أميركا: التعيينات الجديدة تحافظ على «صلابتها» رغم إعصار الركود الاقتصادي

في مقابل فقدان 4.8 مليون وظيفة في فبراير تم تعيين 4.3 مليون عامل خلال الشهر نفسه

دان غليكبيرغ نائب رئيس متجر «فايرواي ماركت» في متجر السلسلة الجديد بولاية نيوجيرسي، و الذي تم تعيين 350 موظفا فيه (نيويورك تايمز)
TT

يعلم الجميع هذه الأخبار المشؤومة، والتي تفيد بأن معدل البطالة في الولايات المتحدة قد قفز إلى 8.5%، وهو المعدل الأكبر على مدار 25 عاما، علاوة على أن هذا المعدل ماض بسرعة نحو الارتفاع. وقد فقدت البلاد أكثر من 3 ملايين وظيفة منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني). ومع ذلك، لا يعلم الجميع الجانب المشرق في هذه المعادلة، ففي قلب هذا الركود الشديد، والذي لم يسبق له مثيل منذ الكساد الكبير، ما زال هناك الملايين ممن يتم تعيينهم. وحسبما أفاد مكتب إحصاءات العمالة، ففي الوقت الذي تم فيه تسريح 4.8 مليون عامل، أو خُيّروا لترك وظائفهم في شهر فبراير (شباط)، شرع أصحاب العمل في جميع أنحاء البلاد في تعيين 4.3 مليون عامل هذا الشهر.

ويقول روبرت باربرا ـ كبير الاقتصاديين في شركة الأبحاث والتجارة «آي تي جي»ـ: «إن أفضل ما يمكنك قوله عن هذه الأرقام هو التحدث عن ديناميكية الاقتصاد الأميركي، وإن صافي العدد السلبي الذي نروج له جميعا يخفي أن 90 من كل 100 شخص ممن يعلمون أن رقم 650000 وظيفة تم خسارتها في فبراير (شباط)، يظنون أنه لا يوجد أحد تم تعيينه وأن 650000 تم فصلهم».

وفي شهر فبراير (شباط) ـ وقبل أن يشرع الاقتصاد في إظهار أولى أمارات التعافي الواهنة، حيث تم الإعلان عن 3 ملايين وظيفة في جميع أنحاء البلاد، ورغم خسارة الوظائف الجديدة التي من المحتمل الإعلان عنها يوم الجمعة ـ ما زال الإعلان عن الملايين من الوظائف الأخرى مستمرا. ما الجهات التي تشرع في الإعلان عن تعيينات جديدة؟ هي المستشفيات، والكليات، ومتاجر الخصومات، والمطاعم، وإدارات الأشغال العامة البلدية. وقد بدأت شركة «آي بي إم» في تعيين أكثر من 700 فرد بمركز خدماتها الفنية الجديد، في دوباك بولاية إيوا، في الوقت الذي أعلنت فيه كليفلاند كلينيك عن 500 وظيفة جديدة، ليس فقط للممرضات، ولكن للمساعدين بالصيدليات وإخصائيي العلاج الطبيعي. وبعد الدفع بخطة محفزات الرئيس باراك أوباما، فمن المتوقع أن تُقدِم حكومات الولايات والمحلية منها ومقاولو بناء الطرق على تعيين المزيد.

وقد عيّن زافاري شافير 72 شخصا منذ شهر فبراير (شباط) بمطعم «كولفر»، ويختص بتقديم الهامبورغر والكاسترد المثلج، والذي افتتحه هو والعديد من الشركاء في سيربرايز بولاية أريزونا.

