تقرير دولي: 3 تريليونات دولار من أصول وثروات العائلات الخليجية قريبة من أيادي «الجيل الحاسم»

بنك عالمي وخبير دولي لـ«الشرق الأوسط» : التداعيات الجديدة تزيد المطالب بتجاوز «التحفظات التقليدية»

TT

تزايدت وتيرة المطالب والنصائح للشركات العائلية في الخليج بضرورة الإسراع لتجاوز التحفظات التقليدية التي تمارسها إدارة تلك الشركات لتخطي التداعيات الاقتصادية الحديثة، ملمحة إلى أن قرابة 3 تريليونات دولار باتت قريبة من أيادي ما وصفته بـ«الجيل الحاسم».

ودعا بنك بيكيته السويسري في تقرير خص به «الشرق الأوسط» إلى أهمية أن تتجاوز العائلات الخليجية تحفظاتها التقليدية والتكتم المعتاد لتتسنى لها مناقشة جملة من الأسئلة المتعلقة بالتعاقب والتوريث والرقابة والحوكمة والقضايا القانونية على نحو يتسم بالصراحة والانفتاح.

ووفقا لتقديرات البنك، فإن الشركات التي تديرها أو تمتلكها عائلات خليجية تشكل أكثر من 85 في المائة من إجمالي النشاط التجاري في المنطقة، محذرة من اقتراب تلك الشركات من منعطف الأجيال الحاسم الذي بلغته نظيراتها الغربية قبل عقدين من الزمان؛ متوقعة أن ينتقل ما يقارب 3 تريليونات دولار من أصول وثروات العائلات الخليجية الرائدة إلى الجيل التالي خلال السنوات الـ 5 إلى 7 المقبلة.

ولفت التقرير إلى أن 30 في المائة فقط من الأعمال العائلية تستمر بنجاح بعد الجيل الأول، بينما تقل إلى 6 في المائة تستمر بعد الجيل الثاني، مستشهدة بأن قائمة أغنياء العالم الأخيرة لا تضم اليوم سوى 5 في المائة تقريبا من الأسماء التي احتلت القائمة في الثمانينات.

وذكر التقرير أن كثيرا من العائلات الخليجية أدركت في ظل الأجواء الاقتصادية الصعبة التي تسود العالم أن مجرد امتلاك الثروة ليس كفيلا بتحقيق نمو مجز أو حتى الحفاظ على الثروة، كاشفا أن المصارف كثيرة دأبت على مدى السنوات العشرين الماضية على توفير طيف واسع من المنتجات الفردية شكلت نوعا من الحل لتخطيط انتقال الميراث.

ويرى التقرير أن حجم وتركيبة العائلات الخليجية وميزان ثرواتها يتطلب درجة عالية من التطور يفوق ما يمكن للمنتجات الفردية أن تقدمه مفيدا أنها بحاجة إلى مشورة تتعلق بتوزيع الثروات النوعية والكمية، وباستراتيجية المحافظ الاستثمارية وبالأسواق المالية، الأمر الذي يؤكد أن الحاجة إلى مكتب عائلة لإدارة الاستثمارات والصناديق العائلية لم يعد مجرد مسألة كمالية، بل غدت استراتيجية أساسية للحفاظ على الثروة.

وشدد التقرير إلى تعقيدات المرحلة الحالية تدفع إلى ضرورة أن تدار ثروات العائلة بكفاءة عالية على يد أفضل الخبراء في هذا المجال، نظرا لأن الحفاظ على الثروات للأجيال القادمة يتطلب تخطيطا دقيقا يأخذ بعين الاعتبار احتياجات أفراد الأسرة.

ولفت البنك الذي يعتبر أول من طرح مفهوم مكتب إدارة ثروات العائلة ـ قبل حوالي جيلين تقريبا ـ إلى أن الطريقة الوحيدة للحد من خيبات الأمل الناجمة عن الأداء السلبي للأسواق المالية أو الاقتصاد تكمن في هيكلة الثروة مسبقا على نحو صارم ومستقل مستندا على 3 عناصر رئيسية هي حماية الثروات، وتنمية الأصول، والرقابة الدائمة. وتعتبر منطقة الخليج العربي من أكثر المناطق على مستوى العالم التي تتواجد بها ثروات العائلات، حيث كان لارتفاع أسعار النفط في أوائل السبعينيات دور أساسي في نمو الأعمال وازدهارها، حيث شكلت هذه الطفرة النفطية لرواد الأعمال الخليجيين حافزا لبناء ثروات هائلة خلفتها لعائلاتهم. ويدعوا تقرير «بيكيته» إلى أهمية أن يضمن استيعاب العائلة التام للهيكلية والتوجه الجديد لإدارة الثروة إلى الشعور بالطمأنينة لآليات تطور لهيكلية وفقا لسيناريوهات مختلفة محتملة قد تمر بها الأسواق المالية وأداء الاقتصاد الكلي، إذ يمكن لهذه السيناريوهات أن تختلف بشكل كبير.

وقال التقرير: «من البديهي ألا يكون هناك نجاح يذكر ما لم يتم اعتماد آلية رقابية حذرة تضمن الإشراف المستمر على أداء الأصول بما يتيح إجراء أي تعديلات ضرورية عند اللزوم، لذا يتمثل موضوع القياس والرقابة والتقييم الدقيق لأداء هذه الثروة أهمية قصوى لكشف وتفادي وقوع أي تضاربات وتقديرات ما إذا كانت هذه الأصول تعمل بالطريقة الأمثل وفقا للتوقعات والأهداف المرسومة».

أمام ذلك، ذكر لـ«الشرق الأوسط» وليد شنياره رئيس مركز الشورى لاستشارات الأعمال العائلية، ضرورة أن تتجه الشركات العائلية حاليا نحو هيكلة ووضع خطة وجدول زمني وقانوني لتداول وإدارة الثروة بين أفراد العائلة، حيث بات الوضع والتوقيت في غاية الخطورة والأهمية للتحرك العاجل.

وقال شنياره إن الجيل الثالث الذي بات قريبا من استلام زمام إدارة الثروة في الشركات العائلية في منطقة الخليج، لا بد أن يدرك الظروف القائمة حاليا وضرورة التغيير بإعادة الهيكلة وكذلك استيعاب طبيعة التطورات الجديدة.