سوق السيارات المستعملة في مصر يعاني ركودا بسبب الأزمة المالية

حجم التعاملات تراجع بنسبة 35%.. وتوقعات بانتعاشه مع حلول الصيف

الركود يصيب سوق السيارات المصري (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

عانى قطاع السيارات عالميا متأثرا بالأزمة المالية، التي تشعبت تأثيراتها، لتطرح عمالقة القطاع وأشهر الأسماء أرضا في أقوى الدول الصناعية، في حال لم ينجو سوق السيارات المصري من الركود الشائع. وقال عمرو مصطفى، تاجر سيارات مستعملة «اشتريت سيارتين مستعملتين، واحدة ثمنها 40 ألف جنيه (الجنيه يساوي 5.6 دولار)، والأخرى ثمنها 25 ألف جنيه، وصرفت عليهما ثمانية آلاف جنيه لتجديدهما، وعندما انتهيت كانت الأزمة المالية وصلت إلى مصر، لأجد أن السيارة الأولى سعرها أصبح لا يزيد عن 30 ألف جنيه، والثانية ثمنها أصبح 20 ألف جنيه، لذلك قررت رفع السيارتين (توقيفهما في مرآب خاص) إلى أن تتحسن الظروف». هكذا لخص مصطفى، حال السوق المصري، الذي تأثر بشكل كبير من الأزمة المالية العالمية، حيث عانى ركودا ملحوظا طال الطلب والعرض، فكل من لديه سيارة يرغب في بيعها أصبح يحجم عن مجرد عرضها للبيع، لأنه يعرف أنه سيخسر كثيرا من ثمنها، وفي الوقت نفسه قل الطلب بشكل ملحوظ. وكان الوضع في منطقة «سوق السيارات» بمدينة نصر (شرق القاهرة)، حيث يتجمع بائعو السيارات المستعملة، أصبح مختلفا عن صورته المعتادة، فقبل أشهر مضت كان يصعب المرور في تلك المنطقة، يومي الجمعة والأحد من كل أسبوع، موعد عقد السوق، بسبب كثرة السيارات المستعملة المعروضة، التي عادة ما تسد الطريق، بل ويتسابق المشترون على عرض شراء السيارات، حتى تلك التي تمر في الشارع دون أن تكن قاصدة الذهاب إلى السوق. أما الآن فالسيارات تقبع وحيدة، تنتظر مشتريا يمر قربها ليسأل عن سعرها فقط ثم يمط شفتيه ويمضي في طريقه. وأضاف مصطفى، «كنت معتادا أن أشترى السيارات المستعملة لأجددها وأعيد بيعها لأكسب بضعة آلاف من الجنيهات، إلا أن نشاطي متوقف لأني اشتريت سيارتين بنحو 70 ألف جنيه ولا أستطيع بيعهما، فكيف أخاطر بشراء سيارات أخرى». ويوضح أنه «كان يبيع السيارة المستعملة بعد أسبوعين على الأكثر من انتهائه من تجديدها، إلا أن هذه المرة الأمر يبدو صعبا، خاصة أن إحدى السيارتين سعتها اللترية 2000 سي سي، وهو ما يجعلها صعبة في البيع، نظرا لارتفاع أسعار الوقود في الفترة الأخيرة».

محمد عناني، نموذج آخر من تجار السيارات، الذين تضرروا من الأزمة المالية العالمية، الأمر الذي اضطره إلى غلق معرض السيارات الذي يملكه بضاحية المهندسين (غرب القاهرة)، على الرغم من أن لديه أربع سيارات جديدة وسيارتين مستعملتين.

ويقول عناني: «على مدار شهرين لم أقم ببيع سيارة واحدة، وتكاليف فتح المعرض مرتفعة، من إيجار وتكلفة الكهرباء، وأجور العمال والموظفين، بالإضافة إلى أني استثمرت مبلغا كبيرا تجاوز النصف مليون جنيه في شراء أربع سيارات جديدة لعرضها في المعرض (كورية وألمانية الصنع) وسيارتين مستعملتين».

ويضيف عناني، «عندما فاقت الخسارة توقعاتي أغلقت المعرض، وأسوق للسيارات الجديدة حاليا بين معارفي بعد أن خفضت من سعرها قليلا، كي لا أخسر كل شيء».

وأجمع مصطفى وعناني، على توقع أن ينتعش السوق خلال الصيف المقبل، بسبب عودة عدد كبير من المصريين العاملين بدول الخليج، وبالتالي سيضطرون إلى شراء سيارات، أو مع ظهور نتائج الثانوية العامة، التي عادة ما يصاحبها انتعاش في سوق السيارات المستعملة، حيث يكافئ الأهالي أبناءهم المتفوقين بشراء سيارات لهم.

إبراهيم مراد، محامي، أتي إلى سوق السيارات بمدينة نصر لعرض سيارته يابانية الصنع للبيع، فتح غطاء السيارة الأمامي، وجلس على مقعد بجوارها، بحثا عن قليل من أشعة الشمس الدافئة، ينتظر مشتريا يقبل بالسعر الذي يريده.

ويقول مراد: «منذ أسبوعين وأنا أعلق لافتة على السيارة أعرضها للبيع، ولكن لم يأت لي مشتري مناسب، فنصحني البعض بالذهاب لسوق السيارات في مدينة نصر لبيعها، إلا أن ما أنتظره لم يأت بعد».

ويضيف، «انتظرت منذ الساعة 10 صباحا حتى الساعة 5 مساء لكن كل من يأتي يعرض سعرا منخفضا للغاية، فسيارتي يابانية الصنع، ومصنوعة عام 2001، وكنت أطلب 55 ألف جنيه سعرا لها، إلا أن أعلى سعر عرض علي كان 42 ألف جنيه، وبالطبع لم أوافق». من جانبه، اعتبر المهندس محسن طلائع، رئيس لجنة السيارات بجهاز حماية المستهلك، وعضو شعبة السيارات بالغرفة التجارية، أن تأثيرات الأزمة المالية لم تطل بكامل قوتها على السوق النفسي، وقال: «ركود السوق الحالي سببه الحاجز النفسي لدي المشترين فقط». وأوضح أن حجم التعاملات في سوق السيارات المصري تراجع بنسبة 35 في المائة، معتبرا أنها نسبة جيدة إذا ما قورنت بدول أخرى، وقال: «المشترون في مصر نوعان، الأول عنده طلب ملح في شراء سيارة، وهذا ليس أمامه خيار آخر سوى الشراء، والنوع الثاني عنده طلب غير ملح وبالتالي لو أن الأسعار الحالية لا تناسبه يمكنه الانتظار حتى تنخفض، لو أنها انخفضت».