تكنولوجيا فيات ستظهر في سيارات كرايسلر في 18 شهرا

كرايسلر بنكهة إيطالية

TT

قبل 25 عاما، أنهت شركة «فيات» جهدها الرامي إلى تسويق سياراتها في الولايات المتحدة، وذلك عندما تم بيع آخر سيارة تحمل لوحة فيات المعروفة ـ وهي برافا سيدان عام 1983 ـ من أحد معارض السيارات. وكانت لهذه الموديلات أشكال وهياكل خارجية جذابة، كما تميزت طريقة قيادتها وتشغيلها بسرعة الاستجابة، ومع ذلك ما كان معروفا أنه لا يمكن الاعتماد على فيات.

ولكن، هذه المرة تأمل شركة السيارات الإيطالية أن تترك انطباعا مرضيا ودائما لدى المستهلكين الأميركيين بسياراتها، التي أجرت عليها تعديلات كثيرة والموفرة في استخدام الوقود، التي يمكن لها أن تظهر في خطوط التجميع الخاصة بشريكتها الجديدة كرايسلر، خلال ما لا يزيد على 18 شهرا.

وستظهر التكنولوجيا الخاصة بشركة «فيات» ـ التي امتدحها الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الخميس، في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض ـ في أنواع جديدة من سيارات كرايسلر، إذ ستوسع من تشكيلة سيارات الشركة، لتضم أنواعا صغيرة ومتوسطة الحجم. وفي الوقت نفسه، ستقدم مجموعة «فيات» على طرح القليل من سياراتها في الولايات المتحدة، ومنها سيارتها ألفا روميو، المتوفرة في أوروبا فقط حاليا.

وتعتبر هذه النقلة تحولا لشركة «فيات»، التي مرت عبر سلسلة من النجاحات والإخفاقات الكبيرة على مدار تاريخها، شأنها شأن شريكتها الجديدة شركة كرايسلر. وجدير بالذكر، أن شركة «فيات» انسحبت من سوق الولايات المتحدة خلال فترة الثمانينات، فيما بقيت سيارتها المميزة ألفا روميو لعقد آخر من الزمان، حتى تم سحبها هي الأخرى، وذلك بعد أن أطلق قائدو السيارات على تلك النوعية من السيارات (أصلح هذه السيارة مرة أخرى يا تومي)، وذلك في إشارة إلى أن هذه الماركة من السيارات تمضي الكثير من الوقت في ورشة إصلاح السيارات أكثر من الوقت الذي تمضيه على الطريق. ويقول غاريل رايس، مدير مركز أبحاث صناعة السيارات بجامعة كارديف في ويلز: «هذه السيارات بعيدة كل البعد تماما عن تلك التي كانت تباع في حقبة السبعينات، أو حتى قبل ست أو سبع سنوات ماضية». وكانت «فيات» من بين آخر شركات السيارات الكبرى التي تنضم إلى ما أسماه رايس «ثورة الجودة»، وقد ركزت انتباهها في النهاية على الجودة، بعد أن أصبح سيرجيو مارشيوني، مديرها التنفيذي عام 2004.

وبعد أن تولى مهام منصبه، تقدم مارشيوني، بصفقة لكرايسلر، كما شرع في دراسة عرض للعمليات الأوروبية والأميركية اللاتينية لشركة «جنرال موتورز».

والآن، ستعود كل من فيات وألفا روميو إلى صالات العرض من جديد في الولايات المتحدة، ولكن هذه المرة إلى جانب موديلات شركة كرايسلر، ولكن لن يمكن للمستهلكين الذين يتذكرون التصميمات صندوقية الشكل الخاصة بشركة «فيات» خلال فترة السبعينات، إدراك موديلات اليوم. وستكون أول سيارة فيات تصل إلى الولايات المتحدة هي السيارة 500، والمعروفة باسم شنكوشنتو، وهي تحديث للموديل الإيطالي الكلاسيكي خلال فترة الستينات، التي عادة ما يتم مقارنتها بالسيارة ميني كوبر باهظة الثمن، كما حققت نجاحا باهرا منذ إطلاقها في أوربا قبل عامين. وقبل أن يتم هذا، سيتعين إعادة تصميم موديلات مجموعة فيات الجديدة، لتتوافق مع معايير اختبارات التصادم في الولايات المتحدة. وبطرح السيارة 500، تأمل شركة «فيات» في اجتذاب فئة قائدي السيارات من الشباب بالمدن، فضلا عن أنها تخطط لبيعها لدى موزعي شركة «كرايسلر» في مختلف أرجاء البلاد مع حلول عام 2011، علاوة على أنها ستتجه إلى تصنيعها في مصانع «كرايسلر» في المكسيك.

ويبلغ سعر السيارة فيات 500 في أوروبا 9000 يورو تقريبا، أو 12000 دولار في المتوسط. فيما يبلغ سعر السيارة ميني كوبر التي تنتجها شركة «بي إم دبليو» 25000 دولار في الولايات المتحدة. وستعود السيارة ألفا روميو من جديد بموديلها مي تو، وهي سيارة مدمجة متاحة حاليا في السوق الأوروبية، بالإضافة إلى الموديل ميلانو، في محاولة لإحياء الاسم الذي كان معروفا خلال فترة الثمانينات والتسعينات.

وعندما تخرج شركة «كرايسلر» من الإفلاس، ستحصل شركة «فيات» بصورة أولية على حصة قدرها 20 في المائة في الشركة، بالإضافة إلى ثلاثة مقاعد في مجلس الإدارة الجديد المكون من 9 أعضاء.

