«سيتي سكيب أبوظبي» ينطلق اليوم في مسعى لإعادة الاعتبار للقطاع العقاري من «الموت البطيء»

الشامسي لـ «الشرق الأوسط» : عودة الروح للعقار مرهونة برفع وتيرة التمويل من البنوك

هل تنجح المعارض العقارية في إعادة الاعتبار إلى القطاع العقاري المتضرر الأكبر من الأزمة المالية العالمية؟ («الشرق الأوسط»)
TT

قبل عام تقريبا، وقبل أن تبدأ ملامح الأزمة المالية العالمية تضرب في أولى تبعاتها القطاع العقاري، كانت المعارض العقارية المتخصصة في أوج ازدهارها، وكان يكفي أن يدفع المستثمر 5 في المائة من قيمة أي مشروع، ليجد تنافسا كبيرا من المصارف على تمويل بقية قيمة الوحدة السكنية، إلا أن هذا الازدهار العقاري أصبح من الماضي، وسيتعين على الراغبين في شراء وحدة سكنية في معرض «سيتي سكيب» الذي ينطلق اليوم في أبوظبي، أن يدفعوا ما بين 30 إلى 40 في المائة كدفعة أولى قبل أن تقرر البنوك تمويل استثماراتهم هذه. وتنطلق اليوم في العاصمة الإماراتية أبوظبي فعاليات معرض «سيتي سكيب أبوظبي» في أضخم دورة له مع زيادة مساحته أكثر من 30 في المائة مقارنة بدورة 2008، وبمشاركة ضخمة من شركات التطوير الكبرى بالمنطقة.

غير أن المعارض العقارية الضخمة لم تعد تأخذ الزخم الذي كانت تتلألأ فيه قبيل الأزمة المالية العالمية، التي كان القطاع العقاري أشد المتضررين من جراء تأثيرات الأزمة السلبية، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى وصف ما يحدث في القطاع العقاري من تراجع كبير بأنه يشبه «الموت البطيء».

ولم تنحصر تبعات الأزمة المالية في تصحيح قاسٍ لأسعار الوحدات العقارية في الإمارات العربية المتحدة، بل تعدتها إلى عزوف من المصارف عن تمويل شراء هذه الوحدات، وهو ما تسبب في اختلال كبير للعرض مقابل الطلب.

ويقول لـ«الشرق الأوسط» صلاح سالم بن عمير الشامسي رئيس اتحاد الغرف التجارية الصناعية في الإمارات العربية المتحدة، إن عملية عودة القطاع العقاري خلال هذه المرحلة «عملية غير واضحة المعالم»، ويعتقد الشامسي أنه في غياب آليات التمويل العقاري من قبل البنوك «من الصعب الحديث عن عودة الروح للقطاع العقاري». ويشير الشامسي إلى أن وتيرة التمويل العقاري انخفضت إلى أدنى مستوياتها، «فإذا علمنا أن القطاع العقاري يعتمد على المستثمرين الصغار، وهؤلاء لن يحظوا بتمويل من قبل البنوك، فإننا سنعي كيف هو حجم المشكلة». ويضيف رئيس اتحاد الغرف الإماراتية بُعدا آخر للعقبات التي تعجل بعودة النشاط إلى القطاع العقاري، بقوله: «فإذا أضفنا إلى شح التمويل العقاري، ارتفاع أسعار الفائدة على الراغبين في هذا التمويل، سيكون النشاط العقاري أمام عقبات كبيرة حتى يعود إلى نشاطه السابق أو حتى جزء منه». لكن صلاح الشامسي يبدي تفاؤلا من أن الربع الثالث من العام الجاري سيغير من الصورة التي تتعامل بها البنوك مع عمليات التمويل العقاري، «الربع الثالث سيشهد عودة شهية الإقراض، بعد أن يكون القطاع البنكي قد امتص الصدمة التي أحدثها انهيار القطاع العقاري في الولايات المتحدة، سيكونون أنهوا مراجعاتهم للقروض السابقة، عندها ستبدأ وتيرة الإقراض بالعودة إلى سابق عهدها.. بالتأكيد بعد وضع شروط جديدة». من جهته يقول يوسف النويس، العضو المنتدب لشركة المعبر العقارية، إن الأوضاع الراهنة للاقتصاد العالمي تفرض على شركات التطوير العقاري تبني إطار عمل أكثر مسؤولية واستدامة، «وهذا ما قمنا بالتركيز عليه منذ اللحظات الأولى لتأسيس الشركة. لهذا فإننا نحرص من خلال النهج الذي نتبناه على تلبية احتياجات المجتمعات المحلية للدول التي نقوم بالاستثمار فيها في المقام الأول، الأمر الذي ساهم بالطبع في المحافظة على النمو المستمر الذي استطعنا تحقيقه حتى الآن».

