منع استيراد السيارات المستخدمة.. من المستفيد؟

سـعود الأحمد

TT

لا أدري كيف تمت المواءمة بين مصالح الأطراف المتأثرة بقرار منع استيراد السيارات التي يصل تاريخ إنتاجها إلى خمسة أعوام فأكثر. وهل أُخذ بالاعتبار أن البعض خسر ثروته جراء سقوط سوق الأسهم، والبعض فقد مسكنه وتحمل ديون تستقطع أقساطها من مرتبه الشهري، والبعض أوصلته إلى مستوى الفقر. وهل استشعر مصدر القرار أن هناك أسرا سعودية دخلها يتعذر عليها معه شراء سيارات جديدة أو من ذوات الصنع الحديث. وأن غالبية المجتمع السعودي يشتري السيارات المستخدمة. وحدث ولا حرج عن فئة الشباب السعودي الذين في بداية حياتهم الوظيفية. فالشاب الجامعي المتخرج حديثا، دخله الشهري يقارب الخمسة آلاف ريال، ولذلك فهو يستفيد من تسهيلات استيراد السيارات المستوردة من الدول الصناعية، لجودة حالتها ورخص ثمنها، ولو أنها مصنوعة بعام 2004 أو 2005. فإذا كان المقصود بالمنع خشية أن تزدحم شوارعنا بالسيارات الخردة، فأعتقد أنه يمكن اتباع آليات أخرى يكون العبرة فيها، ليست فقط تاريخ الصنع وإنما بوضع عدة معايير، مثل عدد الكيلومترات والتاريخ الفعلي لشراء السيارة من المصنع، وحالة السيارة، وهل سبق أن حصل عليها حوادث وانقلابات، وهل تم استخدامها في شركات الأجرة أو المرور. وكل هذه المعلومات «بالمناسبة» يمكن التحقق منها من جهات مهنية موثوق بها بسهولة. وبالمناسبة لو ذهب أحدنا بسيارته ذات المواصفات المحلية إلى دولة متقدمة مثل أميركا، فإنه مجبر على التأمين، لكنه لن يجد من يقبل بالتأمين على سيارته بسبب نقص وسائل السلامة فيها، أو يجد من يؤمن له بشروط مجحفة وبتكاليف باهظة.

وحتى معالجة العادم المنبعث من محرك السيارة الذي يلوث البيئة، فمعظم الدول المتقدمة تفرض وجود جهاز لمعالجة العادم. ولا تسأل عن مقارنة برامج الصيانة المحلية بما هي عليه بالدول المتقدمة. فالمشتري هناك يحصل من الوكالة على برنامج متكامل لصيانة سيارته، ويحرص على الاستفادة من مميزاته أقصى استفادة ممكنة. ومن ذلك أن مالك السيارة يسلم سيارته للصيانة الدورية، ولا يذهب ليبحث عن سيارة أجرة تنقله من مركز الصيانة إلى بيته. ولكن الوكالة توفر له سيارة تدعى سيارة المجاملة يستخدمها حتى تسلم له سيارته. ولو كان هناك خلل فني فهو لا يذهب ليوصل السيارة ولكن الوكالة تحضر إلى مقر تواجده (في عمله أو سكنه) وتحضر له سيارة المجاملة محمولة (على سطحة!) وتستلم منه السيارة التي بها الخلل الفني، وعندما ينتهي إصلاح العطب يحضرونها له محمولة (أيضا) ويستلمون منه سيارة المجاملة ومن دون أن يتكلف أي جهد أو وقت!.

وانظر إلى حالة السيارات المستخدمة بالدول المتقدمة وقارنها بما عليه مثيلاتها لدينا، وستعرف الفرق. ومع ذلك فمعظم الوكالات لديها معارض تبيع فيها السيارات المستخدمة لجميع الموديلات، من دون أن تفرض عليها قيود.

وختاما... الأمل معقود في أن يراعى في قراراتنا أولوية مصلحة المواطن، وإذا كانت الجهة المعنية بصدور هذا القرار قد رجحت مصلحة وأغفلت أخرى، فلا بد من وجود جهة أخرى تعنى بموازنة المصالح الأخرى وتراعي بالدرجة الأولى مصلحة المواطن.

كاتب ومحلل مالي [email protected]