الشهرستاني لـ«الشرق الأوسط»: خطتنا زيادة إنتاج النفط العراقي إلى 6 ملايين برميل يوميا

وزير النفط العراقي: تراخيص تطوير حقول نفطية بـ50 مليار دولار قبل نهاية العام

الشهرستاني: سيشهد قطاع النفط العراقي استثمارات مهمة هذا العام (تصوير: حاتم عويضة)
TT

على الرغم من إعلان الحكومة العراقية حرصها على تنويع مصادر الدخل للاقتصاد العراقي، يبقى النفط هو المصدر الأبرز والأهم بالنسبة للعراق. ويقر المسؤولون العراقيون بأن مستوى الإنتاج النفطي في العراق دون المستوى المطلوب، خاصة مع تراجع أسعار النفط العالمية. ولفت وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني إلى أن جولتين من تراخيص تطوير الحقول النفطية في العراق ستكون قيمتها 50 مليار دولار، تمنح قبل نهاية العام لشركات دولية يتم اختيارها قريبا. وفي حوار مع «الشرق الأوسط» تحدث الشهرستاني عن خطة العراق في ما يخص الإنتاج النفطي، قائلا: «خطة الوزارة في زيادة الإنتاج من المستويات الحالية وهي حوالي 2.4 مليون برميل في اليوم إلى حوالي 6 ملايين برميل في اليوم خلال 5 إلى 6 سنوات القادمة من خلال تطوير الحقول النفطية». وأضاف: «أعلنا العام الماضي عن جولة التراخيص الأولى التي تشمل تطوير ستة حقول نفطية عملاقة منتجة في العراق والتي ستضيف حوالي مليون ونصف المليون برميل يوميا لما هو ينتج حاليا، ولقد أعلنا جولة تراخيص ثانية حوالي 10 حقول نفطية تزيد مليوني برميل يوميا، مما سيجعل مجموع الإنتاج من الحقول الحالية وجولتي التراخيص إلى 6 ملايين برميل في اليوم». ولفت إلى أن «هذا لا يمثل نهاية طموحاتنا في العراق، لدينا في العراق حوالي 80 حقلا مكتشفا، هذه الحقول التي تحدثت عنها تمثل 20 حقلا، فيبقى أكثر من 50 حقلا آخر يحتاج إلى تطوير والعراق يمكن أن يزيد قدرته الإنتاجية». وذكر أنه بالإضافة إلى الحقول المكتشفة الـ80، يوجد أكثر من 400 تركيب جيولوجي في العراق، موضحا: «نعتقد أنه سيتم اكتشاف احتياطيات أخرى كبيرة فيها، وبذلك سيكون العراق في طليعة الدول المالكة للاحتياطات النفطية والغازية والمنتجة».

وحول المسار الزمني للتراخيص المعلنة، قال الشهرستاني: «جولة التراخيص الأولى اقتربنا من نهايتها، خلال الشهرين القادمين على الشركات تقديم عروضها التي ستفتح بشكل علني أمام وسائل الإعلام وسيطلع الشعب العراقي على العروض المقدمة، وهذه المرة الأولى في حياة العراق، وهناك تنافس شفاف وعلني ولن نسمح للاعتبارات السياسية أن تلعب دورا بل مصلحة العراق». وأضاف: «جولة التراخيص الثانية ستكون في نفس الطريقة ولكن في نهاية هذا العام».