وفي بيان يوم الخميس، قال مارشيوني: «نتطلع إلى طرح الإنتاج على أساس الإمكانية الضخمة التي لدى هذا التحالف، بالإضافة إلى إعادة تقديم بعض أكثر أنواعنا شعبية أمام المستهلكين في الولايات المتحدة».

ومع ذلك، يشير المسؤولون التنفيذيون بشركة «فيات» إلى أن تصنيع وبيع موديلات كرايسلر بتكنولوجية فيات ستأتي على قمة الأولويات، إذ قال أحد المسؤولين الذي أصر على عدم الكشف عن هويته نظرا إلى سياسة شركة «فيات»: «إن بيع سيارات فيات لن يأتي على حساب كرايسلر، فستشاهدون سلسلة جديدة من سيارات كرايسلر، ستقوم على تصميماتنا الخاصة، وبرامجنا، ومحركاتنا في شكل يخصها تماما بصورة حصرية».

وستكون السيارة كرايسلر سيبرينغ متوسطة الحجم، التي يتم تصنيعها في ستيرلنغ هايتس، بولاية ميتشغان، من بين الأنواع التي سيعكف مهندسو فيات على إعادة تصميمها باستخدام التكنولوجيا الخاصة بميلانو. وترى شركة «فيات» فرصا أيضا تتعلق ببيع السيارة جيب الخاصة بكرايسلر في أسواق مثل البرازيل، وروسيا، والهند، إلى جانب شاحنات دودج رام. ومن المعروف أن «فيات» لا تنتج السيارات الرياضية ذات المنافع المتعددة، أو الشاحنات التي يمكنها حمل حمولة تصل إلى طن، ومن ثم يمكن للسيارات الأميركية من نوعية جيب وشاحنات دودج أن تمثل إضافة قيمة لخط إنتاجها، إذا ما بقيت أسعار الوقود منخفضة، وعاد الطلب العالمي على السيارات كبيرة الحجم من جديد. ومع ذلك، يفرض عودة موديلات شركة «فيات» إلى الولايات المتحدة من جديد، بالإضافة إلى إعادة تصنيع سيارات كرايسلر بتكنولوجيا شركة «فيات» تحديا تسويقيا. ويقول رايس: إنه بالرغم من المديح والثناء اللذين تلقاهما البراعة التكنولوجية لشركة فيات، وسياراتها الاقتصادية في استخدام الوقود وهي الأنواع التي يفضلها الرئيس باراك أوباما، «فلا أحد يقل عمره عن الأربعين يعلم ماهية هذه السيارة، كما أنها تعتبر نوعا جديدا تقريبا في سوق السيارات».

ويتحدث مسؤولو شركة «فيات» عن هذا موضحين أن هذا من قبيل المبالغة، مضيفين أن شركة «فيات» فتحت أول صالة عرض لها في نيويورك عام 1904، أي قبل 5 أعوام بعد انقضاء خمسة أعوام على تأسيس الشركة في تورينو. كما أنها افتتحت مصنعا لتجميع أجزاء السيارات في بوغكيبسي، في نيويورك قبل الحرب العالمية الأولى.

ولطالما كانت شركة «سي إن إتش»، وهي القسم الخاص بالمعدات الزراعية الخاصة بها، التي تبيع ماركات مثل كاس ونيو هولاند، لاعبا كبيرا في السوق الزراعية الأميركية، ويوجد مقرها في شيكاغو.

كما تتوافر الأنواع الرياضية غالية الثمن لشركة «فيات» مثل فيراري وماسيراتي في الولايات المتحدة أيضا. وأفاد ريتشارد غادسيلي، الناطق باسم «فيات»: «ليس الأمر كما لو أننا سنصل إلى جزيرة إيلي، فما زالت السيارة ألفا روميو تحظى بمخزون ضخم لمحبي الماركة، كما أن الولايات المتحدة تتمتع بأكبر عدد من نوادي ملاك ألفا روميو في العالم».

ومن جديد، قد يتذكر بعض قائدي السيارات القدامى شركة «فيات» بمشكلاتها المتعلقة بالجودة، وأن يظنوا أنها تشبه الأنواع الأوروبية التي حققت إخفاقا مثل لوكار الخاصة بشركة «رينو»، ويوغو. ويوضح جون كاسيسا، من مجموعو «كاسيسا شاربيو» وهي شركة استشارات سيارات مستقلة في نيويورك: «أنه تحد هائل، فسيكون من الصعب للغاية بيع سيارات فيات إلى المشترين من كبار السن حيث إن اهتمامهم ينصب على السيارات الأميركية، فهم لا يشترون السيارات الصغيرة، كما أنهم ليست لديهم ذكريات جيدة عن الغزو السابق لفيات إلى الولايات المتحدة».

وأشار كاسيسا، إلى مع احتمالية مجابهة أنواع كرايسلر الجديدة المصنعة بتكنولوجيا فيات لشكوك، مضيفا أنه عندما يتعلق الأمر بالجدارة، فيمكن أن يستغرق تشكيل نظرة لدى السائقين سنوات إن لم يكن عقودا.

وأضاف أن بونتياك فايب التي تصنعها «جنرال موتورز» تماثل تماما السيارة تويوتا ماتريكس، ومع ذلك فإنها تقل في مبيعاتها كثيرا، رغم أن شركة «جنرال موتورز» عكفت على تحسينها طيلة الـ25 عاما الأخيرة. وقال: «إن أمام فيات الكثير كي تتجاوزه، وأنه يتعين عليها أن تبقى صبورة لكسب قلوب الأشخاص».

* خدمة «نيويورك تايمز»