وقال: «كان عدد المتقدمين إلى العمل والمؤهلين له مرتفعا حقا، فقبل أن نقوم بحصر الكثير من المتقدمين من خريجي المدارس العليا (الثانوية)، كان هناك الكثير من المتقدمين من ذوي الأعمار المتوسطة». وقد ظل إدي هام ـ وهو عامل بناء سابق ـ عاطلا عن العمل لخمسة شهور، في تلك الأثناء كان يقود سيارته بجانب موقع مطعم «كولفر»، الذي كان وقتها تحت الإنشاء، وتقدم هام (29 عاما) لتولي وظيفة بالمطعم، ويعمل الآن متخصص القلي بالمطعم. وقال هام، وهو بالكاد يشكو من أنه يجني حاليا عائدا يبلغ نصف ما كان يجنيه عندما كان يعمل في البناء، ويبلغ 15 دولارا في الساعة: «إنني سعيد بأنني حصلت على وظيفة، فأنا لا أريد المكوث في البيت دون عمل. وأنا لا أنظر إلى الوظيفة على أنني أجني منها 7.50 دولار، بل إنني أنظر إليها على أن لدي وظيفة في وقت كئيب كهذا، فضلا عن أنها وظيفة يمكنني أن أرتقي بها». وينصح الاقتصاديون ومستشارو الوظائف العاطلين عن العمل بأنه هناك بالتأكيد الكثير من الوظائف التي يمكن الحصول عليها، حتى إن لم يكن هناك ما يكفي من الوظائف تقريبا. ومع فقدان نحو 13.2 مليون فرد وظائفهم، يكون المعدل أربعة مواطنين وثلثا من العاطلين الأميركيين لكل وظيفة معلن عنها. ويقول أندرو سام مدير مركز دراسات سوق العمل بجامعة نورث إيسترن: «إنك تخوض أكثر من مجرد منافسة مع كل وظيفة تتقدم إليها، إلا أن واقع الأمور أن هناك الكثير عمليات التعيين التي تتم. ولن تتمكن من العثور على أي شيء ما لم تتقدم» لشغل وظيفة.

حتى إن الصناعات والمجالات التجارية التي تكبدت قدرا كبيرا من الخسائر، تُقدِم هي الأخرى على تعيين الكثيرين. وطبقا لمكتب إحصاءات العمالة، فقد عيّنت شركات الإنشاء والتعمير 366000 عامل خلال شهر فبراير (شباط)، فيما عيّن المصنعون 249000 عامل. أما تجار التجزئة فقد عيّنوا 536000 عاملا خلال نفس المدة، لكن ذلك بانخفاض قدره 25% عن شهر فبراير (شباط) الماضي. ومن المنتظر أن تحل بعض إعلانات الوظائف الجديدة الأماكن الشاغرة التي خلفها المتقاعدون، كما أن منها ما سيحل محل الموظفين المنتقلين إلى وظائف أخرى، ومع ذلك تأتي النسبة الأكبر من إعلانات الوظائف الجديدة نتيجة لعمليات التوسع، ويأتي هذا في الشركات التي ما زالت في حالة نمو، كما أن بها الكثير من المتقدمين الموهوبين. ويقول هوارد غليكبيرغ مالك شركة البقالة ذائعة الصيت في مانهاتن «فايرواي ماركت»: «من الأسهل أن تقوم بعمليات التعيين خلال الركود، إذ يكون لدينا 5 متقدمين لكل وظيفة». جدير بالذكر أن شركة «فايرواي» اتجهت إلى تعيين 350 موظفا في متجرها المفتتح قبل شهر في باراموس بولاية نيوجيرسي، وهو أول فرع للشركة يتم افتتاحه خارج ولاية نيويورك. وتخطط الشركة لزيادة عدد العاملين بنحو 1200 موظف على مدار السنتين المقبلتين، وذلك على أساس اعتزامها افتتاح متاجر جديدة في كوينز، وبلهام مانور بولاية نيويورك، وستامفورد بولاية كونيكتيكت. وأفاد غيلكبيرغ: رإن ما عليك أن تقلق بشأنه هو تعيين شخص لا يمكنه إيجاد وظيفة أفضل في الوقت الحالي، وعندما يتوصلون إلى شيء ما أفضل، يرحلون على الفور. وأنا أرغب في تعيين شخص يرغب في أن يحرز نجاحا في عمله».

وتعمد متاجر «وال مارت» ـ وهي القطاع الخاص الأكبر في البلاد ـ إلى تعيين الكثير من الموظفين أيضا، إذ تعيّن الشركة التي يعمل لديها 1.4 مليون عامل في جميع أنحاء البلاد، مئات الألوف من العاملين في كل عام نظرا إلى دورة الموظفين، كما أنها تتوقع أن تزيد من قوة عمالتها الداخلية بنحو 50000 أيضا هذا العام، والفضل في ذلك يعود إلى الخطط الرامية إلى افتتاح 150 فرعا جديدا.

* خدمة «نيويورك تايمز»