وأكد الشهرستاني أن قطاع النفط العراقي سيشهد استثمارات مهمة هذا العام، موضحا: «هناك حاجة للأموال في القطاع النفطي. فقط جولة التراخيص الأولى والثانية تحتاج إلى حوالي 50 مليار دولار لتطوير الحقول، هذا لا يشمل بناء المصافي الجديدة والمنشآت السطحية والبنى التحتية وموانئ التصدير». وأضاف: «هذه الاستثمارات لا تتوفر محليا، حتى لو توفرت نفضل أن نستخدم الأموال العراقية لبناء القطاعات التي تؤثر في حياة المواطن بشكل مباشر، مثل منظومات المياه والمستشفيات والسكك الحديدية». وتابع: «لا نريد أن نثقل البلد في استنزاف الموارد في القطاع النفطي فنحاول استقطاب الاستثمارات الأجنبية لذلك». وكان الشهرستاني من بين الوزراء المشاركين في وفد مؤتمر الاستثمار العراقي الذي عقد في لندن الأسبوع الماضي وبرئاسة نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح. وأكد الشهرستاني على أهمية المؤتمر، قائلا: «المؤتمر كان فرصة مهمة جدا في مشاركة المئات من الشركات للاطلاع على حركة الإعمار في العراق ومشاريع الدولة وإعادة بناء العراق». وأضاف: «وضحنا للشركات أن العراق يحتاج إلى إعادة بناء في كل مرافقه، ونرغب في أن نستخدم أحدث التقنيات لإعادة بناء العراق وفق المواصفات الفنية المتطورة المعتمدة في الدول الأخرى، لا نريد أن نبدأ بما كان فيه العالم قبل 20 أو 30 سنة، وإنما نريد أن نبني ما سيكون عليه العالم خلال العشر سنوات المقبلة، حتى نواكب النهضة العمرانية في مختلف المجالات». وعن اللقاءات مع الشركات البريطانية النفطية مثل «شل» و«بي بي» خلال زيارته إلى لندن، قال الشهرستاني: «كانت بي بي وشل في مقدمة الشركات التي تم تأهيلها، 120 شركة قدمت للتأهيل العام الماضي، وتم تأهيل 35 شركة منها فقط في جولة التراخيص الأولى، ثم أضيف إليها 9 شركات في جولة التراخيص الثانية». وأضاف: «هذه تشمل كبريات شركات النفط العالمي وهذه الشركات الآن حريصة جدا أن تدخل السوق العراقي وتعمل على الأرض في العراق وبالفعل لا يمر أسبوع إلا وتأتي الشركات للعراق وتذهب للحقول النفطية وتستكشف الأوضاع». ويذكر أن الميزانية المخصصة للاستثمار في النفط هي ملياران ونصف المليار لعام 2009.

وشدد الشهرستاني على حرص العراق على بناء قدرات العراقيين العاملين في القطاع النفطي. وقال: «نحن نؤكد على الشركات في أنه من المهم أن بالإضافة إلى أهمية تطوير الحقل واستثمارهم في هذا المجال، أن يستثمروا في الخدمات الاجتماعية في المنطقة التي يعملون فيها كي تجد الناس ثمرة النفط الموجود تحت الأرض قبل إنتاجه، لا بد أن تكون العلاقات مع هذا المجتمع المحروم». وأضاف أنه مطلوب من الشركات أن «يهتموا بالتنمية البشرية في المنطقة وأن يدربوا الكوادر العراقية من أبناء المنطقة وأن يستخدموا الكفاءات العراقية قبل استقدام العاملين من الخارج». وتابع: «أتوقع حال إعلان تواقيع العقود نجد العمل على الأرض».

وفي الوقت الراهن، هناك عقد واحد وقعه العراق مع الشركة الصينية «سي إن بي سي» لتطوير حقل الأحدب. وحول هذا العقد، قال الشهرستاني: «هناك عدد كبير من الصينيين وجهد كبير لتطوير الحقل يجري ليلا ونهارا». وقيمة العقد لتطوير حقل الأحدب هو 3 مليارات دولار، ومن المرتقب أن توقع الحكومة العراقي عقدا لتطوير حقل الناصرية، التي قال الشهرستاني إنه «ستكون فيه استثمارات بقيمة المليارات، والعقد سيعلن خلال أسابيع قليلة».

وحول تأثير الأزمة الاقتصادية على العراق، قال الشهرستاني: «الأزمة الاقتصادية هي أزمة حقيقية في كل دول العالم، سواء الصناعية أو النامية، والعراق ليس مستثنى من القاعدة، وقد انهارت أسعار النفط الخام من 147 دولارا للبرميل في يونيو (حزيران) الماضي إلى تقريبا 50 دولارا وكل الدول المنتجة والمصدرة للنفط تأثرت». وأضاف: «العراق كان ادخر أكثر من 20 مليار دولار العام الماضي من فوائض الصادرات النفطية، كنا في العام الماضي صدرنا أكثر مما كان مخططا في الميزانية، كان مخططا أن نصدر 1.7 مليون برميل في اليوم، ولكن معدل متوسط ما صدرناه 1.85 مليون برميل في اليوم، وكانت الأسعار أعلى بكثير مما كان مخططا، فالإيرادات كانت حوالي 62 مليار دولار وكان هناك فائض أكثر من 20 مليار دولار». ولفت إلى أن تلك الأموال ستغطي عجز الميزانية للعام الحالي مما يسمح بالإبقاء على برنامج الاستثمار في البلاد. أما ميزانية عام 2010، فقال: «نأمل أن نلمس تحسنا في أسعار النفط الخام في هذا العام وأن تعود الأسعار إلى المستويات المعقولة والأسعار الحالية غير مجزية ولا يمكن أن تستمر». وأضاف: «نحن كعضو مؤسس في منظمة أوبك نلعب دورا مع باقي المنتجين لموازنة العرض والطلب وتحديد الإنتاج للمحافظة على أسعار معقولة للنفط الخام».