وسوف يجمع معرض «سيتي سكيب» الذي سيستمر حتى يوم الأربعاء المقبل تحت سقفه المستثمرين والمهندسين والمصممين والمطورين والهيئات الحكومية وكبار صانعي القرار المعنيين بتصميم وبناء المشاريع العقارية في القطاعين العام والخاص. وسيقوم مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني بالكشف في المعرض عن مشروع العاصمة الجديدة الضخم الذي سيمتد على مساحة 4500 هكتار، ليكون مركزا حكوميا واقتصاديا، حيث تم التخطيط للمشروع ليكون مدينة مستدامة متعددة الاستخدامات تتسع لـ370 ألف نسمة، إضافة إلى ضم كبرى الجامعات والمستشفيات وقطاعات التوظيف المعرفية والمباني الاتحادية والسفارات والمؤسسات الدولية. وحتى ننظر إلى نصف الكأس الممتلئ، وفيما الأزمة المالية العالمية تضرب قطاع العقار في المنطقة، فإن إمارة أبوظبي تواصل المضي قدما في إقامة مشاريع تنموية طموحة بقيمة إجمالية تصل إلى 208 مليارات دولار، في إشارة إلى أنها غير متأثرة بالتباطؤ الاقتصادي العالمي. وكانت الشركة المنظمة لمعرض «سيتي سكيب» قد كشفت عن تفاصيل أكبر 10 مشروعات ستعرض في هذه الدورة، تشمل مدنا جديدة، ومنتجعات جزر، وتجمعات سكنية جديدة، ونظام سكك حديدية خفيفا.

وقال مارك جودتشايلد مدير المعرض في الشركة المنظمة: «أبوظبي ليست محصنة من الأزمة الاقتصادية العالمية، إلا أنها تمكنت بحكمة من تجنب الانكشاف الزائد أمام أسواق الإقراض العالمية والإقليمية». وأضاف قائلا: «الفارق الكبير لأبوظبي مقارنة بمدن كبيرة أخرى، أنها في الوقت الذي سيكون دخلها النفطي أقل من العوائد القياسية المحققة عام 2008، إلا أنها ظلت محافظة على قوتها المالية، وهي تمتلك صندوقا سياديا يقدر بنحو 328 مليار دولار بنهاية 2008». وقد تم تخصيص أكثر من 208 مليارات دولار كميزانيات لأكبر عشرة مشروعات أساسية طويلة الأمد في عاصمة الإمارات، سيتم عرضها في معرض «سيتي سكيب أبوظبي»، الحدث الدولي للتطوير العقاري والاستثمارات. وحددت شركة الأبحاث «بروليدز» أكبر عشرة مشروعات في أبوظبي، وهي: مدينة خليفة، وهي أكبر مشروع منفرد في العاصمة الجديدة بأبوظبي، وتبلغ ميزانية مخططها الرئيسي 40 مليار دولار، وستضم المدينة وفق الخطة جميع الوزارات الاتحادية ومكاتب الحكومة المحلية والسفارات. ومن المتوقع الانتهاء من المدينة عام 2030. كما تم البدء بالعمل على مشروع جزيرة «ياس» بميزانية تبلغ 39 مليار دولار، وهو مشروع سياحي متعدد الاستخدامات يشمل مجمعات سكنية وفنادق وشواطئ ومراسي يخوت ومحلات تجزئة وملاعب غولف وميادين فروسية. ويعادل إجمالي المساحة المطورة في الجزيرة ثلث مساحة جزيرة أبوظبي، ويبلغ حجم الحزم التي خصصت لها ميزانيات حتى الآن 3.5 مليار دولار. وتقف «بروج» العقارية وراء مشروع عقاري متعدد الاستخدامات بميزانية 24 مليار دولار في أبوظبي، ويضم 11 برجا سكنيا، ومكاتب، وأربع فنادق، ومركز تسوق. أما جزيرة السعديات فهي مشروع تطويري ضخم آخر يجري تنفيذه بميزانية تتجاوز 28 مليار دولار، ويشمل إقامة 29 فندقا، وثلاث مراسي يخوت، و8000 فيلا سكنية، وأكثر من 38000 شقة.

