة. جميع المحلات في المركز باهظة الثمن وهي رائعة عندما تكون الفترة جيدة، ولكن ليس في الوقت الذي يتسوق فيه الجميع من محلات تارغت».

ولا يشعر كاروزو بالقلق. ويقول رجل الأعمال، الذي كان رئيسا لوكالة الشرطة في لوس أنجليس سابقا الذي كون ثروته من ممتلكاته العقارية، إن هذا جزء من تصميم مركز أكبر من «مجرد وجهة للتسوق».

ويقول: «إذا أردت أن تذهب إلى مركزنا ولا تفعل شيئا سوى قراءة الجريدة أو المشي أو اللعب مع أطفالك فهذا رائع. لأنك إذا فعلت ذلك، اعلم أنك عندما تريد أن تتسوق أو تتناول عشاءك أو تشاهد فيلما، ستعود ثانية وتفعل ذلك معنا».

ويقول العديد من مديري المحلات إنه على الرغم من عدم ازدهار المبيعات، إلا أنهم يرون مستقبلا مبهرا في أميركانا.

يقول مايكل سيلستينو، نائب رئيس محلات بارنيز في نيويورك، التي تملك محل كو ـ أوب في أميركانا: «سأكون كاذبا إذا قلت إن النشاط التجاري استثنائي في شركتنا أو في أي موقع مخصص».

وقال إن هذا المحل، الذي تملكه الشركة، قد «حقق أداء أفضل من المتوسط في ما يتعلق بأربعة محلات كو ـ أوب تابعة لهم في أثناء التراجع الاقتصادي الحالي. ويخبرني حدسي بأن الأحوال الاقتصادية ستتحسن، وسنجد أن هذا الموقع بالنسبة لنا في الفئة العليا».

ويقول هارلان براتشر، الرئيس التنفيذي لشركة أرماني إكستشانج، إن محل الشركة في أميركانا سيستغرق ثلاثة أعوام ليحقق أرباحا، وهو أمر نموذجي ولكن حتى الآن كان يحقق نجاحا «قريبا من التوقعات».

وقال: «إنه أمر جيد للغاية. هل من الممكن أن يكون أفضل من ذلك؟ بالطبع، ولكننا نلقي باللوم على ذلك على الاقتصاد وليس الموقع أو التطوير».

وقال كاروزو إن عددا من المحلات التي حققت ما هو دون المطلوب كانت صغيرة نسبيا.

ويضيف كاروزو «توجد بعض المحلات الموجودة في المركز، التي لديها مشكلات تنظيمية واسعة ونحن نتأثر بها». ورفض أن يذكر شركات محددة. وأقول إنه ربما تكون هناك، أربعة إلى خمسة محلات لا تضع خطة، وإنني على علم بها، ولا تحقق الأرقام المستهدفة التي تضعها لهم الشركة، من بين الثمانين محلا. إنها مجموعة ضئيلة للغاية».

وذكر مسؤولو مدينة غيندال أن أميركانا، الذي تم افتتاحه في 2 مايو (أيار) جمع 269.605 دولارات في الربع الثاني من عام 2008، الذي انتهى في 30 يونيو (حزيران). وارتفع هذا الرقم إلى 282.027 في الربع الثالث، و330.406 في الأشهر الثلاثة الأولى، ومن بينهم موسم تسوق العطلات الحاسم.

ومن أجل بناء أميركانا، خاض كاروزو حربا استغرقت سبعة سنوات تضمنت استفتاء ضد المشروع الذي تموله شركة جنرال غروث بروبيرتيس، المالكة لغليندال غاليريا. (وقد لجأت شركة جنرال غروث إلى قانون الحماية من الإفلاس يوم الخميس في أكبر خطة لجوء إلى المادة 11 في المجال العقاري في التاريخ الأميركي) وتوصل مديرو غاليريا إلى قبول الجار الخيالي في الشارع المقابل، بل واعترفوا بأن المركز التجاري ربما يكون مستفيدا من وجوده.

وبعد افتتاح أميركانا، ارتفعت العائدات الضريبية على المبيعات في الربعين الثاني والثالث، وكانت أكثر فترات التسوق ازدحاما في المحلات، وقد سدد غاليريا 1.6 مليون دولار في ضريبة المبيعات، في انخفاض 9 في المائة عن العام السابق له.

وتقول جانيت لافيفر، مديرة التسويق في غاليريا: «لقد شهدنا مستوى محسنا من الإقبال على المركز التجاري منذ العام الماضي وأعتقد أننا نرى مباراة جيدة في التسوق تسهل من أمر كلا المركزين».

«لقد كنا قلقين منذ أعوام من تأثير وتصميم هذا الشيء، ولكننا انتقلنا إلى الأمام».

ومع عدد من العروض والمديرين ذوي الخبرات، جعل كاروزو المركز في موقف يحقق النجاح، على حد قول فيل لانزافيم، مدير خدمات التنمية في غليندال. وأضاف: «سيقول المنتقدون إنك عندما تقدم شيئا جديدا، مثل أميركانا، فإنك تقطع الكعكة إلى قطع أصغر. وفي إستراتيجية ريك، ينمو حجم الكعكة.»

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»»