يضم المشروع أيضا متاحف وقاعات حفلات ومركزا للتاريخ البحري وثلاث موانئ ومنتزها وملعب غولف وناديا للسفن الشراعية. كما تم تخصيص ميزانية بمبلغ 22 مليار دولار لمشروع مدينة «مصدر» الطموح التي تعد أول مدينة في العالم خالية من الكربون والنفايات والسيارات، وهي ستعتمد على الطاقة الشمسية. ويصل حجم الحزم التي صرفت لها ميزانيات حتى الآن إلى 2.4 مليار دولار. ويجري أيضا تنفيذ مجمع شاطئ الراحة بتكلفة إجمالية تبلغ 18.5 مليار دولار، وهو مشروع سياحي آخر متعدد الاستخدامات يتضمن ردم مساحات من البحر، وسيضم 50 برجا وعددا من البنايات تستوعب نحو 120 ألف نسمة. وتخطط «إنترناشيونال كابيتال تريدينغ» في أبوظبي لمشروع مدينة متعددة الاستخدامات بميزانية تصل إلى 10 مليارات دولار، يطلق عليها مبدئيا اسم مدينة غنتوت الخضراء. يضم المشروع مراكز تجارية ومناطق سكنية ومستودعات ومناطق صناعة خفيفة. يصل إجمالي الحزم التي صرفت ميزانيات لها إلى 800 مليون دولار. أما مشروع جزيرة الريم، وهو مجمع متعدد الاستخدامات، فإن ميزانيته تصل إلى 7.8 مليار دولار، ويقع بالقرب من الجسر الذي يصل بين جزيرة الريم بمدينة أبوظبي، ويضم المشروع أبراجا عدة بارتفاع بين 40 ـ 50 طابقا تشكل الحي التجاري المركزي. كما يضم المشروع إقامة برجين بارتفاع 80 طابقا، ويستوعب المشروع نحو 80000 نسمة. مدينة محمد بن زايد التي تصل ميزانية مخططها الرئيسي إلى 6.5 مليار دولار هي مدينة جديدة أخرى تتكون من 374 مبنى سكنيا وتجاريا، إضافة إلى البنية التحتية المرتبطة بالمشروع ومرافق الترفيه. يصل إجمالي الحزم التي صرفت حتى الآن إلى 924 مليون دولار. يشترك في المرتبة العاشرة مشروعان هما مشروع السكة الحديدية الخفيفة بميزانية للمخطط الرئيسي تبلغ 3 مليارات دولار، ومشروع «إم جي إم غراند». يبلغ طول السكة الحديدية نحو 350 كيلومترا، أما مشروع «إم جي إم غراند» فسوف يضم فندقين فخمين وأكثر من 1200 غرفة، إضافة إلى مسرح يتسع لـ12000 شخص ومحلات تجارية ومطاعم ومنازل مطلة على البحر ومراسي لليخوت الخاصة. يشارك في «سيتي سكيب» أبوظبي مستثمرون من المنطقة والعالم ومطورون ومهندسون ومصممون ومسؤولون حكوميون ومشرعون قانونيون وهيئات مهنية، وذلك بهدف مناقشة تحديات الأسواق.